كان يزيد بن الحكم الثقفي فارساً شاعراً خطيباً عَهِدِ له الحجاج بن يوسف الثقفي على فارس، فأتاه يودِّعه، فقال له: أنشدني -وقدَّر أنَّه يمدحه- فأنشده قصيدة يفخر فيها بنفسه وآبائه، حتى بلغ قوله:
وأبى الذي سلبَ ابنَ كِسرى رايةً
بيضاءَ تَخفِقُ كالعُقابِ الطَّائرِ
فتغيَّر وجه الحجَّاج، فلمَّا خرج أمر حاجبه أن يلحق به ويستردَّ العهد منه، وقال لحاجبه: إذا ردَّه عليك فقل له: أورثكَ أبوك مثل هذا؟! فقال له الحاجب ذلك، فقال يزيد قل للحجَّاج:
وورِثتُ جَدِّي مجدَهُ وفِعَالَهُ
وورثتَ جدَّكَ أعنُزَاً بالطَّائفِ
وله قصيدة مشهورة في ابن عمِّ له كان يحسده، منها قوله:
تُكاشِرُني كُرهاً كَأَنَّكَ ناصِحٌ
وَعَينُكَ تُبدي أَنَّ صَدرَكَ لي دَوِيْ
لِسانُكَ معسولٌ وَغَيبُكَ عَلقَمٌ
وَشَرُّكَ مَبسوطٌ وَخَيرُكَ مُلتَويْ
أَراكَ إِذا لَم أَهوَ أَمراً هَويتَهُ
وَلَستَ لِما أَهوى مِنَ الأَمرِ بِالهَوِيْ
عَدُوُّكَ يَخشى صَولَتي إِنْ لَقيتُهُ
وَأَنتَ عَدُوِّي لَيسَ ذاكَ بِمُستَويْ
تَملَّأتَ مِن غَيظٍ عَلَيَّ فَلَم يَزَل
بِكَ الغَيظُ حَتّى كِدتَ في الغَيظِ تَنشَوي
جَمَعتَ وَفُحشاً غِيبَةً وَنَميمَةً
خِلالاً ثَلاثاً لَستَ عَنها بِمُرعَويْ
(تُكاشِرُني: تبتسم لي).