هذا الشطر لبيت من قصيدة لبشار بن برد، حيث تقول القصة إن عابراً سأل بشار الأعمى عن عنوان معين، فأخذ بشار يشرح له الطريق للوصول إلى هذا العنوان، لكن الغريب لم يستوعب المكان، فما كان من بشار الا ان اخذ بيده وقاده في الطرقات وهو يردد هذا البيت:
أعمى يقود بَصِيرا لا أبا لكم
قد ضَل من كانت العميان تهديه.
مع الأسف هذا البيت ينطبق على البعض ممن يقودوننا في العالم العربي. محلياً اتذكر هذا البيت كلما رأيت تصرفات بعض المسؤولين او المشرعين في مجلس الامة وتخبطهم، وكأنه لا يوجد في هذا البلد من يميز الطريق السليم من الغلط، او يفقه في القانون، لذلك نجد كثيراً من القرارات تنقضها المحاكم: إما لعدم دستوريتها، او مخالفتها للقانون، او الخطأ في إجراءات صدورها، وآخرها الحكم بنقض قانون زيادة أسعار البنزين وسحب او إسقاط جنسية احمد الجبر مع وجود جيش من القانونيين في «الفتوى والتشريع» والعديد من المستشارين القانونيين، ولا يفوتني في هذا المجال القصور في التشريع الذي أدى الى ابطال مجلس الامة عدة مرات، والخطأ بإلغاء عقد الداو وما ترتب عليه من غرامة بالغة ومجمع الغاز والمولدات المستعملة وعقد شِل والمكافآت المليونية لبعض الجهات، كلها أمور تندرج تحت بند اعمى يقود بَصِيرا فهلا فتحتم عيونكم؟ خصوصا ان الحال غير الحال والمال غير المال ودولة الرفاه الى زوال.
***
قابلته فجأة بجانب باب السفارة في لندن يلبس بنطلونا اخضر وجاكيتاً أحمر وقميصا لا اعرف لونه، قصة شعره غريبة، وينتعل نعال حمام. وبالمجمل كأنه أراجوز يتكلم بالتلفون بلهجة قطعاً ليست كويتية. ركبت معه المصعد وهو يواصل الحديث مع شخص آخر ويتكلم عن احدى غزواته الغرامية من دون تحفظ وكأنني لا أقف بجانبه، حين أقفل التلفون دفعني الفضول وحب الاستطلاع فسألته هل انت كويتي؟! أجابني بلهجة جافة: إلا؟
لم افهم تلك الـ «إلا»، وهل هي نعم ام لا، ولم أعد السؤال عليه كي لا يغلط علي، حين فُتح الباب توجه اولا الى المكتب الصحي في وزارة الدفاع، سألت رجلا في الاستقبال عن هذا المخلوق فقال انه كويتي ويتردد يومياً عليهم، أسفت كثيراً وتساءلت كيف يسمح له ان يسافر وهو بهذه الهيئة كي يشوه بلداً يتميز شعبه بحسن المظهر ودماثة الخلق.
رجاء للمكاتب الصحية قبل ان تعطي المريض تذاكر السفر ان تعطيه نشرة صغيرة عن احوال البلد الذي سيغادر اليه، وان تحثه ان يكون سفيراً لبلاده في حسن مظهره وملبسه.
د. صلاح العتيقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق