الأعرابي في مجلس الخليفة عبدالملك بن مروان
- منقول للفائده
دخل أعرابي على عبدالملك بن مروان فمدحه فأعجبه،
فقال: من أنت يا أعرابي؟
فقال: من عُذْرَة،
فقال: أولئك أفصحُ الناس، فهل تعرفُ أهجى بيتٍ في الإسلام؟
قال: نعم، قولُ جرير:
فَغُضَّ الطَّرفَ إنّك من نُمَيرٍ
فلا كعبًا بَلَغْتَ ولا كِـــــلابا
فقال: أحسنت. فهل تعرفُ أمدَحَ بيت قيل في الإسلام؟
قال: نعم، قولُ جرير:
ألَسْتُم خيرَ منْ ركبَ المطايا
وأنْدى العالمينَ بطـــونَ راحِ
فقال: أحسنت يا أعرابي، فهل تعرفُ أرقَّ بيتٍ قيلَ في الإسلام؟
قال: نعم، قولُ جرير:
إنّ العيونَ التي في طَرفها حور
قَتَلْنَنا ثــــــم لــــــــم يُحيينَ قَتْلانا
قال: أحسنتَ يا أعرابي.
فهل تعرفُ جريرًا؟
قال: لا والله، وإني إلى رؤيته لمشتاق.
فقال: هذا جرير، وهذا الأخطل، وهذا الفرزدق. فأنشأ الأعرابي يقول:
فحيّا الإلهُ ... أبا حَرزةٍ
وأرغَمَ أنفَكَ يا أخْــــطَلُ
وجَدُّ الفرزدق أتْعِسْ به
ودَقَّ خَياشِيمَه (1) الجَنْدَلُ
فقال الفرزدق:
يا أرغم الله أنفًا أنتَ حــــــــاملُهُ
يا ذا الخَنا ومقالِ الزُّورِ والخَطَلِ
ما أنتَ بالحَكَم التُّرْضى حُكُــــومتُهُ
ولا الأصيلِ ولا ذي الرأيِ والجَدَلِ
وقال الأخطل:
يا شَرَّ مَن حَمَلَتْ ساقٌ على قَدَمٍ
ما مِثْلُ قولكَ في الأقوام يُحتَمَلُ
إنّ الحكومة ليست في أبيك ولا
في معشرٍ أنتَ منهم إنهم سَفِلُ
فقام جرير مُغضبًا وهو يقول :
شَتمْتُما قائلًا بالحقِّ مهتــــــــديًا
عند الخليفةِ والأقـــــوالُ تنتَضِلُ
شَتَمْتُماه على رَفْعي ووَضْعِكــما
لا زلتُما في إنحطاط أيُّها السَّفلُ
ثم وثب جرير، فقبل رأس الأعرابيّ وقال: يا أمير المؤمنين، جائزتي له. وكانت خمسةَ عشرَ ألفًا في كل سنة، فقال عبد الملك: وله مثلُها من مالي. فأعطاه إياها.
المصدر :
كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان
(سبط ابن الجوزي)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق