السبت، 11 نوفمبر 2023

قصيدة. من الفصحى. إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ ضُمِّنا

 إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ ضُمِّنا


هدية لأسرة الفصيح


يا مَن بِمَغدى الشَّمسِ أَو بِمَراحِها=أَو مَن يَكونَ بِقرنِها المُتنازِحِ


قُل لِلقَوافِل وَالغزيِّ إِذا غَزَوا=وَالباكِرينَ وَلِلمُجِدِّ الرَّائِحِ


إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ ضُمِّنا=قَبراً بمَرو عَلى الطَّريقِ الواضِحِ


فَإِذا مَرَرتَ بِقَبرِهِ فَاعقِر بِهِ=كُومَ الهِجانِ وَكُلَّ طِرفٍ سابِحِ


وَاِنضَح جَوانِبَ قَبرِهِ بِدِمائِها=فَلَقَد يَكونُ أَخا دَمٍ وَذَبائِحِ


وَاظهَر بِبِزَّتهِ وَعَقدِ لوائِهِ=وَاِهتِف بدَعوة مُصلتينَ شَرامِحِ


آبَ الجُنودَ مُعقِّباً أَو قافِلاً=وَأَقامَ رَهنَ حفيرَةٍ وَضَرائِحِ


وَأَرى المَكارِمَ يَومَ زيلَ بِنَعشِهِ=زالَت بِفَضلِ فَضائِلٍ وَمَدائِحِ


وَخَلَت مَنابِرُهُ وَحُطَّ سُروجُهُ=عَن كُلِّ سَلهَبَةٍ وَطِرفٍ طامِحِ


وَكَفى لَنا حَزَناً بِبَيتٍ حَلَّهُ=أُخرى المنونَ فَلَيسَ عَنهُ بِبارِحِ


رَجَفَت لِمَصرَعِه البِلادُ فَأَصبَحَت=مِنّا القُلوبُ لِذاكَ غَيرَ صَحائِحِ


وِإِذا يُناحُ عَلى اِمرئٍ فَتَعلَّمن=أَنَّ المُغيرَةَ فَوقَ نَوحِ النائِحِ


يَبكي المُغيرَةَ دينُنا وَزَمانُنا=وُالمُعوِلاتُ بِرَنَّةٍ وَتَصايُحِ


ماتَ المُغيرَةُ بَعدَ طولِ تَعَرُّضٍ=لِلقَتلِ بَينَ أَسنَّةٍ وَصفائِحِ


وَالقَتلُ لَيسَ إِلى القِتال وَلا أَرى=حَيّاً يُؤَخِّرُ لِلشَّفيقِ النّاصِحِ


لِلَّهِ دَرُّ مَنيَّةٍ فاتَت بِهِ=فَلَقَد أَراهُ يَرُدُّ غَربَ الجامِحِ


هَلا أَتَتهُ وَفَوقَهُ بِزّاتُهُ=يَغشى الأَسِنَّةَ فَوقَ نَهدٍ قارِحِ


في جَحفَلٍ لَجِبٍ تَرى أَعلامَهُ=مِنهُ تُعَضِّلُ بِالفَضاءِ الفاسِحِ


يَقصُ السُّهولَةَ وَالحُزونَةَ إِذا غَدا=بِزهاءِ أَرعَنَ مِثلِ لَيلٍ جانِحِ


وَلَقَد أَراهُ مُجَفِّفاً أَفراسُهُ=يَغشى مَراجِحَ في الوَغا بِمراجِحِ


فِتيانُ عادِيَةٍ لَهُمُ مَرَسُ الوَغى=سَنّوا بِسُنَّةٍ مُعلِمينَ جَحاجِحِ


لَبِسوا سَوابِغَ في الحُروبِ كَأَنَّها=غُدُرٌ تحَيِّرُ في بُطونِ أَباطِحِ


وَإِذا الضِّرابُ عَنِ الطعانِ بَدا لَهُم=ضَرَبوا بمُرهَفَةِ الصُّدورِ جَوارِحِ


لَو عِندَ ذَلِكَ قارَعَتهُ منيّةٌ=لحمى الحِواءَ وَضَمَّ سَرحَ السّارِحِ


كَنتَ الغياثَ لِأَرضِنا فَتَرَكتَنا=فَاليَومَ نَصبِرُ لِلزَّمانِ الكالِحِ


الآنَ لَمّا كُنتَ أكملَ من مَشى=وَاِفتَرَّ نابُكَ عَن شَباةِ القارِحِ


وَتكامَلَت فيكَ المُروءَةُ كُلُّها=وَأَعَنتَ ذَلِكَ بِالفَعالِ الصّالِحِ


فَاِنعَ المُغيرَةَ لِلمُغيرَةِ إِذ غَدَت=شَعواءَ مُجحِرَةً لِنَبحِ النّابِحِ


صَفّانِ مُختَلِفانِ حينَ تَلاقَيا=آبوا بوَجه مُطَلِّقٍ أَو ناكِحِ


وَمُدَحّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ=شاكِيَ السِّلاح مُسايفٍ أَو رامِحِ


قَد زارَ كَبشٌ كَتيبَةً بِكَتيبَةٍ=يردي لِكَوكَبِها بِرأَسٍ ناطِحِ


غَيرانَ دونَ حَريمه وَتِلاده=حامي الحَقيقَةِ لِلعدوّ مُكافِحِ


سَبَقَت يَداكَ لَهُ بِعاجِلٍ طَعنَةٍ=شَهَقَت لمنفذها أصولٌ جوانِحِ


وَالخَيلُ تَعثُر في الدِّماءِ وقَد جَرى=فَوقَ النُّحور دِماؤُها بِسرائِحِ


فَتَلهَفي لَهفي عَلَيهِ كُلَّما=خيفَ الغِرار عَلى المُدَرِّ الماسِحِ


تَشفي بِحلمِكَ لابنِ عَمُكَ جَهلَهُ=وَتُرُدُّ عَنهُ كِفاحَ كُلِّ مُكافِحِ


وإِذا يَصولُ بِك ابنُ عَمِّكَ لَم يَصُل=بِمواكِلٍ وَكَلٍ غَداةَ تَجايُحِ


صِلٌّ يَموتُ سليمهُ قَبل الرُّقى=وَمخاتِلٌ لِعَدوّهِ بِتَصافُحِ


وَإِذا الأُمورُ عَلى الرِّجالِ تَشابَهَت=فَتَوَزَّعَت بِمَغالِقٍ وَمَفاتِحِ


فَتَلَ السَّحيلَ بِمُبرَمٍ ذي مرَّةٍ=دونَ الرِّجالِ بِفَضلِ عَقلٍ راجِحِ


وَأَرى الصَّعالِكَ بِالمُغيرَةِ أَصبَحَت=تَبكي عَلى طَلقِ اليَدينِ مُسامِحِ


كانَ الرَّبيع لَهُم إِذا انتَجَعوا النَّدى=وَخَبَت لَوامِعُ كُلِّ بَرقٍ لامِحِ


مَلكٌ أَغَرُّ مُتَوَّجٌ يَسمو لَهُ=طَرفُ الصَّديقِ وَغُضَّ طَرف الكاشِحِ


دَفّاعُ أَلويَةِ الحُروبِ إِلى العِدى=بِسُعودِ طَيرِ سَوانِحٍ وَبَوارِحِ


كانَ المُهَلّبُ بِالمُغيرَةِ كَالَّذي=أَلقى الدِّلاءَ إِلى كفيتٍ مائِحِ


فَأَصابَ جُمّة مُستَقى فَسَقى لَهُ=في حَوضِهِ بِنَوازِعٍ وَمَواتِحِ


أَيام لَو يَحتَلُّ وَسطَ مَفازَةٍ=فاضَت معاطِشُها بِشربٍ سائِحِ


إِنَّ المهالِبَ لا يَزالُ لَهُمُ فَتىً=يَمري قَوادِمَ كُلِّ حَربٍ لاقِحِ


بِالمُقرَباتِ لَواحِقاً أَقرابُها=تَجتابُ عَرضَ سَباسِبٍ وَصَحاصِحِ


تُردي بِكُلِّ مُدَجّجٍ ذي نَجدةٍ=كَالأُسدِ بَينَ عَرينِها المُتناوِحِ


مُتَلَبِّبَاً تَهفو الكَتائِبُ حَولَهُ=مُلحَ البُطونِ مِن النَّضيحِ الرَّاشِحِ


يا عينُ فَاِبكي ذا الفِعالِ وَذا النَّدى=بِمَدامِعٍ سَكبٍ تَجيءُ سَوافِحِ


وَابكيهِ في الزَّمَنِ العُثور لكلِّنا=وَلِكُلِّ أَرمَلَةٍ وَرَهبٍ رازِحِ


فَلَقَد فَقَدتِ مُسَوِّداً ذا نجدَةٍ=كَالبَدرِ أَزهَرَ ذا جَداً وَنوافِحِ


كانَ المَلاكَ لدينِنا وَرَجائِنا=وَملاذَنا في كُلِّ خَطبٍ فادِحِ


فَمَضى وَخَلَّفنا لِكُلِّ عَظيمَةٍ=وَلِكُلِّ أَمرٍ ذي زَلازِلَ جامِحِ


ما قُلتُ فيكَ فَأَنتَ أَهلُ مَقالَتي=بَل قد يُقصِّرُ عَنكَ مَدحُ المادِحِ


القصيدة لزياد الأعجم مولى عبد القيس يرثي فيها المغيرة بن المهلب بن أبيصفرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...