التّاجر العراقي والشّاعر مسكين الدّارمي
روى ابن حجّة الحموي في كتابه "ثمرات الأوراق"، وأبو الفرج الأصفهاني فيكتابه الشهير "الأغاني"، أن تاجرا عراقيا قَدِمَ إلى المدينة المنورة يَحمِلُ خُمُرِاعراقيّة (جمع خمار) ذات ألوان مختلفة، فَباعها كُلَّها إلا ذات الخمر السّوداء،فغضب التاجر وشكا إلى الدارِمي ذلك، والدارمي هو ربيعة بن عامر التميمي،المعروف بــمسكين الدَّارمي، وهو أحد سادة قبيلة بني دارم الّتي كانت تُوجد فيالعراق في عهد الدولة الأمويّة، والتي برز فيها شعراء مُجيدون، أشهرهمالفرزدق.
واشتهر الدّارمي باسم مسكين بسبب بيت شعر ألقاه قائلا فيه:
"أنا مسكين لمن أنكرني
ولمن يعرفني جدّ نطق"
فقال تعاطف الدارمي مع التّاجر، وكان قَد نَسكَ وتَعبَّدَ، فنظم أبياتا
أنشدت في المدينة،
قل للمليحة في الخمار الأسود * ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمّر للصلاة ثيابه * حتى قعدت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه * لا تقتليه بحق دين محمد
فشاعَ الخبرُ أنَّ الدارِمي رَجعَ عَن زُهدِه وعاد إلى مجونه وعشقَ صاحِبةَ الخِمارِالأسود، فتسابقت النّسوة ليكنّ تلك المليحة، وَلم يَبقَ في المدينة المنوّرة فتاة أوسيّدة، إلّا واشترت لها خماراً أسود. فلمّا باع التاجر صاحب الخمر كلّ ما كانمعه رَجعَ الدارمي إلى تَعَبُّدِه وعَمدَ إلى ثِيابِ نُسكِه فَلَبِسَها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق