الجمعة، 11 أغسطس 2023

قصة الخليفة. عمر و الشاعر جرير

 لمّا استخلف عمر بن عبد العزيز جاءه الشعراء فجعلوا لا يصلون إليه؛ فجاء عونبن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود و عليه عمامة قد أرخى طرفيها فدخل؛ فصاح بهجرير:

يا أيّها القارئ [1] المرخى عمامته‌

هذا زمانك إنّي قد مضى زمني‌

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه‌

أنّي لدى الباب كالمصفود في قرن‌

قال: فدخل على عمر فاستأذن له، فأدخله عليهو قد كان هيأ له شعرا، فلما دخلعليه غيّره و قال:

إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا

من الخليفة ما نرجو من المطر

نال الخلافة إذ كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر

أ أذكر الجهد و البلوى التي نزلت‌

أم تكتفي بالذي بلّغت من خبري‌

ما زلت بعدك في دار تعرّفني [2]

قد طال بعدك إصعادي و منحدري‌

لا ينفع الحاضر المجهود بادينا

و لا يجود لنا باد على حضر

كم بالمواسم من شعثاء أرملة

و من يتيم ضعيف الصوت و البصر

يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به‌

خبلا من الجنّ أو مسّا من النّشر [3]

ممّن يعدّك تكفي فقد والده‌

كالفرخ في العشّ لم ينهض و لم يطر

قال: فبكى عمر ثم قال: يا ابن الخطفى، أ من أبناء المهاجرين أنت فنعرف لكحقّهم، أم من أبناء الأنصار فيجب لك ما يجب لهم، أم من فقراء المسلمين فنأمرصاحب صدقات قومك فيصلك بمثل ما يصل به قومك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ماأنا بواحد من هؤلاء، و إني لمن أكثر قومي مالا، و أحسنهم حالا، و لكنّي أسألكما عوّدتنيه الخلفاء: أربعة آلاف درهم و ما يتبعها من كسوة و حملانفقال لهعمر: كلّ امرئ يلقى فعله، و أمّا أنا فما أرى لك في مال اللّه حقّا، و لكن انتظر،يخرج عطائي، فأنظر ما يكفي عيالي سنة منه فادّخره لهم، ثم إن فضل فضلصرفناه إليكفقال جرير: لا، بل يوفّر أمير المؤمنين و يحمد و أخرج راضيا؛ قال:فذلك أحبّ إليّ؛ فخرجفلما ولّى قال عمر: إن شرّ هذا ليتّقى؛ ردّوه إليّ، فردّوهفقال: إن عندي أربعين دينارا و خلعتين إذا غسلت إحداهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...