أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
*
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
٢
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا
*
مُنذُ ابتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
٣
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا
*
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
٤
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
*
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ ووَدَّعوا
٥
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني حَسْرَةً
*
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
٦
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
*
وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
٧
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
*
فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
٨
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
*
وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
٩
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
*
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
١٠
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
*
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
١١
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
*
سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
١٢
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
*
بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
١٣
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
*
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
١٤
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
*
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
١٥
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
*
جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
١٦
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
*
عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
١٧
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
*
مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
١٨
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
*
واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
١٩
فَلَبِثنَ حينًا يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
*
فَيَجِدُّ حينًا في العِلاجِ وَيَشمَعُ
٢٠
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
*
وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
٢١
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
*
شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
٢٢
فَافتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ
*
بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
٢٣
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ نُبَايعٍ
*
وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
٢٤
وَكَأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ وَكَأَنَّهُ
*
يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
٢٥
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
*
في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
٢٦
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الضـ
*
ـضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
٢٧
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
*
حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
٢٨
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسًّا دونَهُ
*
شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
٢٩
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
*
في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
٣٠
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَامتَرَسَت بِهِ
*
عَوْجَاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
٣١
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
*
سَهمًا فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
٣٢
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغًا
*
عَجِلًا فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
٣٣
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيًّا مِطحَرًا
*
بِالكَشحِ فَاشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
٣٤
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ
*
بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
٣٥
يَعثُرنَ في عَلَقِ النَّجِيعِ كَأَنَّما
*
كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
٣٦
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
*
شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
٣٧
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
*
فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
٣٨
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ
*
قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
٣٩
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ
*
مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
٤٠
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ
*
أَولى سَوابِقَها قَريبًا توزَعُ
٤١
فانْصَاعَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
*
غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
٤٢
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما
*
بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
٤٣
يَنهَسنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي
*
عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
٤٤
حَتّى إِذا ارتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
*
مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
٤٥
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا
*
عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
٤٦
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ
*
بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
٤٧
ففَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ
*
سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
٤٨
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ
*
بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
٤٩
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
*
مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
٥٠
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
*
مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
٥١
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
*
حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
٥٢
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
*
بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
٥٣
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما استُكرِهَت
*
إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
٥٤
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِئٍ
*
كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
٥٥
بَينَنا تَعَانُقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ
*
يَومًا أُتيحَ لَهُ جَريءٌ سَلفَعُ
٥٦
يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ
*
صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
٥٧
فَتَنَازَلا وَتَواقَفَت خَيلاهُما
*
وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
٥٨
يَتَنَاهَبَانِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ
*
بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
٥٩
وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ
*
عَضبًا إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
٦٠
وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ
*
فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
٦١
وَعَلَيهِما مَاذِيَّتَانِ قَضاهُما
*
داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
٦٢
فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ
*
كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
٦٣
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ
*
وَجَنى العَلاءَ لَو انَّ شَيئًا يَنفَعُ
بصوت
https://youtu.be/pag7LR4alqg?si=ctsD5Zvwi_jZDO-V