الجمعة، 3 مارس 2023

قصيدة أبو ذؤيب الهذلي. قالت. أوميمة

أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ

*

وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

٢

قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا

*

مُنذُ ابتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ

٣

أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا

*

إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ

٤

فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ

*

أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ ووَدَّعوا

٥

أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني حَسْرَةً

*

بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ

٦

وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ

*

وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ

٧

سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ

*

فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

٨

فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ

*

وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ

٩

وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ

*

فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ

١٠

وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها

*

أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ

١١

فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها

*

سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ

١٢

حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ

*

بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ

١٣

وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ

*

أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ

١٤

وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها

*

فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ

١٥

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ

*

جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ

١٦

صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ

*

عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ

١٧

أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ

*

مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ

١٨

بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ

*

واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ

١٩

فَلَبِثنَ حينًا يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ

*

فَيَجِدُّ حينًا في العِلاجِ وَيَشمَعُ

٢٠

حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ

*

وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ

٢١

ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ

*

شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ

٢٢

فَافتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ

*

بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ

٢٣

فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ نُبَايعٍ

*

وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ

٢٤

وَكَأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ وَكَأَنَّهُ

*

يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ

٢٥

وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ

*

في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ

٢٦

فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الضـ

*

ـضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ

٢٧

فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ

*

حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ

٢٨

فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسًّا دونَهُ

*

شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ

٢٩

وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ

*

في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ

٣٠

فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَامتَرَسَت بِهِ

*

عَوْجَاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ

٣١

فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ

*

سَهمًا فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ

٣٢

فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغًا

*

عَجِلًا فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ

٣٣

فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيًّا مِطحَرًا

*

بِالكَشحِ فَاشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ

٣٤

فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ

*

بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ

٣٥

يَعثُرنَ في عَلَقِ النَّجِيعِ كَأَنَّما

*

كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ

٣٦

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ

*

شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ

٣٧

شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ

*

فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ

٣٨

وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ

*

قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ

٣٩

يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ

*

مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ

٤٠

فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ

*

أَولى سَوابِقَها قَريبًا توزَعُ

٤١

فانْصَاعَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ

*

غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ

٤٢

فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما

*

بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ

٤٣

يَنهَسنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي

*

عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ

٤٤

حَتّى إِذا ارتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً

*

مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ

٤٥

فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا

*

عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ

٤٦

فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ

*

بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ

٤٧

ففَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ

*

سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ

٤٨

فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ

*

بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ

٤٩

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ

*

مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ

٥٠

حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ

*

مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ

٥١

تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها

*

حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ

٥٢

قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها

*

بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ

٥٣

تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما استُكرِهَت

*

إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ

٥٤

مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِئٍ

*

كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ

٥٥

بَينَنا تَعَانُقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ

*

يَومًا أُتيحَ لَهُ جَريءٌ سَلفَعُ

٥٦

يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ

*

صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ

٥٧

فَتَنَازَلا وَتَواقَفَت خَيلاهُما

*

وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ

٥٨

يَتَنَاهَبَانِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ

*

بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ

٥٩

وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ

*

عَضبًا إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ

٦٠

وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ

*

فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ

٦١

وَعَلَيهِما مَاذِيَّتَانِ قَضاهُما

*

داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ

٦٢

فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ

*

كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ

٦٣

وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ

*

وَجَنى العَلاءَ لَو انَّ شَيئًا يَنفَعُ


بصوت 

https://youtu.be/pag7LR4alqg?si=ctsD5Zvwi_jZDO-V

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...