الخميس، 14 نوفمبر 2024

قصة ابن مقله. ليس بعد اليمين لـذة عـيش

 




ما سئمت الحياة لكن توثّ

قت بأيمانهم فبانت يميني  

بعت ديني لهم بدنياي حـتـى

حرموني دنياهم بعد دينـي  

ولقد حطت ما استطعت بجهدي  

حفظ أرواحهم فما حفظوني  

ليس بعد اليمين لـذة عـيش  

يا حياتي بانت يميني فبينـي  


بلغني وأنا في طبريّة هذا العام هلاك إبن مقلة الوزير أبي عليّ محمد بن عليّ بن حسن الكاتب صاحب الخطّ المنسوب، وقد وزر للخلفاء غير مرّة ثم قطع يده ولسانه، وسجن حتى هلك وله ستون سنة. وممّا شاع أن سبب موت ابن مقلة، أنه أشار على الراضي بمسك ابن رائق فبلغ ابن رائق ذلك، فحبس ابن مقلة ثم أخرج وقطعت يده فكان يشد القلم عليها ويكتب ويتطلب الوزارة أيضاً ويقول: إن قطع يده لم يكن في حد ولم يعقه عن عمله. ثم بلغ ابن رائق دعاؤه عليه وعلى الراضي فقطع لسانه وحبس إلى أن مات في أسوأ حال ودفن مكانه، ثمّ نبشه أهله فدفنوه في مكان آخر، ثمّ نبش ودفن في موضع ثالث. فمن الاتفاقات الغريبة أنه ولي الوزارة ثلاث مرات لثلاثة خلفاء: المقتدر والقاهر والراضي، وسافر ثلاث مرات ودفن ثلاث مرات. وقيل إنه أقام في الحبس مدة طويلة ثم لحقه ذرب، ولم يكن له من يخدمه، فكان يستقي الماء لنفسه من البئر فيجذب بيده اليسرى جذبة وبفمه جذبة. وممّا أحفظه له بيتاه السائران: 


وإذا رأيت فتى بأعلـى رتـبة  

في شامخ من عزّة مترّفع

قالت لي النفس العروف بقدرها

ما كان أولاني بهذا الموضـع  



( ابن مقله الوزير)

تحالف الناس والزمان ... فحيث كان الزمان كانوا

عاداني الدهر نصف يومٍ ... فانكشف الناس لي وبانوا

يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان ابن مقلة وزيرا لبعض الخلفاء فزور عنه يهودي كتابا إلى بلاد الكفار وضمنه أمورا من أسرار الدولة ثم تحيل اليهودي إلى أن وصل الكتاب إلى الخليفة فوقف عليه وكان عند ابن مقلة حظية هويت هذا اليهودي فأعطته درجا بخطه فلم يزل يجتهد حتى حاكى خطه ذلك الخط الذي كان في الدرج فلما قرأ الخليفة الكتاب أمر بقطع يد ابن مقلة وكان ذلك يوم عرفة وقد لبس خلعة العيد ومضى إلى داره وفي موكبه كل من في الدولة فلما قطعت يده وأصبح يوم العيد لم يأت أحد إليه ولا توجع له ثم اتضحت القضية في أثناء النهار للخليفة أنها من جهة اليهودي والجارية فقتلهما أشر قتلة ثم أرسل إلى ابن مقلة أموالا كثيرة وخلعا سنية وندم من فعله واعتذر إليه فكتب ابن مقلة على باب داره يقول ;


تحالف الناس والزمان ... فحيث كان الزمان كانوا

عاداني الدهر نصف يوم ... فانكشف الناس لي وبانوا

يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان


ثم أقام بقية عمره يكتب بيده اليسرى


قال علي بن مقلة

اذا اشتملت على الياس القلوب 

وضاق لمابه الصــدرالرحيب

واوطـنـت المكــاره واطـمانـت

وارسـت في اماكنـها الخطـوب

ولم تر لانكشـاف الضـر وجــهــا

ولا اغـنى بحيـلتــه الاريـب

اتاك على قنوطــك منـه غـــوث

يمـن بــه القريب المستجيب

و كــل الحــادثات وان تناهـت

فـموصـول بهــا فـرج قريـب

قصيدة جرير أمام عبد العزيز

إِنَّ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً

جَعَلَ الخِلافَةَ في الإِمامِ العادِلِ

وَلَقَد نَفَعتَ بِما مَنَعتَ تَحَرُّجاً

مَكسَ العُشورِ عَلى جُسورِ الساحِلِ

قَد نالَ عَدلُكَ مَن أَقامَ بِأَرضِنا

فَإِلَيكَ حاجَةُ كُلِّ وَفدٍ راحِلِ

إِنّي لَآمُلُ مِنكَ خَيراً عاجِلاً

وَالنَفسُ مولَعَةٌ بِحُبِّ العاجِلِ

وَاللَهُ أَنزَلَ في الكِتابِ فَريضَةً

لِاِبنِ السَبيلِ وَلِلفَقيرِ العائِلِ


الاثنين، 11 نوفمبر 2024

قصيدة. . سألت الندى و الجود حران أنتما

 قيل: إن شاعرا قصد خالد بن يزيد، فأنشده شعرا يقول فيه:

سألت الندى والجود حرّان أنتما ... فقالا يقينا إنّنا لعبيد

فقلت ومن مولاكما فتطاولا ... إليّ وقالا خالد ويزيد

فقال: يا غلام أعطه مائة ألف درهم، وقل له: إن زدتنا زدناك فأنشد يقول:

كريم كريم الأمهات مهذّب ... تدفّق يمناه الندى وشمائله

هو البحر من أي الجهات أتيته ... فلجّته المعروف والجود ساحله

جواد بسيط الكف حتى لو انه ... دعاها لقبض لم تجبه أنامله

فقال يا غلام: أعطه مائة ألف درهم، وقل له إن زدتنا زدناك، فأنشد يقول:

تبرّعت لي بالجود حتى نعشتني ... وأعطيتني حتى حسبتك تلعب

وأنبتّ ريشا في الجناحين بعدما ... تساقط مني الريش أو كاد يذهب

فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مذهب

فقال يا غلام: اعطه مائة ألف درهم وقل له: إن زدتنا زدناك، فقال: حسب الأمير ما سمع، وحسبي ما أخذت وانصرف.


                                 ... نافع الكوماوي ...

السبت، 9 نوفمبر 2024

قصيدة سبيل بن سند الحربي

 فل الحجاج وخل عنك الهواجيس

كلن يموت وحاجته ماقضاهـا

واعلم تـرى الدنيـا تجـارب وتقييـس

مالك ومـال الخلـق تطلـب رضاهـا

خلـك مـع اللـي يطلبـون النواميـس

وخل النفـوس الضايعـه فـي غثاهـا

لازم محلـك فـوق روس التضاريـس

مثـل الصقور العاليـه فــي سمـاهـا

ولاصار صـدرك مثـل حر المحاميـس

دعـوه لربـك خــاب منهو نسـاهـا

يكفيـك مـن شـر الليالـي المعابيـس

ويفـرج لنفسـك همهـامـع عنـاهـا

واحذر مخاوى صاحب السـو وابليـس

واحـذر مـن الرديـان تمشـي معاهـا

ومـن لا اخـذ الدنيا بقيـس وتقيـيـس

يحصـد وياخـذ زرعهـا مـن جناهـا

يطـوى قلبـه مثـل طـي القراطيـس

ويجهل امـوره صحهـا مـن خطاهـا

ولو تطلبـه مـن غاليـات النوافـيـس

والنفـس طماعـه وتتـبـع هـواهـا

ماتاخـذ الا اللـي كتـب رب بلقـيـس

ومـاخـاب عبد طـاعـة الله بغـاهـا

خلها عليـه وخـل عنـك الوسـاويـس

يجلي عن النفس الضعيفه شقاها

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

فصول السنة سعد الذابح و سعد السعود

أسماء و معاني لفصول السنة (مثال : سعد الذابح و سعد السعود)




رم : تقويم الاجداد لفصول السنة ( مثال : سعد السعود .. وقصتها الكاملة )


معظمنا كان يسمع من اهله عندما يتصفحون الروزنامة (التقويم) في فصل الشتاء بقولهم تارة عن بداية سعد الذابح او سعد الخبايا او سعد السعود او سعد البلع

و غالبا هذه الدلالات كانت للتعبير عن شدة البرد او بدء الدفء او بدء تبرعم الأشجار.

و كثيرا منا يكتفي بالسمع دون معرفة ما هي قصة هذه السعود و ما اصل تسميتها

كنت اسمع من والدي عن قصة هذا السعد (اسم علم) الذي كان في طريقه للسفر نصحه أبوه أن يتزود بفراء وقليل من الحطب اتقاء لبرد محتمل، فلم يسمع نصيحة أبيه ظانا أن الطقس لن يتغير كثيرا أثناء رحلته، وهو في ذلك الوقت كان دافئا. ولكن ما أن بلغ منتصف الطريق إلى حيث يقصد حتى اكفهرت السماء وتلبدت بالغيوم وهبت ريح باردة وهطل مطر وثلج بغزارة و لم يكن امامه سوى ذبح ناقته و هو كل من يملك , حتى يحتمي بأحشائها من البرد القارس. لذلك ذبح الناقة (سعد الذبح) 

و بعد ان احتمى في احشائه من البرد , دب الجوع في سعد و لم يجد امامه سوى احشاء الجمل و لحمه للأكل و هكذا كان (سعد البلع)

و هذا بعد ان انتهت العاصفة و ظهور الشمس خرج سعد فرحا من مخبئه وفرحا بكتاب الحياة مجددا بسبب ذكائه (سعد السعود ) 

و حرصا منه على متابعة طريقه دون مشاكل قام بصنع معطف له من وبر الناقة و بحفظ زادا له من اللحم المتبقي من الجمل بواسطة الثلوج او طرق قديمة تقليدية لذك و هكذا كان (سعد الخبايا).


اما من الناحية الفلكية فظاهرة السعود تعود الى ما يعرف بـ خمسينية الشتاء

و هي من التسمية مدتها 50 يوما, تقسم على 4 (الذابح , البالع , السعود , الخبايا ) فيكون كل سعد مدته 12.5 يوم

الأول هو سعد الذابح:

وهي فترة الشتاء تبدأ عادة في أول شباط وتنتهي في منتصف نهار 13 شباط، أي تبلغ 12.5 يوما 

سعد بلع:

وهي فترة تبدأ عادة في النصف الثاني من يوم 13 شباط وتنتهي في 25 شباط، ويقال أنه مهما أمطرت الدنيا في هذه الفترة فإن الأرض تبتلع المطر بسرعة، وطول هذه الفترة هو أيضا 12.5 يوما .

سعد السعود: بسعد السعود بتدور الموية بالعود, والموية هي الروح والحياة، أي أنه في هذه الفترة يبدأ النسغ يسير في جذوع الشجر وأغصانه؛ وتبدأ هذه الفترة في 26 شباط وتنتهي ظهر يوم 10 آذار، أي 12.5 يوما.

سعد الخبايا: وهي فترة تبدأ ظهر يوم 10 آذار وتنتهي في 22 آذار، أي 12.5 يوما، وبذلك تنتهي خمسينية الشتاء، ويبدأ فصل الربيع.

ويقال أنه في سعد الخبايا بتطلع الحيايا(الأفاعي) وبتتفتل الصبايا.


هذه القصة لها علاقة مباشرة بالتقويم الهجري و ما يسمى منازل القمر 

ومنازل القمر هي مجموعة النجوم التي يقطعها القمر في دورة له تامة حول الأرض في 28 يوماً. ويرجع القمر عند تمام هذه الدورة إلى النجم نفسه الذي اتخذه أصلاً لحركته. وعدد منازل القمر 28 منزلاً ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها من أول ليلة يهل فيها إلى أن يكمل 28 ليلة. 

و منازل القمر هي :

1- الشرطين 2- البطين 3- الثريا 4- الدبران 5- الهقعة 6- الهنعة 7- الذراع 8- النثرة 9- الطرف 10- الجبهة 11- الزبرة 12- الصرفة 13- العواء 14- السماك 15- الغفر 16- الزبانا 17- الإكليل 18- القلب 19- الشولة 20- النعايم 21- البلدة 22- سعد الذابح 23- سعد بلع 24- سعد السعود 25- سعد الأخبية 26- المقدم 27- المؤخر 28- الرشا 

طبعا الفرق الوحيد بين القصتين هو عدم توازيهما دائما بنفس اليوم لتحديد بداية سعد الذابح و السبب يعود الى الفرق بين التقومين الهجري و الميلادي.


فيه مجموعة امثال شعبية استمدها اجدادنا من خلال تعايشهم مع البيئة

واستطاعوا ببساطتهم وحكمتهم انهم يقسموا فصول السنة وايامها حسب 

ما كانوا يعيشوها

الاثنين، 4 نوفمبر 2024

معلقة عنتر بن شداد. هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ

 

معلقة عنترة بن شداد العبسيّ


 

هَلْ  غَادَرَ  الشُّعَرَاءُ  مِنْ   مُتَـرَدَّمِ         

 أَمْ  هَلْ  عَرَفْتَ  الدَّارَ   بَعْدَ   تَوَهُّمِ

أَعْيَاكَ  رَسْمُ  الدَّارِ  لَمْ    يَتَكَلَّـمِ         

 حَتَّى  تَكَلَّمَ  كَالأَصَـمِّ  الأَعْجَـمِ

وَلَقَدْ  حَبَسْتُ  بِهَا  طَوِيلاً   نَاقَتِي          

 أَشْكُو  إلى  سُفْعٍ   رَوَاكِدِ   جثَّـمِ

يَا  دَارَ   عَبْلَـةَ   بِالجَوَاءِ   تَكَلَّمِي         

 وَعِمِّي  صَبَاحَاً  دَارَ  عَبْلَةَ  وَاسْلَمِي

دَارٌ   لآنِسَةٍ   غَضِيْضٍ    طَرْفُـهَا          

 طَوْعَ  العِناقِ  لذيـذةِ    المُتَبَسَّـمِ

فَوَقَفْتُ  فِيهَا    نَاقَتِي    وَكَأنَّـهَا          

 فَدَنٌ  لأَقْضِي   حَاجَـةَ   المُتَلَـوِّمِ

وَتَحُلُّ  عَبْلَـةُ بِالجَـوَاءِ  وَأَهْلُنَـا       

    بِالْحَـزْنِ   فَالصَّمَـانِ   فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ   مِنْ   طَلَلٍ  تَقادَمَ   عَهْدُهُ       

    أَقْوَى  وَأَقْفَـرَ   بَعْدَ   أُمِّ   الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ  بِأَرْضِ  الزَّائِرِينَ  فَأَصْبَحَتْ    

      عَسِرَاً  عَلَيَّ  طِلاَبُكِ  ابْنَـةَ  مَخْرَمِ

عُلِّقْتُهَا   عَرَضَاً   وَاقْتُـلُ    قَوْمَهَا     

     زَعْمَاً  لَعَمْرُ  أَبِيكَ  لَيْسَ   بِمَزْعَـمِ

وَلَقَدْ  نَزَلْتِ  فَلا   تَظُنِّـي   غَيْرَهُ      

     مِنِّي   بِمَنْزِلَـةِ   المُحِبِّ   المُكْـرَمِ

كَيْفَ  المَزَارُ  وَقَدْ   تَرَبَّعَ   أَهْلُهَـا     

     بِعُنَيْـزَتَيْـنِ   وَأَهْلُنَـا   بِالغَيْلَـمِ

إِنْ  كُنْتِ  أزْمَعْتِ   الفِرَاقَ   فَإِنَّمَا     

     زُمَّتْ   رِكَابُكُم   بِلَيْـلٍ   مُظْلِـمِ

مَا  رَاعَني  إلاَّ  حَمُولَـةُ   أَهْلِهَـا    

      وَسْطَ الدِّيَارِ  تَسَفُّ  حَبَّ  الخِمْخِمِ

فِيهَا  اثْنَتَانِ  وَأَرْبَعُـونَ   حَلُوبَـةً   

       سُودَاً  كَخَافِيَـةِ  الغُرَابِ  الأَسْحَمِ

إذْ  تَسْتَبِيْكَ  بِذِي  غُرُوبٍ  وَاضِحٍ    

      عَذْبٍ   مُقَبَّلُـهُ  لَذِيـذِ  المَطْعَـمِ

وَكَأَنَّمَا   نَظَرَتْ   بِعَيْنَيْ  شَـادِنٍ     

      رَشَـأٍ  مِنَ  الْغِزْلانِ  لَيْسَ   بِتَـوْأَمِ

وَكَأَنَّ   فَأْرَةَ   تَاجِـرٍ   بِقَسِيْمَـةٍ     

     سَبَقَتْ  عوَارِضَهَا  إِلَيْكَ مِنَ  الْفَـمِ

أَوْ  رَوْضَةً   أُنُفَاً   تَضَمَّنَ   نَبْتَهَـا    

      غَيْثٌ  قَلِيلُ  الدِّمْنِ  لَيْسَ   بِمُعْلَـمِ

جَادَتْ  عَلَيْـهِ كُلُّ  عَيْـنٍ  ثَـرَّةٍ       

   فَتَرَكْنَ كُـلَّ  حَدِيقَةٍ   كَالدِّرْهَـمِ

سَحَّاً   وَتَسْكَابَاً   فَكُلُّ    عَشِيَّـةٍ     

     يَجْرِي  عَلَيْهَا   المَاءُ   لَمْ   يَتَصَـرَّمِ

وَخَلاَ  الذُّبَابَ بِـهَا  فَلَيْسَ  بِبَارِحٍ      

    غَرِدَاً  كَفِعْلِ   الشَّـارِبِ  المُتَرَنِّـمِ

هَزِجَاً   يَحُكُّ ذِرَاعَـهُ   بِذِرَاعِـهِ     

     قَدْحَ المُكِبِّ  عَلَى  الزِّنَادِ  الأَجْـذَمِ

تُمْسِي  وَتُصْبِحُ  فَوْقَ  ظَهْرِ  حَشِيَّةٍ   

       وَأََبِيتُ  فَوْقَ  سَرَاةِ  أدْهَمَ  مُلْجَـمِ

وَحَشِيَّتِي سَرْجٌ  عَلَى  عَبْلِ  الشَّوَى    

     نَهْدٍ  مَرَاكِلُـهُ   نَبِيـلِ   المَحْـزِمِ

هَلْ   تُبْلِغَنِّي    دَارَهَـا   شَدَنِيَّـةٌ    

      لُعِنَتْ  بِمَحْرُومِ  الشَّرَابِ   مُصَـرَّمِ

خَطَّارَةٌ  غِبَّ  السُّـرَى   مَـوَّارَةٌٌ       

   تَطِسُ الإِكَامَ بِذَاتِ  خُـفٍّ  مِيْثَـمِ

وَكَأَنَّمَا   أَقِصَ   الإِكَامَ   عَشِيَّـةً      

    بِقَرِيبِ   بَيْنَ   المَنْسِمَيْـنِ   مُصَلَّـمِ

تَأْوِي لَـهُ قُلُصُ  النَّعَامِ كَمَا  أَوَتْ      

    حِزَقٌ   يَمَانِيَـةٌ  لأَعْجَمَ   طِمْطِـمِ

يَتْبَعْنَ   قُلَّـةَ   رَأْسِـهِ   وَكَأَنَّـهُ       

    حِدْجٌ  عَلَى  نَعْشٍ   لَهُنَّ   مُخَيَّـمِ

صَعْلٍ  يَعُودُ  بِذِي  العُشَيرَةِ   بَيْضَهُ     

     كَالعَبْدِ ذِي  الفَرْوِ  الطَّوِيلِ  الأَصْلَمِ

شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ  فَأَصْبَحَتْ    

      زَوْرَاءَ  تَنْفِرُ  عَنْ  حِيَاضِ   الدَّيْلَـمِ

وَكَأَنَّمَا  تَنْأَى  بِجَانِبِ  دَفِّهَا  الـ    

        وَحْشِيِّ مِنْ  هَزِجِ  العَشِيِّ  مُـؤَوَّمِ

هِرٍّ  جَنِيبٍ  كُلَّمَا   عَطَفَتْ   لَـهُ     

     غَضَبْى  اتَّقَاهَا   بِاليَدَيْـنِ   وَبِالفَـمِ

أَبْقَى  لَهَا  طُولُ   السِّفَارِ   مُقَرْمَدَاً      

     سَنَـدَاً  وَمِثْلَ  دَعَائِـمِ  المُتَخَيِّـمِ

بَرَكَتْ  عَلَى  مَاءِ   الرِّدَاعِ  كَأَنَّمَا       

    بَرَكَتْ  عَلَى  قَصَبٍ  أَجَشَّ  مُهَضَّمِ

وَكَأَنَّ  رُبَّـاً  أَوْ   كُحَيْلاً   مُعْقَدَاً   

       حَشَّ  الوَقُـودُ بِـهِ  جَوَانِبَ  قُمْقُمِ

يَنْبَاعُ  مِنْ  ذِفْرَى  غَضُوبٍ  جَسْرَةٍ     

     زَيَّافَـةٍ  مِثْلَ   الفَنِيـقِ   المُكْـدَمِ

إِنْ  تُغْدِفِي  دُونِي   القِنَاعَ    فإِنَّنِي      

     طِبٌّ بأخذِ  الفَـارسِ  الْمُسْتَلْئِـمِ

أَثْنِي  عَلَيَّ  بِمَا   عَلِمْتِ   فَإِنَّنِـي   

        سَمْحٌ   مُخَالَقَتِي  إِذَا  لَمْ   أُظْلَـمِ

فَإِذَا  ظُلِمْتُ  فَإِنَّ  ظُلْمِي  بَاسِـلٌ     

     مُـرٌّ  مَذَاقَتُـهُ   كَطَعْمِ   العَلْقَـمِ

وَلَقَدْ شَرِبْتُ  مِنَ  المُدَامَةِ  بَعْدَمَـا      

     رَكَدَ  الهَوَاجِرُ   بِالمَشُوفِ   المُعْلَـمِ

بِزُجَاجَةٍ   صَفْرَاءَ   ذَاتِ   أَسِـرَّةٍ    

       قُرِنَتْ  بِأَزْهَرَ  في  الشِّمَالِ  مُفَـدَّمِ

فَإِذَا  شَرِبْتُ  فإِنَّنِـي  مُسْتَهْلِـكٌ     

      مَالِي   وَعِرْضِي   وَافِرٌ   لَمْ   يُكْلَمِ

وَإِذَا صَحَوْتُ فَمَا أُقَصِّرُ  عَنْ  نَدَىً     

     وَكَمَا  عَلِمْتِ  شَمَائِلِي  وَتَكَرُّمِـي

وَحَلِيلِ   غَانِيَةٍ    تَرَكْتُ    مُجَدَّلاً    

      تَمْكُو  فَريصَتُهُ  كَشِدْقِ   الأَعْلَـمِ

سَبَقَتْ  يَدايَ لَـهُ بِعَاجِلِ  طَعْنَـةٍ       

   وَرَشَاشِ  نَافِـذَةٍ  كَلَوْنِ   العَنْـدَمِ

هَلاَّ  سَأَلْتِ  الخَيْلَ  يَا  ابْنَةَ   مَالِكٍ      

    إِنْ  كُنْتِ جَاهِلَـةً بِمَا  لَمْ   تَعْلَمِي

إِذْ  لا  أَزَالُ  عَلَى   رِحَالةِ   سَابِحٍ     

      نَهْـدٍ   تَعَاوَرُهُ   الكُمَاةُ   مُكَلَّـمِ

طَوْرَاً   يُجَـرَّدُ  لِلطِّعَانِ   وَتَـارَةً     

      يَأْوِي  إلى  حَصِدِ   القِسِيِّ   عَرَمْرِمِ

يُخْبِرْكِ  مَنْ  شَهِدَ  الوَقِيعَةَ  أَنَّنِـي   

        أَغْشَى  الوَغَى  وَأَعِفُّ  عِنْدَ  المَغْنَمِ

وَلَقَدْ   ذَكَرْتُكِ   وَالرِّمَاحُ   نَوَاهِلٌ     

      مِنِّي وَبِيضُ  الْهِنْدِ  تَقْطُرُ  مِنْ  دَمِي

فَوَدِدْتُ  تَقْبِيلَ  السُّيُـوفِ   لأَنَّهَا    

        لَمَعَتْ  كَبَارِقِ   ثَغْرِكِ  الْمُتَبَسِّـمِ

وَمُدَّجِـجٍ  كَرِهَ   الكُمَاةُ   نِزَالَـهُ    

      لا  مُمْعِنٍ  هَرَبَاً  وَلاَ    مُسْتَسْلِـمِ

جَادَتْ لَـهُ كَفِّي  بِعَاجِلِ  طَعْنَـةٍ  

         بِمُثَقَّفٍ  صَدْقِ   الكُعُوبِ   مُقَـوَّمِ

بِرَحِيبَةِ  الفَرْغَيْنِ  يَهْدِي  جَرْسُهَـا    

      باللَّيْلِ  مُعْتَسَّ   الذِّئَـابِ  الضُّـرَّمِ 

فَشَكَكْتُ  بِالرُّمْحِ  الأَصَمِّ   ثِيَابَـهُ       

   لَيْسَ  الكَرِيمُ  عَلَى  القَنَا  بِمُحَـرَّمِ

فَتَرَكْتُـهُ  جَزَرَ  السِّبَاعِ   يَنُشْنَـهُ       

    يَقْضِمْنَ حُسْنَ   بَنَانِـهِ  وَالمِعْصَـمِ

ومِشَكِّ  سَابِغَةٍ   هَتَكْتُ   فُرُوجَهَا     

     بِالسَّيْفِ  عَنْ  حَامِي  الحَقِيقَةِ   مُعْلِمِ

رَبِذٍ  يَدَاهُ  بِالقِـدَاحِ   إِذَا   شَتَـا    

      هَتَّـاكِ  غَايَاتِ  التِّجَـارِ   مُلَـوَّمِ

لَمَّا  رَآنِي  قَـدْ   نَزَلْتُ   أُرِيـدُهُ      

    أَبْدَى   نَواجِـذَهُ    لِغَيرِ    تَبَسُّـمِ

فَطَعَنْتُـهُ   بِالرُّمْحِ   ثُمَّ    عَلَوْتُـهُ      

    بِمُهَنَّدٍ   صَافِي   الحَدِيدَةِ   مِخْـذَمِ

عَهْدِي  بِـهِ  مَـدَّ  النَّهَارِ  كَأَنَّمَا    

      خُضِبَ  البَنَانُ  وَرَأُسُـهُ   بِالعِظْلِـمِ

بَطَلٍ  كَأَنَّ  ثِيَابَـهُ   في   سَرْحَـةٍ       

   يُحْذَى  نِعَالَ  السِّبْتِ   ليْسَ   بِتَوْأَمِ

يَا  شَاةَ  قَنَصٍ  لِمَنْ  حَلَّتْ   لَـهُ     

      حَرُمَتْ  عَلَيَّ   وَلَيْتَهَا  لَمْ   تَحْـرُمِ

فَبَعَثْتُ  جَارِيَتي  فَقُلْتُ  لَهَا  اذْهَبِي     

     فَتَجَسَّسِي  أَخْبَارَهَا    لِيَ   واعْلَمِي

قَالَتْ :  رَأَيْتُ  مِنَ  الأَعَادِي  غِرَّةً    

     وَالشَّاةُ  مُمْكِنَـةٌ  لِمَنْ   هُو   مُرْتَمِ

وَكَأَنَّمَا  التَفَتَتْ   بِجِيدِ   جَدَايَـةٍ     

    رَشَأٍٍ   مِنَ   الغِزْلانِ  حُـرٍّ   أَرْثَـمِ

نُبِّئْتُ  عَمْرَاً   غَيْرَ   شَاكِرِ   نِعْمَتِي   

       وَالكُفْرُ  مَخْبَثَـةٌ   لِنَفْسِ   المُنْعِـمِ

وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى    

      إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ  عَنْ  وَضَحِ  الفَمِ

في حَوْمَةِ  الْمَوْتِ  التي  لا  تَشْتَكِي    

      غَمَرَاتِها   الأَبْطَالُ   غَيْرَ   تَغَمْغُـمِ

إِذْ  يَتَّقُونَ  بِيَ  الأَسِنَّةَ  لَمْ  أَخِـمْ    

      عَنْهَا   وَلَكنِّي    تَضَايَـقَ    مُقْدَمي

ولقَدْ  هَمَمْتُ   بِغَارَةٍ   في   لَيْلَـةٍ    

      سَوْدَاءَ  حَالِكَـةٍ  كَلَوْنِ   الأَدْلَـمِ

لَمَّا  سَمِعْتُ  نِدَاءَ  مُـرَّةَ  قَدْ  عَلاَ       

   وَابْنَيْ  رَبِيعَةَ  في   الغُبَارِ   الأَقْتَـمِ 

وَمُحَلِّمٌ  يَسْعَـوْنَ  تَحْتَ   لِوَائِهِمْ     

      وَالْمَوْتُ  تَحْتَ  لِوَاءِ   آلِ   مُحَلِّمِ

أَيْقَنْتُ  أَنْ  سَيَكُون   عِنْدَ   لِقَائِهِمْ          

ضَرْبٌ  يُطِيرُ  عَنِ  الفِرَاخِ  الجُثَّـمِ

لَمَّا  رَأيْتُ  القَوْمَ  أقْبَلَ  جَمْعُهُـمْ    

       يَتَذَامَرُونَ  كَرَرْتُ   غَيْرَ    مُذَمَّـمِ

يَدْعُونَ  عَنْتَرَ   وَالرِّمَاحُ   كَأَنَّـهَا     

     أَشْطَانُ  بِئْـرٍ  في  لَبَانِ   الأَدْهَـمِ

مَا زِلْتُ  أَرْمِيهُمْ   بِثُغْرَةِ   نَحْـرِهِ     

      وَلَبَانِـهِ  حَتَّى   تَسَرْبَـلَ   بِالـدَّمِ

فَازْوَرَّ  مِنْ  وَقْـعِ  القَنَا   بِلَبَانِـهِ  

         وَشَكَا  إِلَيَّ   بِعَبْـرَةٍ   وَتَحَمْحُـمِ

لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا المُحَاوَرَةُ  اشْتَكَى  

        وَلَكانَ  لَوْ  عَلِمْ  الكَلامَ  مُكَلِّمِـي

وَلَقَدْ  شَفَى  نَفْسِي  وَأَبْرَأَ  سُقْمَهَا    

       قِيْلُ  الفَوارِسِ  وَيْكَ  عَنْتَرَ   أَقْـدِمِ

وَالخَيْلُ  تَقْتَحِمُ  الخَبَارَ   عَوَابِـسَاً     

      مِنْ  بَيْنِ  شَيْظَمَـةٍ  وَأَجْرَدَ   شَيْظَمِ

ذُلَلٌ رِكَابِي حَيْثُ  شِئْتُ  مُشَايعِي     

      لُبِّـي  وَأَحْفِـزُهُ   بِأَمْـرٍ   مُبْـرَمِ

إِنِّي  عَدَاني  أَنْ   أَزوَركِ   فَاعْلَمِي     

      مَا قَدْ عَلِمْتُ وبَعْضُ  مَا  لَمْ  تَعْلَمِي

حَالَتْ رِماحُ  ابْنَي  بغيضٍ  دُونَكُمْ     

      وَزَوَتْ جَوَانِي الحَرْبِ مَنْ  لم  يُجْرِمِ

وَلَقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ وَلَمْ  تَدُرْ    

       لِلْحَرْبِ  دَائِرَةٌ  عَلَى  ابْنَي  ضَمْضَمِ

الشَّاتِمَيْ  عِرْضِي   وَلَمْ   أَشْتِمْهُمَا     

     وَالنَّاذِرِيْنَ   إِذْا   لَقَيْتُهُمَـا   دَمـِي

إِنْ  يَفْعَلا  فَلَقَدْ  تَرَكْتُ  أَبَاهُمَـا      

     جَزَرَ  السِّباعِ وَكُلِّ  نَسْرٍ  قَشْعَـمِ

المصدر : ديوان عنترة بن شداد - تحقيق فوزي عطوي .

روجعت القصيدة حسب عدة مراجع .

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...