ما سئمت الحياة لكن توثّ
قت بأيمانهم فبانت يميني
بعت ديني لهم بدنياي حـتـى
حرموني دنياهم بعد دينـي
ولقد حطت ما استطعت بجهدي
حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لـذة عـيش
يا حياتي بانت يميني فبينـي
بلغني وأنا في طبريّة هذا العام هلاك إبن مقلة الوزير أبي عليّ محمد بن عليّ بن حسن الكاتب صاحب الخطّ المنسوب، وقد وزر للخلفاء غير مرّة ثم قطع يده ولسانه، وسجن حتى هلك وله ستون سنة. وممّا شاع أن سبب موت ابن مقلة، أنه أشار على الراضي بمسك ابن رائق فبلغ ابن رائق ذلك، فحبس ابن مقلة ثم أخرج وقطعت يده فكان يشد القلم عليها ويكتب ويتطلب الوزارة أيضاً ويقول: إن قطع يده لم يكن في حد ولم يعقه عن عمله. ثم بلغ ابن رائق دعاؤه عليه وعلى الراضي فقطع لسانه وحبس إلى أن مات في أسوأ حال ودفن مكانه، ثمّ نبشه أهله فدفنوه في مكان آخر، ثمّ نبش ودفن في موضع ثالث. فمن الاتفاقات الغريبة أنه ولي الوزارة ثلاث مرات لثلاثة خلفاء: المقتدر والقاهر والراضي، وسافر ثلاث مرات ودفن ثلاث مرات. وقيل إنه أقام في الحبس مدة طويلة ثم لحقه ذرب، ولم يكن له من يخدمه، فكان يستقي الماء لنفسه من البئر فيجذب بيده اليسرى جذبة وبفمه جذبة. وممّا أحفظه له بيتاه السائران:
وإذا رأيت فتى بأعلـى رتـبة
في شامخ من عزّة مترّفع
قالت لي النفس العروف بقدرها
ما كان أولاني بهذا الموضـع
( ابن مقله الوزير)
تحالف الناس والزمان ... فحيث كان الزمان كانوا
عاداني الدهر نصف يومٍ ... فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان ابن مقلة وزيرا لبعض الخلفاء فزور عنه يهودي كتابا إلى بلاد الكفار وضمنه أمورا من أسرار الدولة ثم تحيل اليهودي إلى أن وصل الكتاب إلى الخليفة فوقف عليه وكان عند ابن مقلة حظية هويت هذا اليهودي فأعطته درجا بخطه فلم يزل يجتهد حتى حاكى خطه ذلك الخط الذي كان في الدرج فلما قرأ الخليفة الكتاب أمر بقطع يد ابن مقلة وكان ذلك يوم عرفة وقد لبس خلعة العيد ومضى إلى داره وفي موكبه كل من في الدولة فلما قطعت يده وأصبح يوم العيد لم يأت أحد إليه ولا توجع له ثم اتضحت القضية في أثناء النهار للخليفة أنها من جهة اليهودي والجارية فقتلهما أشر قتلة ثم أرسل إلى ابن مقلة أموالا كثيرة وخلعا سنية وندم من فعله واعتذر إليه فكتب ابن مقلة على باب داره يقول ;
تحالف الناس والزمان ... فحيث كان الزمان كانوا
عاداني الدهر نصف يوم ... فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان
ثم أقام بقية عمره يكتب بيده اليسرى
قال علي بن مقلة
اذا اشتملت على الياس القلوب
وضاق لمابه الصــدرالرحيب
واوطـنـت المكــاره واطـمانـت
وارسـت في اماكنـها الخطـوب
ولم تر لانكشـاف الضـر وجــهــا
ولا اغـنى بحيـلتــه الاريـب
اتاك على قنوطــك منـه غـــوث
يمـن بــه القريب المستجيب
و كــل الحــادثات وان تناهـت
فـموصـول بهــا فـرج قريـب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق