الأحد، 9 يونيو 2024

سبعة تكلّموا في المهد

 سبعة تكلَّموا في المَهْد

الذين تكلَّموا في المَهْد هم:


1 -عيسى ـ عليه السلام ـ كما نصَّ عليه القرآن الكريم في سورة مريم (فَأَشَارَتْإِلَيْه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا . قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) (آية 29، 30)وفي سورة آل عمران) (إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ اللَه يُبَشُّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهاسْمُه الْمَسِيحُ عِيسَى ابْن مَرْيَم وَجِيهًا في الدُّنيا والآخرةِ ومِنْ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُالنَّاس في الْمَهْدِ وَكَهَلاً ومن الصَّالِحينَ) (آية : 45،46).


2 – صاحب جُريج العابد الذي اتُّهم بولد ليس منه، فنطق الصبي وأقرَّ بأبيهالحقيقي.


3 – رضيع تمنَّت أمه أن يكون مثل رجل وجيه مرَّ عليها، فنطق وقال: اللهم لاتجعلني مثله، وقد ورد خبرهما مُفَصَّلاً في حديث رواه البخاري ومسلم.


4 – وفي صحيح مسلم أن منهم في قصة أصحاب الأخدود صبيًا يرضعتقاعست أمه عن الوقوع في النار لتمسكها بإيمانها، فقال لها: يا أُمَّه اصبريفإنك على الحق.


5 – وفي حديث رواه البيهقي أن منهم صبيًا لماشطة لامرأة فرعون أو بنته، لماسَقَطَ مشطها من يديها، قالت: بسم الله، فأمر فرعون بإلقائها في النار، فقالرضيعها: قَعي ولا تَقَاعسي فإنا على الحق.


6 – وقيل: إن منهم شاهد يوسف الذي برَّأه من تُهمة زُلَيْخَا.


7 – وقيل إن منهم أيضًا يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ فالمجموع سبعةتكلَّموا في المَهْد.


والموثوق به منهم هم الأربعة الأولون، وفي الباقين كلام في السَّنَد أو الدلالة،وليس العلم بهم عقيدة مفروضة، فأمْرُهم إلى الله سبحانه، ذكرهم القرطبيفي تفسير آل عمران أهـ (رياض الصالحين ص 134، حياة الحيوان ج 1 ص70).

قصيدة مرثية عبد الله بن عون

 الحزن مثل الليل مضف ٍ سدوله

علي من ساعة سمعت النباء الشين

قالوا توفى تاج راس الرجوله
وقبل اتكلم حولت دمعة العين

ثم قلت وانا مندهش من يقوله
قالوا هذا الحاصل عسى ربك يعين

وضاق الفضاء والكون عرضه طوله
وللحزن في وجهي رسوم وعناوين

على الذي كل الرجال شهدوا له
بالطيب والطيب ترا ذكره يبين

بداح نتعب ما حصرنا فعوله
نادر زمانه قلتها واحلف يمين

والله ما احد مثله ولا احد ٍ بحوله
من غير قاصر فالرجال المسمين

جاله بفعل الطيب صوله وجوله
وفيه الحميا ما يجي ربعه الشين

من دون ربعه مسرجات ٍخيوله
ومن بينهم ما هوب عايش بوجهين

وهاذي طبوعه من زمان الطفوله
ورحل وهو باقي على طبعه الزين

ومثله رحيله ما يمر بسهوله
لكن حنا بالقدر دوم راضين

هذا القدر ياجب علينا قبوله
والله يعدل مايلات الموازين

وعساه فالجنه شفيعه رسوله
ويغفر ذنوبه خالق ادم من الطين

وختامها يبقى ولو غاب زوله
فالبال والضيقه تبى تاخذ سنين

والله يصبر كل من ضاق جوله
ويجبر عزانا فيه رب المصلين

موقع الشعر

قصيدة بركات الشريف يا مالك اسمع جابتي يوم او صيك

 يا مرقب بالصبح نطيت راقيك

ما واحد قبلي خبرته تعلاك

وليت ياذالدهر مأكثر بلاويك
الله يزودنا السلامة من أتلاك

ياللي على العربان عمت شكاويك
وليت يادهر الشقاء ول ماقواك

واليوم هالكانون غاد شبابيك
تلعب به الارياح من كل شباك

يامالك اسمع جايتي يوم أوصيك
واعرف ترى يابوك بآمرك وانهاك

وصية من والد طامع فيك
تسبق على الساقه لسانك لعلياك

أوصيك بالتقوى عسى الله يهديك
لها وتدركها بتوفيق مولاك

الله بحق أجدادك الغر يعطيك
مرضاته مع ما تمنيته أمناك

إحفظ دبشك الي عن الناس مغنيك
اللي إليا بان الخلل فيك يرفاك

واعرف ترى مكه ولاها بناخيك
لو تشحذه خمسة ملاليم معطاك

إجعل دروب المرجله من معانيك
واحذر تميل عن درجها بمرقاك

لا تنسدح عنها وتبغيني أعطيك
جميع ما يكفيك ماحاصل ذاك

أدب ولدك إن كان تبغيه يشفيك
واستسعفه من بعد مرباه بالاك

إما سمج واستسمجك عند شانيك
ويفر من فعله صديقك وشرواك

وإلا بعد جهله تراهو ياذيك
لو زعلت أمه لا تخليه يالاك

واحذر تضيع كل من هو ذخرفيك
معروفه لا تنساه وأوفه معرفاك

ترى الصنايع بين الأجواد تشريك
اليا طمعت بغرسها لا تعداك

واحذر سرور بغبة البحر يرميك
ولا عنده أفلس من تشكيك وإبكاك

وأوف الرجال حقوقها قبل تأتيك
لا توفيه بالقول فالحق يقفاك

وهرج النميمة والقفا لايجي فيك
وإياك عرض الغافل إياي وإياك

تبدي حديث للملأ فيه تشكيك
وتهيم عند الناس بالكذب وإشراك

ويلا نويت احذر تعلم بطاريك
كم واحد تبغى به العرف وأغواك

واحذر شماتة صاحب لك مصافيك
واليا جرى لك جاري قال لولاك

ولا تحسبن الله قطوع إيخليك
ولا تفرح ان الله على الخلق بداك

للضيف قدم له من حين يلقيك
مما تطوله يا فتى الجود يمناك

احذر تلقى الضيف مقرن علابيك
خله محب لك صديق إذا جاك

أوصيك زلات الصديق وان عثافيك
مازال يغطاها الشعر فاحتمل ذاك

راعه ولو ماشفت أنه يراعيك
عساك تكسر نيته عن معاداك

واحذر عدوك لو ظهر بيصافيك
خلك نبيه وراقبه وين ماجاك

لا تأمنه واطلب من الله ينجيك
ويكفيك ربك شر ذولا وذولاك

شفني أنا يابوك بامرك وأنهيك
عن التعرض بين الاثنين حذراك

إذا حضرت طلابة مع شرابيك
إسع لهم بالصلح واللاش يفداك

ابذل لهم بالطيب ربك ينجيك
ولا تجضع الميزان مع ذا ولا ذاك

أما الشهادة فأدها إن دعوا فيك
بين عمود الدين لاعميت أرياك

بالك تماشي واحد لك يرديك
طالع بني جنسك وفكر بممشاك

رابع أصيل في زمانك يشاكيك
لاشاف خملاتك عن الناس غطاك

وأحذرك عن طرد المقفي حذاريك
عليك بالمقبل وترك اللي تعداك

ثم إلعن الشيطان لياه يغويك
ترى ان تبعته للشرابيك وداك

وأوصيك لا تشكي علينا بلاويك
أنت السبب طرفك عيونك بيمناك

وإعرف ترى اللي واطي الفعر واطيك
ولا أنت أعز من الجماعه هذولاك

المسك يا راسي عن الذل واخطيك
واحذر تكلم يالساني حذاراك

والطف بجارك وقم من دون عانيك
وافطن لما يعنيك عن ربعه اخواك

ياذيب وإن جتك الغنم في مغاليك
فاكمن الين إن الرعايا تعداك

من أول ياذيب تفرس بأياديك
واليوم حاذيت عن الفرس عداك

ياذيب عاهدني وأعاهدك مارميك
مرميك أنا ياذيب لو زان مرماك

والنفس خالف رأيها قبل ترميك
ترى لها الشيطان يرمي بالهلاك

ومن بعد ذا لاتصحب النذل يعديك
وعن صحبة الأنذال حاشاك حاشاك

ترى العشير النذل يخلف طواريك
وأنا أرجي انك ما تجي دون أباك

والهفوه إن ماتجي دون أهاليك
ولا ظن عود الورد يثمر بتنباك

والحر مثلك يستحي يصحب الديك
وأن صاحبه عاعا معاعات الأدياك

لا تستمع قول الطرف يوم يلفيك
بالكذب يقضي حاجته كل ماجاك

من نم لك نم بك ولا فيه تشكيك
وايلاه قد أزرا رفيقك وأزراك

عندك حكى فينا وعندي حكى فيك
وأصبحت كارهنا وإحنا كرهناك

ما أخطاك ما صابك ولو كان راميك
واللي يصيبك لو تتقيت ماأخطاك

مير استمع مني عسى الله يهديك
النصح يامالك له الله مولاك

عندي مظنة ماتمثلتها فيك
واطلب لك التوفيق من عند مولاك

موقع الشعر

السبت، 8 يونيو 2024

قصص من أقوال البرامكة

[من أقوال البرامكة]

من قول يحيى بن خالد لابنه جعفر: يا بني، ما دام قلمك يرعف فامطره معروفاً.

ومن كلام جعفر: إذا أحببت إنساناً من غير سبب فارج خيره، وإذا أبغضت إنساناً من غير سبب فتوق شره.

[الرشيد يبكي على البرامكة]

قال يحيى بن سلام الأبرش، قال: حدثني أبي قال: خرج الرشيد للصيد يوماً بعدما أباد البرامكة فاجتاز بجدار خراب من جدران بني برمك فرأى لوحاً مكتوباً عليه هذه الأبيات:

يا منزلاً لعب الزمان بأهله ... فأبادهم بتفرق لا يجمع

إن الذين عهدتهم فيما مضى ... كان الزمان بهم يضر وينفع

أصبحت تفزع من رآك، وطالما ... كنا إليك من المخاوف نضرع

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقي الذين حياتهم لا تنفع

قال: فبكى الرشيد، وأقبل على الأصمعي وقال: أتعرف شيئاً من أخبار البرامكة تحدثني به؟ فقال الأصمعي: ولي الأمان.

قال: ولك الأمان.

فقال: أحدثك بشيء شاهدته بعيني من الفضل بن يحيى، وذلك أنه خرج يوماً للصيد والقنص، وهو في موكبه، إذ رأى أعرابياً على ناقة قد أقبل من صدر البرية يركض في سيره، قال: هذا يقصدني.

فقلت: ومن أعلمك؟ قال: لا يكلمه أحدٌ غيري.

فلما دنا الأعرابي ورأى المضارب تضرب والخيام تنصب والعسكر الكثير، والجم الغفير، وسمع الغوغاء والضجة، ظن أنه أمير المؤمنين، فنزل وعقل راحلته وتقدم وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

قال: الآن قاربت، اجلس.

فجلس الأعرابي فقال له الفضل: من أين أقبلت يا أخا العرب؟ قال: من قضاعة.


قال: من أدناها أم من أقصاها؟ قال: من أقصاها.

قال الأصمعي: فالتفت إلي الفضل وقال: كم من العراق إلى أرض قضاعة.؟ فقلت: ثمانمائة فرسخ.

فقال: يا أخا العرب، مثلك لم يقصد من ثمانمائة فرسخ إلى العراق إلا لشيء.

قال: قصدت هؤلاء الأماجد الأنجاد الذين قد اشتهر معروفهم في البلاد.

قال: من هم؟ قال: البرامكة.

قال الفضل: يا أخا العرب البرامكة خلق كثير، وفيهم جليل وخطير، ولكن منهم خاصة وعامة، فهلا أفردت لنفسك منهم من اخترت لنفسك وأتيته لحاجتك؟ قال: أجل! أطولهم باعاً وأسمحهم كفاً.

قال: من هو؟ قال: الفضل بن يحيى بن خالد.

فقال له الفضل: يا أخا العرب، إن الفضل جليل القدر عظيم الخطر، إذا جلس للناس مجلساً عاماً لم يحضر مجلسه إلا العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والكتاب والمناظرون للعم، أعالم أنت؟ قال: لا.

قال: أفأديب أنت؟ قال: لا.

قال: أفعارفٌ أنت بأيام العرب وأشعارها؟ قال: لا.

قال: هل وردت على الفضل بكتاب وسيلة؟ قال: لا.

فقال: يا أخا العرب غرتك نفسك، مثلك يقصد الفضل بن يحيى، وهو كما عرفتك عنه من الجلالة، بأي ذريعة أو وسيلة تقدم عليه؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما قصدته إلا لإحسانه المعروف وكرمه الموصوف وبيتين من الشعر قلتهما فيه.

فقال الفضل: يا أخا العرب أنشدني البيتين فإن كانا يصلحان أن تلقاه بهما أشرت عليك بلقائه، وإن كانا لا يصلحان أن تلقاه بهما بررتك بشيء من مالي ورجعت إلى باديتك وإن كنت لم تستحق بشعرك شيئاً. قال:أفتفعل أيها الأمير؟ قال: نعم.

قال: فإني أقول:

ألم تر أن الجود من عهد آدم ... تحدر حتى صار يملكه الفضل

ولو أن أماً قضها جوع طفلها ... ونادت على الفضل بن يحيى اغتذى الطفل

قال: أحسنت يا أخا العرب. فإن قال لك هذان البيتان قد مدحنا بهما شاعر، وأخذ الجائزة عليهما، فأنشدني غيرهما فما تقول؟ قال: أقول:


قد كان آدم حين حان وفاته ... أوصاك، وهو يجود بالحوباء

ببنيه أن ترعاهمو، فرعيتهم ... وكفيت آدم عيلة الأبناء

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل ممتحناً: هذان البيتان أخذتهما من أفواه الناس، فأنشدني غيرهما ما تقول، وقد رمقتك الأدباء بالأبصار، وامتدت الأعناق إليك، وتحتاج أن تناضل عن نفسك؟ قال:إذن أقول:

ملت جهابذ فضل وزن نائله ... ومل كاتبه إحصاء ما يهب

والله لولاك لم يمدح بمكرمة ... خلق، ولم يرتفع مجد ولا حسب

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك هذان البيتان أيضاً أخذتهما من أفواه الناس ما كنت قائلاً؟ قال: أقول:

وللفضل صولات على مال نفسه ... يرى المال منه بالمذلة والعنا

ولو أن رب المال أبصر ماله ... لصلى على مال الأمير وأذنا

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: هذان البيتان مسروقان، أنشدني غيرهما ما تقول؟ قال: إذن أقول:

ولو قيل للمعروف ناد أخا العلا ... لنادى بأعلي الصوت يا فضل يا فضل

ولو أنفقت جدواك من رمل عالج ... لأصبح من جدواك قد نفد الرمل

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: هذان البيتان مسروقان أيضاً أنشدني غيرهما ما تقول؟ قال:أقول:

وما الناس إلا اثنان: صب وباذلٌ ... وإني لذاك الصب والباذل الفضل

على أن لي مثلاً كما ذكر الورى ... وليس لفضلٍ في سماحته مثل

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: أنشدني غيرهما ما تقول؟ قال: أقول أيها الأمير:

حكى الفضل عن يحيى سماحة خالد ... فقامت به التقوى وقام به العدل

وقام به المعروف شرقاً ومغرباً ... ولم يك للمعروف بعدٌ ولا قبل

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك: قد ضجرنا من الفاضل والمفضول أنشدني بيتين على الكنية لا على الاسم ما تقول؟ قال: إذن أقول:

ألا يا أبا العباس يا واحد الورى ... ويا ملكاً خد الملوك له نعل


إليك تسير الناس شرقاً ومغرباً ... فرادى وأزواجاً كأنهم نحل

قال: أحسنت يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: أنشدنا غير الاسم والكنية والقافية.

قال: والله لئن زادني الفضل وامتحنني بعد هذا لأقولن أربعة أبيات ما سبقني إليها عربي ولا أعجمي، ولئن زادني بعدها لأجمعن قوائم ناقتي هذه وأجعلها في حر أم الفضل وأرجعن إلى قضاعة خاسراً، ولا أبالي. فنكس الفضل رأسه، وقال للأعرابي: يا أخا العرب أسمعني الأبيات الأربعة: قال: أقولك

ولائمةٍ لامتك، يا فضل، في الندى ... فقلت لها: هل يقدح اللوم في البحر

أتنهين فضلاً عن عطاياه للغنى ... فمن ذا الذي ينهى السحاب عن القطر

كأن نوال الفضل في كل بلدةٍ ... تحدر هذا المزن في مهمة قفر

كأن وفود الناس في كل وجهة ... إلى الفضل لاقوا عنده ليلة القدر

قال: فأمسك الفضل عن فيه، وسقط على وجهه ضاحكاً، ثم رفع رأسه وقال: يا أخا العرب، أنا والله الفضل بن يحيى، سل ما شئت.

فقال: سألتك بالله أيها الأمير إنك لهو؟ قال: نعم.

قال له: فأقلني.

قال: أقالك الله، اذكر حاجتك.

قال: عشرة آلاف درهم.

قال الفضل: ازدريت بنا وبنفسك، يا أخا العرب، تعطى عشرة آلاف درهم في عشرة آلاف.

وأمر بدفع المال، فلما صار المال إليه حسده وزيره الفضل، وقال: يا مولاي هذا إسراف يأتيك جلف من أجلاف العرب بأبيات استرقها من أشعار العرب فتجزيه بهذا المال؟ فقال: استحقه بحضوره إلينا من أرض قضاعة.

قال الوزير: أقسمت عليك يا مولاي إلا أخذت سهماً من كنانتك وركبته في كبد قوسك وأومأت به إلى الأعرابي فإن رد عن نفسه ببيت من الشعر، وإلا استعدت مالك، ويكون له في بعضه كفاية.


فأخذ الفضل سهماً وركبه في كبد قوسه وأومأ به إلى الأعرابي وقال له: رد سهمي ببيت من الشعر؟ فأنشأ يقول:

لقوسك قوس الجود والوتر والندى ... وسهمك سهم العز فارم به فقري

قال: فضحك الفضل وأنشأ يقول:

إذا ملكت كفي منالاً ولم أنل ... فلا انبسطت كفي ولا نهضت رجلي

على الله إخلاف الذي قد بذلته ... فلا مسعدي بخلي ولا متلفي بذلي

أروني بخيلاً نال مجداً ببخله ... وهاتوا كريماً مات من كثرة البذل

ثم قال الفضل لوزيره: أعط الأعرابي مائة ألف درهم لقصده وشعره، ومائة ألف درهم ليكفينا شر قوائم ناقته.

فأخذ الأعرابي المال وانصرف، وهو يبكي فقال له الفضل: مم بكاؤك يا أعرابي استقلالاً بالمال الذي أعطيناك؟ قال: لا، ولكني أبكي على مثلك يأكله التراب وتواريه الأرض، وتذكرت قول الشاعر محمد الهمداني:


لعمرك ما الرزية فقد مال ... ولا فرس يموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد حر ... يموت لموته خلقٌ كثير

وتوجه الأعرابي بالمال مسروراً رحمة الله عليهم أجمعين.

المكتبة الشاملة


https://shamela.ws/book/408/178#p1



معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...