السبت، 4 سبتمبر 2021

قصيدة سلام في الصحيفة من لقيط

قبل ظهور الإسلام كانت المعارك تدور سجالاً بين القبائل العربية والفرس، وكان النصر لقبيلة إياد في آخر معركة بينهما. لم يهن هذا النصر على الفرس، فأعد لهم كسرى جيشًا يقرب من ستين ألف محارب ليعيد الكرَّة.

كان لَقِيطُ بن يَعْمر الإياديّ يعمل كاتبًا في بلاط كسرى فثارت في نفسه نخوته العربية فنظم هذه القصيدة وأرسلها إلى قبيلته التي كانت تقيم في الجزيرة العربية –كما يقول ابن قتيبة- يحذرها من الغزو القادم.

يقول ابن دريد: إنه ليست هناك قصيدة تحذير نظمها العرب خير منها.

القصيدة

يادارَ عَمرةَ مِن مُحْتَلِّها الجَرَعَا

هاجَتْ ليَ الهَمَّ والأَحزَانَ والوَجَعا

يا أيُّها الراكِبُ المُزْجِي على عَجَلٍ

نَحْوَ الجَزيرَةِ مُرْتَادًا وَمُنْتَجِعا

أَبْلِغْ إيادًا وخَلِّلْ في سَراتِهِمُ

إني أرى الرأيَ إنْ لم أُعْصَ قد نَصَعا

يالَهْفَ نَفْسِيَ أنْ كانت أمورُكُمُ

شَتَّى وأَحْكَمُ أمرِ الناسِ ما اجْتَمَعا

ألا تَخافُونَ قَوْمًا لا أبا لَكُمُ

أَمْسَوا إليكُمْ كَأَمثالٍ الدَّبا سُرُعا

أبناءُ قَوْمٍ تَأوَّوكُمْ على حَنَقٍ

لا يَشْعُرُون أضَرَّ اللهُ أمْ نَفَعَا

أحرارُ فارِسَ أبناءُ المُلُوكِ لَهُم

مِنَ الجُموعِ جُمُوعٌ تَزْدَهِي القَلَعا

فَهُمْ سِراعٌ إلَيْكُمْ بين مُلتَقطٍ

شَوكًا وآخَرَ يَجْنِي الصَّاب والسَّلَعا

خُرزًا عيونُهُمُ كأنَّ لَحظهُمُ

حريقُ نارٍ تَرَى منه السنا قِطَعَا

لَو أنَّ جَمعَهُمُ راموا بِهَدَّتِهِ

شُمَّ الشَّماريخِ من ثَهلانَ لانصَدَعا

في كلِّ يومٍ يَسُنُّونَ الحِرابَ لَكُم

لا يَهْجَعُونَ إذا ما غافِلٌ هَجَعَا

لا الحَرْثُ يَشغلُهُم بل لايَرَون لهُم

من دُونِ بَيْضَتِكُمْ رِيًّا ولا شِبَعَا

وأنتُمُ تَحْرُثونَ الأرْضَ عن سَفَهٍ

في كُلِّ مُعْتَمَلٍ تَبْغُونَ مُزدَرَعا

أنتم فريقَانِ هذا لايَقومُ له

هُصْرُ اللُّيوثِ وَهذا هالِكٌ صَقَعا

وقد أظلَّكُمُ مِن شَطْرِ ثَغْرِكُمُ

هَولٌ لَهُ ظُلَمٌ تَغْشاكُمُ قِطَعا

ما لي أراكُمْ نيامًا في بُلَهْنِيَةٍ

وَقَدْ تَرونَ شِهابَ الحَرْبِ قَدْ سَطَعَا

فاشْفُوا غَليلي بِرأيٍ منْكُمُ حَسَنٍ

يُضْحي فؤادِي لهُ رَيَّانَ قَدْ نُقِعَا

صُونُوا جِيادَكُمُ واجْلُوا سُيُوفَكُمُ

وجَدِّدُوا لِلْقِسِيِّ النَّبْلَ والشِّرَعا

واشْروا تِلادَكُمُ في حِرْزِ أَنْفُسِكُمْ

وحِرْزِ نِسْوَتِكُمْ لا تَهْلِكُوا هَلَعَا

ولا يَدَعْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا لِنائِبَةٍ

كمَا تَرَكْتُمْ بِأَعْلَى بيشَةَ النَّخَعا

أّذكُوا العُيُونَ وراءَ السَّرْجِ واحترسوا

حتى تُرَى الخَيْلُ مِنْ تَعدائها رُجُعَا

فلا تَغُرَّنَّكُمْ دُنْيا ولا طَمَعٌ

لَنْ تَنْعَشُوا بِزِماعٍ ذلك الطَّمَعا

ياقومِ لا تَأْمَنُوا إن كُنْتُمُ غُيُرًا

عَلَى نِسائِكُمُ كِسْرى وما جَمَعا

هُوَ الجَلاءُ الذي يَجْتَثُّ أصْلَكُمُ

فَمَنْ رأى مِثلَ ذا رأيًا ومَن سَمِعَا

فَقَلِّدُوا أمرَكُم للهِ دَرُّكُمُ

رَحْبَ الذِّراعِ بأمرِ الحَرْبِ مُضْطَلِعَا

لامُشْرفًا إنْ رَخاءُ العَيشِ ساعَدَهُ

ولا إذا عَضَّ مكروهٌ بهِ خَشَعَا

مُسَهَّدَ النومِ تَعْنِيهِ ثُغُورُكُمُ

يَرُومُ مِنْها إلى الأَعداء مُطَّلَعَا

ما انفكَّ يَحْلِبُ درَّ الدهرِ أشطُرَهُ

يكون مُتَّبِعًا طورًا ومُتَّبَعَا

وليس يَشْغَلُهُ مالُ يُثَمِّرُهُ

عَنْكُمْ ولا وَلَدٌ يَبْغِي لَهُ الرَّفَعا

حَتَّى اسْتَمَرَّتْ على شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ

مُسْتَحْكِمَ السِّنِّ لا قَحْمًا ولا ضَرَعا

لَقَدْ بَذَلْتُ لًكُمْ نُصْحِي بلا دَخَلٍ

فاسْتَيْقِظوا إنَّ خير العِلْمِ ما نَفَعَا

هذا كِتابي إلَيْكُمْ والنَّذيرُ لَكُمْ

لِمَن رأى رأيه مِنْكُمْ وَمَنْ سَمِعَا

لَقِيط بن يَعْمُر الإيادي

الجمعة، 3 سبتمبر 2021

قصة وقصيدة. منيرة الاكلبية

 غالي

---------واليوم مطلوبهم دمه

الجميع يعرف هذان البيتين ويتغنى بهما كلا حسب اللحن والطرق الذي يعجبه ولكن الكثير لا يعرف لمن هذين البيتين المميزين.

فمنهم من نسبها للشاعر "فلاح القرقاح"، ومنهم من نسبها للشاعر "بديوي الوقداني"، وغيرهم، ولكن هذين البيتين من قصيدة كاملة للشاعرة (منيرة الأكلبية) وهذه القصيدة لها قصة كما أوردتها شاعرتها المذكورة.

تقول صاحبة القصيدة:-

إنهم كانوا ينزلون في أسفل وادي بيشة على حدود "رنية سبيع"، وكان البدو في ذلك الزمان يتنقلون من مكان إلى آخر لطلب الرعي فإذا كان المكان المراد الإنتقال إليه بعيد فإنهم يأخذون الإبل فقط ويتركون الغنم لأن الغنم لا يستطيع أن تصل إلى المكان المراد الوصول إليه في نفس الوقت، وكان في تلك السنة أن رحلوا جماعتها بالإبل وتركوها مع الغنم هي ومن معها، وكان من عادة أهل البادية إذا كان سيغادر أحدهم مدة من الزمن أن يوصي من يتكفل أهله في غيابه.

وقد أوكل أبو الشاعرة برعاية عائلته إلى أحد أبناء قبيلته وعندما نزل على هذا الرجل كان عندهم رجل يضوي إليهم بعد ما يظلم الليل ويرحل بعد صلاة الفجر، وضل على هذه الحال مدة طويلة وكانت الشاعرة تلحظة أغلب الأحيان وكم تمنت لو أن تكون مكانه لإنه كان مرتفع ويكشف المنطقة كلها ولم تستطيع الطلوع على رأس هذا الجبل إلا بعد رحيله من القبيلة.

وعندما سألته شاعرتنا عن قصة هذا الرجل قالوا لها أن هذا الرجل (جالي) والجالي عند البادية هو الشخص الذي عليه (دم) وقصة هذا الشخص أن قاتل إثنان من أبناء عمومته وهم يبحثون عنه للأخذ بثأرهم منه. وقد قالت هذه القصيدة التي نورد منها ما حفظناه:-

رقيت في مرقب(ن) عالي
-----------وعديت في عالي القمة
لي مدة ظايق(ن) بالي
--------هموم(ن) على القلب ملتمة
والدمع من حاجر سالي
-------- شــــــهرين والدمع ما ظمه
والنوم ما عاد يحلالي
--------كني قريص(ن) مشى سمه
أبكي على صاحب(ن) غالي
------- ما جاني أخـــبار من يــــــمه
أتلى العهد ذكر نزالي
---------متعــــــــدي وادي الرمـــه
ياطير خبره عن حالي
------------معاك ياطير في الذمه
يا وا هني الذي سالي
---------ماهوب متقارب(ن) همه
يا ونتي ونت الجالي
-----------إلي جلى من بني عمه
من أول(ن) عندهم غالي
-----------واليوم مطلوبهم دمه

الخميس، 2 سبتمبر 2021

بشار. قصيدة

 وأزعم أن قصائد الموشحات الأندلسية بدأت من حيث انتهى بشار بن برد، شكلاً وغرضاً وتبسيطاً، وهذا كلام يطول. ولكن ما يهمنا هنا، هو كيف لرجل عاش حياته حتى آخر لحظة ضد الأعراف، أن يدعو في الوقت ذاته إلى تماسك المجتمع بالقيم؟!

ومهما يكن فإن من أجمل ما قرأت من شعر في الهداية وإسداء النصح، ما قاله بشار في قصيدته التي يقول مطلعها: «جَفا وِدُّهُ فَازوَرَّ أَو مَلَّ صاحِبُه، وَأَزرى بِهِ أَن لا يَزال يُعاتِبُه»، حيث عالج الشاعر قيمة التسامح وخطل المؤاخذة الدائمة، بأسلوب شائق وسبك حسن، دفاعاً عن نسيج العلاقات الاجتماعية، سواء بين الأقارب أو الأصدقاء، حيث يدل قوله الحكيم على أنه لا جدوى من العتاب والتبرّم من تصرفات زميلك أو قريبك، لأن كل الناس خطّاء، وما منا من أحد إلا وبه علة يمكن أن يؤاخذ عليها، فإن شاء الناس نبذوه بها أو إن شاؤوا قبلوه، ما قبولهم إياه حينئذ إلا لكي تستمر الحياة دون تعكير صفو، وتسقّط زلات:

أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما

أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه

إذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً

صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ

مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى

ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه؟!.

على أية، سارت الركبان بقوله «إذا كنت في كل الذنوب معاتباً صديقك، لم تلقَ الذي لا تعاتبه» لأنه بالفعل يلخص الفكرة الشاملة، ومفادها أنه لا أحد يسلم من العيب والخطأ، وبالتالي فلابد من غض الطرف والتماس العذر لمن يخطئ، خاصة من تحتاج لأن تتعامل معه باستمرار ولا غنى لك عنه، كما ينبغي ألا تبين له أنك تتفضل عليه بتلك المسامحة

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021

قصيدة. لغة العيون مانع سعيد العتيبة

لغة العيون 

ـــــــــــــــــ


مالي أراك كتمتِ الحب أزمانا

وقد أذاعت به العينان إعلانـــــــــــــــا ؟!


كم تنطق العين ، والأفواه صامتةٌ

سبحان من أنطق العينين ، سبحانـــــا..!


سلي مآقيك ، كم فاهت بعاشقها

وكم رأيناه في عينيك ، سكــــــــــرانا..!


فماشهدنا عليك اليوم فاتنتي ،

إلا بما طرفك النعسان أنبانــــــــــــــا..


إن العيون سفارات القلوب إذا

تكلََمَ القلبُ ، كان الطرف تبيانــــــــــا..


مايجحدُ المرءُ إحساساً يخالجهُ

إلا وكانت عليه العين .. برهانــــــــــا...


فرفرفي في رياض الحب صادحةً

ولاتخافي بدنيا الحب إنسانــــــــــا...!!

الدنيا. قصيدة أبو العتاهية

أبو العتاهية اختصر  الدنيا في ٦ أبيات شعرية، جميلة جداً ، فتأملوها : 


نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية

                 طفلُ الملوكِ كطفل الحاشية


ونغادر الدنيا ونحن كما ترى 

                 متشابهون على قبور حافية


أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا

                  وحسابُنا بالحق يوم الغاشية 


حور، وأنهار، قصور عالية

                   وجهنمٌ تُصلى، ونارٌ حامية 


فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي

                   ما دام يومُك والليالي باقية


 - وغداً مصيرك لا تراجع بعده

                   إما جنان الخلد وإما الهاوية


                   ( نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة )



الجنزبيله فالعدم كنها الهيل 

والهيل كنه فالعدم زعفراني 

واليا غدالك ما غدالك مع السيل 

اصبر على جور الدهر والزماني

مجهول قايلها

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...