الثلاثاء، 3 يونيو 2025

قصة. وعبرة وصايا العرب. ونصايح

 قصة  وعبره : 

وصايا العرب التي لا تمـ.ـوت :


في إحدى ليالي الشتاء الباردة، اجتمع رجال الحيّ حول نارٍ مشتعلة في فناء بيت الشيخ "سليمان"، ذلك العجوز الوقور الذي اشتهر بالحكمة وسداد الرأي. كان صوته جهورياً، ونظراته تخـ.ـترق القلب قبل العقل، يجلس الجميع حوله كما يجلس الطلبة أمام معلمهم الأول.


قال الشيخ سليمان وهو يسحب نفسًا عميقًا من غليونه:

ــ "قالت العرب قديماً، ولا زال القول محفوظًا في القلوب قبل الكتب:

لا ترافق: حديث السن، وحديث الغنى، وحديث القيادة..."


قاطعه الشاب "سعد" متعجبًا:

ــ "ولكن يا شيخ، أليس الشاب يحمل حماسًا وطموحًا؟ أوليس الغني نافعًا؟ وأليس القائد الجديد يأتي بالتغيير؟"


تبسّم الشيخ وقال:

ــ "اسمع يا بُني، الشاب إن لم تحكمه التجربة أضلّك، والغني الجديد قد يغترّ بماله، والقائد إن لم يكن ذا دراية أوردك المهالك. قد يكون فيهم خير، ولكن لا تصحبهم إن لم يُثبَت ذلك."


ثم تابع الشيخ وهو يعدّ على أصابعه:

ــ "ولا تعاند: قديم المهنة، وقديم المعرفة، وقديم الجيرة.

فمن عاشر المهنة سنينًا يعرف خفاياها، ومن طال في العلم أبحر فيه، ومن جاورك دهورًا عرف ما تحب وما تكره."


رفع "فهد"، أحد الشبان الطموحين، حاجبيه وقال:

ــ "وهل معنى هذا أن لا نثق بالجدد يا شيخ؟"


أجاب الشيخ بحزم:

ــ "بل امنحهم الفرصة، ولكن لا تعاندهم وأنت لم تزل في أول الطريق."

وصايا العرب

سكت برهة ثم قال بصوت مهيب:

ــ "ولا تطـ.ـعن في: نظيف الشرف، ونظيف السمعة، ونظيف اليد.

فذاك ظلمٌ يجرّ الويل، ويكشف عن سواد في القلب."


تدخل "ناصر"، وكان معروفًا بكثرة الجدال، وقال:

ــ "ولكن يا شيخ، أليس لكل إنسان ماضٍ؟"


ردّ الشيخ:

ــ "نعم، ولكن من نظف نفسه، وبيّض سمعته، وحفظ يده من الحرام، فله علينا أن نحترمه."


ثم مدّ يده إلى فنجان القهوة وتابع:

ــ "ولا تجامل: قليل العقل، وقليل الخبرة، وقليل الخير.

المجاملة لهؤلاء تهلكك قبل أن تُرضيهم."


قال "سالم"، ضاحكًا:

ــ "وهل نعيش من غير مجاملات يا شيخ؟"


هز الشيخ رأسه وقال:

ــ "المجاملة في موضعها حكمة، ولكن إياك أن تجامل أحمقًا فيُفسد أمرك، أو جاهلاً فيضيعك، أو بخيلًا فيجعلك تتصدق عليه دون فائدة."


ثم رفع سبابته وهو يقول:

ــ "ولا تتحدَّ: قوي الإيمان، وقوي العضلات، وقوي الذاكرة.

فأما الأول، فدعاؤه سـ.ـهم، والثاني، قبضته هلاك، والثالث، لا ينسى لك زلة."


ثم أكمل بعد أن لفّ شاله بإحكام:

ــ "ولا تُشاور: ضعيف الشخصية، وضعيف النفس، وضعيف الحجة، فمشورته تضلّ، ورأيه مهزوز، وصوته خافت بين الرجال."


وبصوت خاشع، قال أخيرًا:

ــ "ولا تتجاوز: كبير القلب، وكبير الهمة، وكبير الميعاد، فهم شموع في زمن الظلام، وإن أخطأتهم فقدت السند."


ثم تنهّد وابتسم قائلاً:

ــ "ولا تنسَ: واسع الأفق، وواسع البال، وواسع الحيلة، فهؤلاء كنوز في زمن الشدة."


وقبل أن ينهض من مجلسه قال في ختام كلامه:

ــ "ولا تُقنع: ضيق الخلق، وضيق النظرة، وضيق التفكير، فإنك تُهدر وقتك، وتكسر قلبك، وتضيّع حكمتك."


نهاية القصة:


عزيزي القارئ...


إنّ ما قاله الشيخ "سليمان" ليس مجرد كلماتٍ مرّت، بل هي وصايا العرب التي صقلتها التجارب، وخبزتها الأيام، ووشّتها المواقف.

فهل لا زلت ترافق من لا يُصاحب؟ وتجامل من لا يُجامل؟ وتشاور من لا يُستشار؟

أيّ وصية من وصايا الشيخ كانت الأقرب إلى قلبك؟ 

          ❓❓❓❓❓❓❓

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة ساجر الرفدي العنزي و جاره خليف

  وهالقصة   بعد   وهي   من   طرائف   القصص   اللي   صارت   للشيخ   ساجر   الرفدي  .. من   القصص   والعلوم   اللي   صارت   لساجر   الرفدي   م...