ذكرى الخليفة المعتصم بالله بطل قصة وامعتصماه
حرك جيوشا لأجل إمرأة، أدخل الأتراك للإسلام، عين العرب بأعلى المناصب،فاتح أنقرة وعمورية ونابولي.
حيث في مثل هذا اليوم.
-
توفي الخليفة العباسي الثامن محمد المعتصم بالله "الخليفة المثمن".
-
وذلك 842/01/05 ميلادي
الموافق 18 ربيع الأول 227 هجري
-
-
تعريف بالخليفة.
-
-
هو أبو إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصورثامن الخلفاء العباسيين، ولد في 08 شعبان 180 هجرية الموافق 796/10/16 ميلادي، وأمه هي ماردة الصغدية، وبحسب المؤرخين فقد كان يملك قوةبدنية وشجاعة مميزة.
-
-
تولي الخلافة
-
-
كان في عهد أخيه المأمون واليا على الشام ومصر وكان المأمون يميل إليهلشجاعته فولاه عهده، وفي اليوم الذي توفي فيه المأمون بمدينة طرسوسبويع أبو اسحاق محمد بالخلافة ولقب بالمعتصم بالله في 19 من رجب سنة218 هجرية (10 من أغسطس سنة 833 ميلادية).
-
-
لا يعرف الكتابة.
-
-
كان الخليفة محمد المعتصم أميا لا يعرف الكتابة، وذلك بسبب أنه عندما كانيتعلم في صغره، توفي أكثر من زميل له في الدراسة، فخاف أبيه هارون الرشيدعليه، وأبعده عن العلم، وأوصى أن لا تصل الخلافة إليه، وهذه من الغرائبحيث وصلت الخلافة له واستمرت في نسله بعكس إخوته.
-
-
معالم خلافته.
-
-
استمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية في عهده كما في عهد سلفهالمأمون غير ما ميز عهد المعتصم هو اهتمامه باقتناء الجنود الأتراك بجلبهممن مناطق آسيا الوسطى كسمرقند وخوارزم، وكان هو السبب الرئيسيلإعتناقهم الإسلام حيث بث بينهم الدعاة منذ أن كان أميرا فحولهم من قبائلوثنية لمسلمين.
-
وكذلك جلب جنودا من المغرب ودلتا النيل، ولقد ملأ الجنود بغداد حيثبلغت أعدادهم ما يقارب بضعة عشر ألفا، وأدى ذلك إلى التضييق بأهلالمدينة، واضطر الخليفة نتيجة لذلك إلى الانتقال إلى مدينة سامراء التي بناهاعام 835م على بعد 100 كيلومتر شمالي بغداد لتكون عاصمة له ومقرالجيوشه من المماليك والأحرار.
-
-
قضائه على الفتن.
-
-
تمكن من القضاء على ثورة الهنود الزط التي هددت مرافق الدولة في جنوبالعراق على يد القائد العربي عجيف بن عنبسة سنة 220 هجرية الموافق835م وأجلاهم المعتصم إلى الأناضول.
-
وكذلك قام بالقضاء على ثورة بابك الخرمي في أذربيجان؛ إذ إن بابك الخرميقد مزج بين الإسلام والمجوسية وأسس الخرمية هجينًا وعمد إلى إصلاحاتاقتصادية واجتماعية جذرية ما ساهم في بقاءه عصيًا على الدولة العباسيةعشرين عامًا.
-
وكذلك قضى على ثورة أخرى بقيادة محمد بن القاسم وهو شيعي علىالمذهب الزيدي، إذ كان مقيما بالكوفة ثم خرج منها إلى الطالقان بخراسانيدعوا إلى الرضا، فاجتمع اليه أناس كثر، فاهتم لأمره عبد الله بن طاهر بنالحسين والي خراسان وبعث له جيوشا وقامت بين الفريقين وقعات بناحيةالطالقان انتهت بهزيمة محمد بن القاسم وفراره إلى كور خراسان في مدينةنسا غير أن واليها أمسك به وبعثه إلى المعتصم فقام الخليفة بحبسه غير أنهتمكن من الفرار من السجن بمساعدة مجموعة من أنصاره، ولم يعرف عنه أيخبر بعد ذلك.
-
-
الفتوحات في إيطاليا
-
-
لقد كانت إيطاليا منقسمة بين البيزنطيين واللومبارديين وبقيت على هذاالحال إلى أن دخل العباسيين في زمن المأمون وفتحوا غالبية صقلية، وأماالمعتصم فقد استكمل الفتوحات.
ففي عام 836 م تعرضت مدينة نابولي التابعة للبيزنطيين لحصاراللومبارديين، فقام ملكها بيدرو الثاني بالإستنجاد بالبيزنطيين ولكنهم خذلوه،فقام بإعلان ولائه للعباسيين وطلب من المعتصم النجدة، فقام المعتصمبإرسال جيش لإنقاذه، ودخل العباسيون إلى نابولي، وأصبح الملك بيدرو الثانيوالي الخليفة العباسي على نابولي.
-
-
معركة عمورية.
-
-
استغل الامبراطور تيوفيل البيزنطي فرصة انشغال المعتصم في مطاردةالخرميين, وأغار على الحدود الإسلامية وهاجم مدينة زبطرة وهي أقرب الثغورالإسلامية إلى أراضي الدولة البيزنطية, فأحرقها وخربها وقتل رجالها وسبىنساءها وأطفالها, وقد غضب المعتصم لهذا الحدث.
ويذكر ابن الأثير أن امرأة هاشمية أخذت تصيح عندما وقعت في أسر الروم"وامعتصماه" فلما بلغ ذلك المعتصم أقسم بأن ينتقم من الروم وأن يخربمدينة عمورية مسقط رأس والد الامبراطور البيزنطي وأهم مدينة في آسياالصغرى، ثم جمع المعتصم جيشا كبيرا بلغ تعداده خمسون الف جندى تولىقيادته بنفسه كما ساعده كبار قواده كحيدر بن كاوس (الافشين) وأشناس, ويقال أن اسم عمورية كان منقوشا على درع كل جندي في الجيش. وتقدمالمعتصم بجيوشه وفتح في طريقه مدن كثيرة أشهرها أنقرة، حتى التقىبجيش تيوفيل عام 838 م فقامت بين الجيشين معركة انتهت بانتصار جيشالمعتصم، ثم توجه إلى مدينة عمورية وضرب حصارا عليها وبعد الحصارالشديد تمكن المعتصم من اقتحام عمورية عنوة وتخريبها وأسر من فيها. وقدوصف الشاعر أبو تمام انتقام المعتصم بالقصيدة التي مطلعها:
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.
وكان المعتصم كان يريد أن يواصل فتوحاته إلى القسطنطينية, غير أنه اكتشفمؤامرة دبرها ابن أخيه العباس بن المأمون مع القائد عجيف بن عنبسه الذيسبق أن قضى على ثورة الزط مما اضطر المعتصم لأن ينهي الحرب مع الرومويقبض على العباس وعجيف والمشتركين معهم وتم إعدامهم.
-
-
إكرام الخليفة المعتصم للإمام أحمد بن حنبل.
-
-
ان شجاعة وعظمة الخليفة العباسي الثامن محمد المعتصم بالله ظاهرةكالشمس وابسط مثال على ذلك قصة (وامعتصماه ) التي يعرفها الجميع.
-
ومع ذلك أبى المدلسين والمشوهين إلا أن يحاولوا تشويه صورة هذا الخليفةالعظيم و اتهموه بأنه جلد الامام احمد بن حنبل وامتحن الناس بخلق القرآنوهذا غير صحيح فلم يحصل ان جلد الامام احمد بن حنبل بالعكس أكرمهومسألة خلق القرآن اوقفها المعتصم في عهده، وهنا نورد المجلس الذي تمبه هذا الأمر.
-
-
ورد في كتاب محمد بن علي العمراني (الأنباء في تاريخ الخلفاء) المجلسالذي حضره الإمام أحمد بن حنبل بين يدي الخليفة المعتصم وذكر التالي:
-
حين احضره المعتصم بين يديه سلم وتكلم بكلام اعجب الناس، ثم قال فياثناء كلامه: يا أمر المؤمنين ان لابائي سباق في هذه الدعوة فليسعني ما وسعأصحاب رسول الله (ص) من السكوت والرضا بأن القرآن كلام الله، فقال له ابنأبي داود: اتقول ان الله خالق كل شيء ام لا؟ فقال له الامام احمد بن حنبل:بلى الله خالق كل شيء. قال له القرآن شيء ام لا شيء.
قال له الامام احمد بن حنبل: القرآن أمر فقد فرق الله بين خلقه وأمره. فقالعز وجل: (له الخلق والامر ).
فالتفت المعتصم إلى ابن أبي داود وقال: ذكرتم أن الرجل عامي وذكرتم ليبأنه جاهل وما أراه إلا معربا فصيحا، واكرمه وأنعم عليه.
-
واما ما قيل عن تعذيبه فقد أورد الذهبي في كتاب (سير أعلام النبلاء) سردا لماحصل يوم الإفراج عنه وهذا السرد ينفي التعذيب حيث قال:
قال ابن أبي حاتم : سمعت أبا زرعة يقول : دعا المعتصم بعم أحمد ، ثم قالللناس : تعرفونه ؟ قالوا : نعم ، هو أحمد بن حنبل . قال : فانظروا إليه ، أليسهو صحيح البدن ؟ قالوا : نعم . قال : ولما قال : قد سلمته إليكم صحيحالبدن... وقال حنبل : لما أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله ، خلع عليه مبطنةوقميصا وطيلسانا وقلنسوة وخفا .
وكان الامام احمد بن حنبل إلى ان مات يثني على المعتصم ويذكر فعلهويترحم عليه.
-
-
الرد على إفتراء أنه كان يقصي العرب
-
-
تعرض الخليفة المعتصم لتهمة بأنه كان يعين الأتراك ويقصي العرب عنالمناصب، وهذه القائمة للمسؤولين في زمانه ترد عليهم وتؤكد تفضيلهللعرب في إدارة بلاده.
وزيره: ابن الزيات محمد بن عبد الملك.
قاضي القضاة: احمد بن أبي داود الايادي
قائد الشرطة: اسحق بن ابراهيم المصعبي الخزاعي
مسؤول بيت المال: الفضل بن مروان
والي مصر: موسى بن ابو العباس
والي افريقية: زيادة الله التميمي والاغلب التميمي
والي الشام: علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ ورجاع بن أيوب الخضري
والي الحجاز: سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي العباسي.
والي البحرين الكبرى:
اسحق بن ابراهيم المصعبي الخزاعي.
أحمد بن سعيد الباهلي (حفيد الفاتح قتيبة الباهلي)
والي اليمن: محمد بن عبد الله بن زياد
والي الاناضول وقائد جيش الثغور: عمر الاقطع السلمي
والي أرمينيا: خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني.
والي خرسان: عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي.
والي الجبل: القاسم بن عيسى العجلي
والي أرمينيا:
خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني.
عبد الله بن مسعد الأسدي
عبد الرحمن بن الحكم
علي بن الحسين القيسي
محمد بن سليمان الأزدي
-
-
لقب المثمن.
-
-
يطلق على المعتصم بالله الخليفة المثمن لأن الرقم 8 لعب دوراً هاماً فيحياته، فهو ثامن الخلفاء العباسيين، ودامت خلافته ثماني سنوات،وثمانيةشهور، وشهد عهده ثماني فتوحات عسكرية، وترك من الأولاد 8 أولاد، 8 بنات،ولد في اليوم الثامن في الشهر الثامن من السنة (شعبان) وتوفي وله من العمر48 سنة على حسب التقويم الهجري.
-
-
وفاته.
-
-
احتجم المعتصم في أول يوم من محرم سنة 227 هجرية فأصيب عقب ذلكبعلته التي قضت عليه يوم الخميس لثماني ليال مضت من شهر ربيع الأول منتلك السنة ورثاه محمد بن عبد الملك الزيات.
ويقول السيوطي أنه لما احتضر جعل يقول: "ذهبت الحيلة فليس لي حيلة"
« اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك. وأرجوك من قبلكولا أرجوك من قبلي »
كانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو ثامن الخلفاء من بنىالعباس، وثامن أولاد هارون الرشيد، ومات عن ثمانية بنين وثماني بنات، وتولىالخلافة سنة ثمان عشرة ومئتين، وفتح ثمانية فتوح وتوفي وهو ابن ثمانيةواربعين عاما فكان يلقب ب"المثمن" وكان معروفا بطيبة النفس، وكان منأعظم الخلفاء وأكثرهم هيبة. وإثر وفاته عام 842م بويع بالخلافة ابنه هارونالواثق بالله.
******************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري.
******************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق