هو مالك بن الريب التميمي شاعر إسلامي مجيد مقل، لم يشتهر من شعره إلا هذه القصيدة، ومقاطع شعرية في الوصف والحماسة وردت في كتاب الأغاني.
كان مالك شابا شجاع فاتكاً لا ينام الليل إلا متوشحاً سيفه ولكنه استغل قوته في قطع الطريق هو وثلاثة من أصدقائه. لازم شظاظ الضبي الذي قالت عنه العرب (ألص من شظاظ).
وفي يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان -حفيد الصحابي عثمان بن عفان- وهو متوجه لإخماد فتنة في تمرّد بأرض خُرسان فأقنعه بالجهاد في سبيل الله بدلاّ من قطع الطريق، فاستجاب مالك لنصح سعيد وذهب معه، وأبلى بلاءً حسناً وحسنت سيرته، وفي عودته بعد الغزو وبينما هم في طريق العودة إلى (وادي الغضا) في نجد وهو مسكن أهله، مرض مرضاً شديدا أو يقال أنه لسعته أفعى وهو في القيلولة فسرى السم في عروقه وأحس بالموت فقال قصيدة يرثي فيها نفسه. وصارت قصيدته تعرف ببكائية مالك بن الريب التميمي.
فَلَيتَ الغَضَا لم يقطَعِ الركبُ عَرضَهُ .... وليـتَ الغَضَا مَاشىَ الـركابَ لَياليِا
لقد كان في أهل الغضا، لو دنا الغضا .... مـزارٌ، ولكـنّ الغضـا ليْسَ دانيا
أَلمْ تَـرَني بِـعتُ الضّـلالةَ بالهُـدى .... وَأَصْبَحْتُ فـي جيشِ ابنِ عفّان غازيا
دَعاني الهَوى من أهل وُدّي وصُحبتي .... بِـذِي الطَّبَسَـين ، فالتفـتُّ وَرَائِيا
لَعَمْري لئـن غالتْ خُراسانُ هامَتي .... لقـد كُنْـتُ عن بابَيْ خراسان نائيا
وَدَرُّ كَبيـرَيَّ اللّـذين كِـلاهُمَا .... عَلـيّ شَفيـقٌ ، ناصِحٌ ، قد نَهانِيا
وَدرُّ الهَوَى من حَيْثُ يدعو صِحَابَهُ .... وَدَرُّ لَجـاجـاتي ، ودَرُّ
وَأَشْقَـرَ خِنْـذِيذٍ يَـجُرّ عِنـَانَهُ .... إلى الماء، لم يتْـرُكْ لَهُ الدهْـرُ ساقيا
ولَكِـنْ بِأَطْـرَافِ السُّمَيْنَة نِسْـوَةٌ .... عَـزيزٌ عَلَيْهِـنّ العـشيّةَ ما بيا
وَلَمّـا تَـرَاءَتْ عِنْـدَ مَـرْوٍ مَنيّتي .... وَحَـلَّ بِهَا جِسْـمي، وَحَانَتْ وَفَاتِيا
أَقـولُ لأصْـحابي ارْفعـوني لأنّني .... يَقِـرّ بِعَيْـني أن سهَيـلٌ بَـدَا لِيا
فيا صاحبَي رحلي! دنا المَوْتُ، فَانزلا .... بـِرابِيَـةٍ ، إنّـي مُـقِيـمٌ لَيـاليِا
أَقيما عليّ اليَوْمَ ، أو بَعْـضَ ليلةٍ .... ولا تُعْجِـلاني قـد تبيّـنَ ما بِيا
وخُطّا بأطْـرَافِ الأسِنّةِ مضجعي .... ورُدّا علـى عَيْنَـيَّ فضـلَ ردائيا
خُـذَاني ، فجُـرّاني بِبُرديْ إليكما .... فقـد كُنْتُ ، قبل اليوم ، صَعباً قِياديا
فقد كنتُ عطَّافاً، إذا الخيلُ أدْبَرَتْ .... سَـريعاً لـدى الهَيْجا، إلى مَن دعانِيا
وَطَوْراً تراني فـي ظِلالٍ وَمَجْمعٍ .... وَطَـوْراً تَـراني ، والعِتَـاقُ ركابيا
وَقُوما علـى بِئْرِ الشُّبَيكِ ، فأسمِعا ..... بها الوَحْشَ والبِيضَ الحسانَ الروانيا
ولا تَنْسَيا عَهْدي ، خَليليّ ، إنّني .... تقطَّع وصـالي وَتَـبْلـى عِظـامِيَـا
غَدَاةَ غَدٍ، يا لَهْفَ نَفْسي على غدٍ .... إذا أَدْلجـوا عـني ، وخُلّفتُ ثاويا
فيا ليْتَ شعري، هل تغيّرَتِ الرَّحى .... رحى الحْرب،أو أضْحت بفَلج كماهيا
إذا عَصِـبَ الـرُّكْبَانُ بَيْنَ عُنيزةٍ .... وبُولانَ ، عاجُـوا المُنْقِياتِ المَهَاريا
رَهِينـة أَحْجَـارٍ وتُرْبٍ تَضَمّنَتْ .... قَـرارَتُها منّـي العِظَـامَ البَوالِيا
فيـا راكِباً إمّا عَـرَضتَ فبلّغَنْ .... بني مالكٍ والـرَّيْبِ أنْ لا تـلاقِيا
أُقَلِّبُ طَرْفي فَوْقَ رَحْلي، فلا أرَى .... بِهِ مـن عُيُونِ المُؤْنِساتِ مراعِيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق