الثلاثاء، 23 يناير 2024

قصيدة. أبو ذوئب الهذلي أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ

١أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ*وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
٢قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا*مُنذُ ابتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
٣أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا*إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
٤فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ*أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ ووَدَّعوا
٥أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني حَسْرَةً*بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
٦وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ*وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
٧سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ*فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
٨فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ*وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
٩وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ*فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
١٠وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها*أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
١١فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها*سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
١٢حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ*بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
١٣وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ*أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
١٤وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها*فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
١٥وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ*جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
١٦صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ*عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
١٧أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ*مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
١٨بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ*واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
١٩فَلَبِثنَ حينًا يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ*فَيَجِدُّ حينًا في العِلاجِ وَيَشمَعُ
٢٠حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ*وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
٢١ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ*شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
٢٢فَافتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ*بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
٢٣فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ نُبَايعٍ*وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
٢٤وَكَأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ وَكَأَنَّهُ*يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
٢٥وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ*في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
٢٦فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الضـ*ـضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
٢٧فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ*حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
٢٨فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسًّا دونَهُ*شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
٢٩وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ*في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
٣٠فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَامتَرَسَت بِهِ*عَوْجَاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
٣١فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ*سَهمًا فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
٣٢فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغًا*عَجِلًا فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
٣٣فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيًّا مِطحَرًا*بِالكَشحِ فَاشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
٣٤فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ*بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
٣٥يَعثُرنَ في عَلَقِ النَّجِيعِ كَأَنَّما*كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
٣٦وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ*شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
٣٧شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ*فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
٣٨وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ*قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
٣٩يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ*مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
٤٠فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ*أَولى سَوابِقَها قَريبًا توزَعُ
٤١فانْصَاعَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ*غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
٤٢فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما*بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
٤٣يَنهَسنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي*عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
٤٤حَتّى إِذا ارتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً*مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
٤٥فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا*عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
٤٦فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ*بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
٤٧ففَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ*سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
٤٨فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ*بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
٤٩وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ*مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
٥٠حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ*مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
٥١تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها*حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
٥٢قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها*بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
٥٣تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما استُكرِهَت*إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
٥٤مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِئٍ*كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
٥٥بَينَنا تَعَانُقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ*يَومًا أُتيحَ لَهُ جَريءٌ سَلفَعُ
٥٦يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ*صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
٥٧فَتَنَازَلا وَتَواقَفَت خَيلاهُما*وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
٥٨يَتَنَاهَبَانِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ*بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
٥٩وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ*عَضبًا إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
٦٠وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ*فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
٦١وَعَلَيهِما مَاذِيَّتَانِ قَضاهُما*داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
٦٢فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ*كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
٦٣وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ*وَجَنى العَلاءَ لَو انَّ شَيئًا يَنفَعُ
https://toarab.ws/m/poems/poem/1837/38/%d8%a3%d8%a8%d9%88-%d8%b0%d8%a4%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%b0%d9%84%d9%8a/%d8%a3%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a8%d9%87%d8%a7-%d8%aa%d8%aa%d9%88%d8%ac%d8%b9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%87%d8%b1-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%a8%d9%85%d8%b9%d8%aa%d8%a8-%d9%85%d9%86-%d9%8a%d8%ac%d8%b2%d8%b9/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...