بقلم : مشعل السعيد
رفقة السوء تجر إلى ما لا تحمد عقباه، فإن كنت مستقيما أصبحت أعوج، وإنكنت مهتديا صرت ضالا، فالإبل إذا بركت في مكان الجرب نقل إليها الجرب.
وفي هذا الزمان نرى كثيرا من المتضادات والأعاجيب، فربما أخذ المرء بذنب جناهأخوه، قد يحدث مثل ذلك رغم أنها قسمة ظالمة ما انزل الله بها من سلطان، فما هوذنبي إن أخطأ أخي؟ وكيف أحاسب على ذنب لم تقترفه يداي، والتاريخ العربيبه الكثير من هذه الأمور، روي أن رجلا حلق على اسمه، أي وضع تحت المراقبةوصودر ماله وهدم منزله وزج بالسجن، أيام الحجاج بن يوسف، فأدخل عليهوهو يرسف في قيوده فنظر إليه الحجاج بغضب وسأله: ما شأنك؟ فقال: اصلحالله الأمير، اغضض عني بصرك واكفف عني سيفك وارعني سمعك، فإن سمعتزللا أو خطأ دونك والعقوبة، فاستوى الحجاج جالسا وأعجبه منطقه، وقال: قلأسمع، قال: عصى عاص من عرض العشيرة فحلق على اسمي وهدم منزليوحرمت عطائي، وأخذت بذنب غيري، فقال: هيهات هيهات أو سمعت قولالشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد
تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
فقال الرجل: أصلح الله الأمير، سمعت الباري عز وجل يقول خلاف ما ذكرت،فقال: وما ذاك؟ قال: (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك منالمحسنين، قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون).
سورة يوسف، فنادى الحجاج كاتبه وقال له: أفكك للرجل عن اسمه، واصكك لهبعطائه وابن له منزله، ومر مناديا ينادي بين الناس: صدق الله تعالى وكذبالشاعر، وتعد هذه الحادثة من حسنات الحجاج، وفي ذلك يقول كعب بن عمروالتميمي:
الحرب قد تضطر صاحبها
نحو المضيق ودونه الرحب
جانيك من يجني عليك وقد
تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
وفي النهاية، الدنيا كلها دروس وعبر والمنة على من اعتبر ودمتم سالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق