الخميس، 22 يونيو 2023

طرائف أدبية كلام الليل يمحوه النهار

 بينما محمد ابن زبيدة يطوف في قصر له إذ مر بجارية له سكرى وعليها مطرفخز وهي تسحب أذيالها من التيه فراودها عن نفسها فقالت يا أمير المؤمنين إنكقد هجرتني مدة ولم يكن عندي علم بموافاتك فانظرني الليلة حتى أتهيأ للقياكوآتيك في غد فلما أصبح انتظرها فلم تجئ فقام ودخل عليها وسألها إنجازالوعدفقالت: يا أمير المؤمنين أما علمت أن كلام الليل يمحوه النهار، فضحكوخرج من مجلسه فقال: من بالباب من الشعراء فقيل له مصعب والرقاشي وأبونواس فأمر بهم فدخلوا فلما جلسوا بين يديه قال: ليقل كل واحد منكم شعراًيكون آخره كلام الليل يمحوه النهار

فأنشأ الرقاشي يقول:

متى تَصحُو وقلبُكَ مُستطارُ

وقد مُنعَ القَرارُ فلا قَرارُ

وقد تَرَكَتْكَ صَبًّا مُستهاماً

فتاةٌ لا تَزورُ ولا تُزارُ

إذا استنجزتَ منها الوعدَ قالت

كلامُ الليلِ يَمحوهُ النهارُ

وقال مصعب:

أَتعذلني وقلبي مُستطارُ

كئيبٌ لا يَقَرُّ لَهُ قَرارُ

بِحبِّ مليحةٍ صادت فؤادي

بأَلحاظٍ يخالطُها احورارُ

ولما أَن مددتُ يَدي إليها

لأَلمسَها بدا منها نِفارُ

فقلتُ لها عِديني منكِ وَعداً

فقالت في غدٍ منكَ المَزَارُ

فلما جئتُ مُقتضياً أَجابت

كلامُ الليلِ يَمحوهُ النهارُ

وقال أبو نواس:

وَخُودٍ أَقبلَتْ في القَصرِ سَكرى

ولكن زَيَّنَ السُّكرَ الوَقارُ

وقد سَقَطَ الرِّدا عن منكبيها

من التَّخميش وانْحَلَّ الإِزارُ

وهز الريح أردافاً ثقالا

وغصناً فيه رمان صغار

هممت بها وكان الليل ستراً

فقام لها على المعنى اعتذار

وقالت في غد فمضيت حتى

أتى الوقت الذي فيه المزار

وقلتُ الوَعدَ سيدتي فقالت

كلامُ الليلِ يَمحُوهُ النَّهارُ

فقال له: ويلك أكنت مطلعاً علينا أو ثالثنا في القصرفقال: لا والله يا أميرالمؤمنين ولكن نظرت إليك فعرفت ما في نفسك وعبرت عما في ضميرك فأمر لهبأربعة آلاف درهم ولصاحبيه مثلها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...