الثلاثاء، 23 مايو 2023

قصيدة وقصة يا ما حلا والشمس بادي شعقها

 ياما حلا والشمس باد شعقهــا* من حدر الزرقا على نقرة الجوف

يسقي بها غين ظليل ورقهـــا * اللي نماها للمسايير وضيوف
كم حايل للضيف نرمي شنقها * يقلط حثث ماهو على الزاد مردوف
أحسن من البلقا وحامي مرقها * مقلطة للضيف كرعان وكتوف

أربعة أبيات فقط ولست أعلم إن كان لها بقية ,تلك الأبيات الراقية والبديعة والتي وضحت طرفا من مآثر ومفاخر رجال منطقة الجوف أصحاب الكرم والشهامة وهي شهادة صادقة سجّلت بحق الأوفياء والكرماء والنبلاء بعد تجربة مريرة وموقف لم يعهد مشاهدته ذلك الشاعر الذي نظمها وعرض صورتها وقد أختلف في أسمه فمن قائل أنه سعدون الجنيدي وهذا القول هو الراجح ومن قائل انه غالب بن حطاب السراح (أو والده حطاب السراح )وهذا القول ينقصه الدليل الذي يسنده ويعضده ولعل بعد هذا العرض يتصل النقاش ويتضح القول الصريح والأكيد في صاحب تلك الأبيات السامية بسمو قائلها والذي صدق فيما عدّ من خصال حميدة لرجال منطقة الجوف الحبيبة.
أورد الشيخ الأديب سعد بن عبدالله الجنيدل (غفر الله له وأسكنه الفسيح من الجنان) هذه القصة وأبياتها في كتابه خواطر ونوادر تراثية بقوله:
(سعدون الجنيدي كان شاعرا أتى إلى بلاد الجوف ضمن الجيش السعودي في عهد الدولة السعودية الأولى وتخلف في دومة الجندل وسكن في حي بن درع وكان بائعا يبيع العبي وكان الصوف الأبيض قليلا في الجوف فسافر إلى بلاد البلقاء ليشتري منها صوفا أبيض فنزل ضيفا عند رئيس عشيرة من عشائر تلك البلاد فلم يهتموا به كرجل غريب وقد رأى في ضيافتهم أمرا لم يعهده في بلاده وذلك عندما أتى عند رئيسهم ضيف وقدموا طعام الضيافة وجلسوا حول الطعام وجلس خلف كل رجل منهم رجل وكل واحد منهم يأكل ويناول الذي خلفه فهو مسئول عن نفسه وعن رديفه وقد تقدموا لطعام العشاء على هذه الصورة وهو يرى ما يفعلون وكان مضطجعا ناحية ولم يدعوه ليشاركهم في تناول الطعام ودعوه ليتعش مما تبقى في الإناء فلم يرقه ذلك ولم يستجب وأخذ يغني متذكر إكرام أهل الجوف وعنايتهم بضيفهم وعادة تقديم الطعام للضيف وما يرافقه من حفاوة فقال الأبيات المدونة سابقا.
عندما سمعوا أبياته قبضوا عليه وأنكروا عليه ما قاله عن بلاده غير أن رئيسهم كان عاقلا ومنصفا فقال له سنبعث إلى الجوف وفدا فإن عادوا وأكدوا ما تدعيه وإلا أوقعنا بك العقوبة وعندما وصل مبعوثوه إلى دومة الجندل وكانت أحياؤها ممتدة من الشرق إلى الغرب فنزلوا ضيوفا عند أحدهم فذبح لهم ذبيحة من الضأن ودعاهم للطعام وحدهم فتعشوا وأخذوا فكي لحييها ووضعوها في مزودتهم و ارتحلوا وفي الصباح نزلوا ضيوفا على حي آخر فذبح لهم مضيفهم ذبيحة وتغدوا وحدهم وأخذوا فكيها فوضعوها في مزودتهم واستمروا على ذلك ثلاثة أيام متنقلين بين أحياء المدينة ضيوفا غداء وعشاء ثم عادوا إلى بلادهم وأخبروا رئيسهم بما لقوه من الإكرام والحفاوة وأحضروا عنده عظام لحي الذبائح وعند ذلك تأكد من صحة ما قاله سعدون الجنيدي في أبياته فأكرمه وأعطاه حمل بعيرين من الصوف الأبيض بدون ثمن ثم قال له لك عندي كل سنة حمل بعيرين من الصوف الأبيض بدون ثمن ثم خلّى سبيله فعاد إلى بلاده)انتهى قوله غفر الله له.
وأوردها الشيخ الأديب عبدالله بن محمد بن خميس أمد الله في عمره وختم الله لنا وله بخير في سلسلة من القائل بإجابة تميل إلى الاختصار وقال إنها لحطاب صاحب الجوف .
أما الأستاذ خالد بن عقلا الحميد الضويحي الخالدي وهو من أدباء المنطقة العزيزة فقد تطرق لتلك القصة في كتابه :شعراء من الجوف وقال أنها تنسب لغالب السراح وتنسب كذلك لسعدون الجنيدي ولم يرجح نسبتها لأي منهما وذكر أن الأمير عبدالرحمن السديري بكتابه (الجوف وادي النفاخ)لم يرجح نسبتها لأي منهما ولقد قال الأستاذ الكريم /خالد الحميد في كتابه المذكور مايلي :
(وهذه قصيدة مشهورة داخل المنطقة وخارجها قيل أنها لغالب السراح وقيل أنها لسعدون الجنيدي وكلاهما من أهل الجوف ويرجع نسبهما إلى قبيلة شمر ويستشهد من ينسبها للجنيدي بأبيات غير معروف قائلها تقول:

بأفعالهم قال الجنيدي بالأمثال * أمثال من قول الجنيدي حكوا به
رجل تمنى ماطرى له على البال * يحر الزرقا على الجوف صوبه)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة صالح بن عبد القدوس في النصح

 #كل بيت في هذه القصيدة يعادل كتابا..  هي إحدى القصائد الخالدة للشاعر #صالح بن عبدالقدوس احد شعراء الدولة العباسية ..  تمعّنوا بكلماتها ومعا...