- قصة قصيدة “أعلمه الرماية كل يوم”
قصة قصيدة “أعلمه الرماية كل يوم”:
أمَّا عن قصة قصيدة “أعَلِّمُه الرمايَة كُلَّ يَومٍ ” يروى أن مالك بن فهم الأزدي ذهبمع قبيلة من اليمن إلى عُمان، فكان أول من وصل من عشيرته بعد السيل العرم.
قصة قصيدة “ألا من يشتري سهرا بنوم”:
عندما تفرق بني حِمْيّرٌ عن ملكهم حسان، كان ذلك بسبب بغي حسان وتكبره عليهم، وكان أسلوبة في معاملتهم سيء للغاية، فبعد أن رأووا هذه المعاملة منه لم يستطيعوا تحمل هذا الوضع، فقامت قبيلة حِمْيّرٌ بتحريض أخيه عمرو على حسان، كان حسان يعلم بتغير أخيه عليه، قدمت حِمْيّرٌ خيارين لعمرو للتعامل مع أخيه، كانت الأولى بأن يقتل أخاه حسان، وأما الخيار الثاني كان بأن تثور عليهم القبيلة وفي هذه الحالة كان من الممكن أن يقتل عمرو في هذه الحالة فقبل عمرو بالخيار الأول وقرر أن يقتل أخاه، وقام باستشارة مستشاريه في هذا الأمر فشجعوه على ذلك، ووافقه عليه، ولم ينصحه بعدم فعلها إلا رجل واحد يدعى (ذو رعين الحميري)، ولكن عمرو لم يستمع لكلامه ولم يهتم لأمره وجاء ذو رعين كتب لعمرو بعض من الكلمات ووضعها في ورقه وختم عليها وأحكم اغلاقها، وأيضاً طلب من عمروا بأن يحافظ عليها ويضعها في خزانتهِ وطلب منه عدم فتحها لحين يأتي الوقت الذي يقول له فيه بأن يقرأها.
وبعدها قام عمرو بقتل أخيه حسان ومن ثم تولى حكم حِمْيّرٌ من بعد ذلك، بعد ذلك شعر عمرو بالألم ولم يذق طعم الراحة وبقى ضميره يؤنبه ولم يستطيع النوم كلما ذهب الى فراشه، وحاول أن يجد من يستطيع أن يعالجه ممّا هو فيه من ألم وتأنيب ضمير وسهر وتعب، وجاء عليه بعض من الحكماء وقالوا له أنه من قتل أخاه أو قريباً له إلا وحرم عليه النوم ويبقى بالتعب والسهر وتعذيب الضمير ويذق طعم الامرين، وبعد ما سمعه عمرو من الحكماء قرر بأن يقتل كل من اقنعه بقتل أخيه حسان من مستشاريه ومن زعماء حِمْيّرٌ انتقاماً منهم بسبب اقناعهم بقتل حسان، وبعد ذلك جاء عليه ذو رعين وقال له أيها الملك الكريم القوي: تذكر أنني نصحتك ونيهتك ولكنك لم تسمع كلامي وقد حاولت أن أوقفك عن الكلام ولكنك لم تستمع لي، وأمنتك على الرسالة وهذه الكلمات تثبت صحة قولي ولما جاء عمرو بالصحيفة قرأها ووجد فيها المكتوب
ألا مَنْ يَشْـتَـرِي سَهَـراً بنَـوْم
سَعِـيْدٌ مَنْ يَبـيتُ قريـرَ عَيْنِ
فأمـا حِمْـيَرٌ غَدَرَتْ وَخَـانَتْ
فَمَـعْـذِرَةُ الإِلهِ لِذِيْ رُعَـيْنِ
وعند وصولهم إلى عُمان شنَّت حرب بينه وبين الفرس، فكان عدد من كان مع مالكستة ألآف شخص والفرس بلغ عددهم عشر ألآف مقاتل، وفي هذه الحرب لم يكتبلمالك النصر، وبعد فترة من الزمن عاد مالك ومعه جيشًا كبيرًا يبلغ عدده عشرآلاف فارس، وكان عدد الفرس آنذاك أربيعين ألف فارس، على الرغم من عددهمالكبير فقد تمكن مالك من طرد الفرس منها وأصبح حاكمًا عليها.
ومرت الأيام، وكان مالك بن فهم الأزدي قد جعل على أولاده الحراسة بالمناوبةعلى قصره، ومعهم مجموعة من قومه الأزد، وكان أقرب أولاد مالك إليه هو ابنهالصغير “سليمة”، وكان إخوته يحسدونه على مكانته عند أبيهم، وجعلوايطلبون له الزلة من أبيه وقومه.
فكان مالك يميز ابنه “سليمة” عن جميع أولاده حيث كان يعلمه الرماية وركوبالخيل إلى أن تعلم وكبر وأصبح فارسًا يعتمد عليه فكان يستلم المناوبةوالحراسة.
عندما كبر وبلغ حسده إخوته على المكانة الكبيرة التي حظي بها عند أبيهم،فذهب واحدًا منهم إلى أبيهم، وقال له: يا أبانا! إنّك جعلت أولادك كلهم يحرسونبالمناوبة فكنّا نقوم بما كنت تأمرنا به إلّا “سليمة” فإنّه أضعف همّة فكان كلماجاء الليل يعتزل الفرسان، ويذهب إلى النوم، ولكن مالك لم يقتنع بما قاله أولادهعنه، فرد الأبناء إليه مرّة أخرى حتى ملأ الشك قلبه.
وهنا قرّر أن يراقب مناوبة ابنه “سليمة”، وفي يوم كان على رأس الفرسانيحرس، وعندما حلّ الليل قدم مالك متخفيًا، لكي يراقب “سليمة” ولكن سليمةانتبه من خلال صهيل فرسه، وقد ظنّه غريب، وقام بوضع سهمه في قوسه وهناأحس مالك بذلك فنادى عليه وقال: يا بني لا ترمي السهم أنا أبوك، فقال سليمةيا أبت قد ملك السهم قصده، فأصاب مالكاً السهم فلم يبرأ، وكان سبباً في مقتله،وقبل أن يموت قال هذه القصيدة في ابنه سليمة، وقال فيها:
فيا عَجَباً لمن رَبَّيتُ طِفلاً
أُلَقِّمُهُ بأَطرافِ الأصابع والبَنانِ
جَزاهُ الله ُ من وَلَدٍ جزاءً
سُلَيمَةَ إِنَّهُ شَراً جزاني
أُعَلِّمُه الرمايَة كُلَّ يَومٍ
فَلَمّا اشتدَّ ساعِدهُ رَماني
وَكَم علمتُه نظمَ القوافي
فَلما قالَ قافيةً هجاني
أَعلَّمه الفُتُوَّة كل وَقتٍ
فَلَمّا طَرَّ شارِبُه جَفاني
رَمى عَيني بِسَهمٍ أَشقَذيٍّ
حَديدٍ شَفرتَاهُ لهْذَمانِ
توخّاني بِقَدحٍ شَكَّ قَلبي
دَقيقٍ قد بَرَته الراحَتان
فأَهوى سَهمه كالبَرقِ حَتىّ
أَصابَ به الفؤادَ وما اتَّقاني
فَلا ظَفَرت يَداهُ حينَ يَرمي
وَشُلَّت منه حامِلةُ البَنانِ
فابَكوا يا بَنيَّ عليَّ حَولا
ورَثُّوني وَجازوا من رَماني