قصة الفرزدق مع زوجته نوار ذات الجمال الطاغي
حيث أنه تزوجها مرغمة فنفرت من ذلك
وأرادت الشُّخوص إلى ابنِ الزُّبير رضي الله عنه
حين أعياها أهل البصرة ألاَّ يطلقوها من الفرزْدق
وابن الزبير يومئذٍ أمير الحجاز
فلم تَجِدْ مَن يحملها
وأتت فتية من بني عديّ
يقال لهم: بنو أم النُّسير، فسألتْهم برحِمٍ تَجمعهم وإيَّاها
وكانت بينها وبينهم قرابة
فأقسمت عليْهم أمها: ليحملنَّها، فحملوها
فبلغ ذلك الفرزدق
فاستنهض عدَّة من أهل البصرة فأنْهضوه
وأعانوه بإبلٍ ونفقةٍ
فتبع النَّوار، وقال:
أَمَّا بَنُوهُ فَلَمْ تَنْفَعْ شَفَاعَتُهُمْ
وَشُفِّعَتْ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَا
لَيْسَ الشَّفِيعُ الَّذِي يَأْتِيكَ مُؤْتَزِرًا
مِثْلَ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْتِيكَ عُرْيَانَا
فبلغ ابنَ الزبير شعره
ولقِيه على باب المسجِد وهو خارج منه
فضغَطَ حلْقه حتَّى كاد يقتُلُه ثمَّ خلاَّه
ثمَّ دخل إلى النَّوار فقال لها:
إن شئتِ فرَّقتُ بيْنك وبيْنه ثمَّ ضربتُ عنُقَه
فلا يهجونا أبدًا
وإن شئتِ أمضيت نكاحَه
فهو ابن عمِّك وأقرب النَّاس إليك
وكانت امرأة صالحة، فقالت:
أوما غير هذا يا أمير المؤمنين
قال: لا، قالت:
ما أحبُّ أن يُقْتل
ولكني أمضي أمره
فلعلَّ الله أن يَجعل في كرهي إيَّاه خيرًا
فمضت إليه وخرجت معه إلى البصرة
فكان الفرزدق يقول:
خرجْنا ونحن متباغِضان، فعدنا متحابين
فلمَّا اصطلحا، ورضِيَت به
عادا إلى البصرة فمكثا ما شاء الله
وأصبح له منها أولادٌ وبنات
لكنَّ ما لم تستطِع أن تحقِّقَه بمعونة السُّلطان والحكَّام والأمراء وصلت إليه بالحيلة والدَّهاء
فما زالت تتودَّد إليْه حتَّى طلَّقها
على أن تبقي أعطياتها له وألاّ تتزوَّج بعده
فقبِلت على أن يشهد طلاقَهما الحسن البصري
رحمه الله
فأتيا الحسن فقال له الفرزْدق:
يا أبا سعيد، قال له الحسن: ما تشاء؟
قال: أشهد أنَّ النَّوار طالق ثلاثًا،
فقال الحسن: قد شهِدْنا،
فلمَّا انصرف قال: لصاحب خرج معه
قد ندِمْتُ على طلاقها
ومضى وهو يقول:
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا
غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ
وَلَوْ أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي وَقَلْبِي
لَكَانَ عَلَيَّ لِلقَدَرِ الخِيَارُ
وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا
كَآدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُ الضِّرَارُ
وَكُنْتُ كَفَاقِئٍ عَيْنَيْهِ عَمْدًا
فَأَصْبَحَ مَا يُضِيءُ لَهُ النَّهَارُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق