قال عليّ بن المغيرة كانت زينب بنت يوسف بن الحكم بن أبي عقيل أختالحجّاج بن يوسف لأبيه وأمّها الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعودٍ الثّقفيعند المغيرة بن شعبة فرآها يوماً تتخلّل بكرةً فقال لها أنت طالقٌ والله لئن كان هذامن غذاءٍ لقد جشعت ونهمت، وإن كان من عشاءٍ لقد أنتنت وقذرت، فقالت قبّح اللهالذواق والمطلاق ولا يبعد الله، والله ما هو الذي ظننت، ولكنّه استمسك بينأسناني شظيّة من السّواك.
وكان سبب قول النّميري فيها: إنّ أباها يوسف بن الحكم مرض، وكان يزيدمعاوية قد ولاّه صدقات الطّائف وأرض الشّراة، فنذرت إن الله عافاه أن تمشي إلىالكعبة معتمرةً من الطّائف، وبين الطّائف ومكّة يومان وليلتان، فمشت ذلك فياثنين وأربعين يوماً، وكانت جميلةً وسيمةً فلقيها النّميري، وهو محمّد بن عبدالله بن نميرٍ الثّقفي، ببطن نعمان فقال:
تضوّع مسكاً بطن نعمان إذ مشت ... به زينبٌ في نسوةٍ عطرات
تهادين ما بين المحصب من منى ... وأقبلن لا شعثاً ولا غبرات
مررن بفخٍّ رائحاتٍ عشيّةً ... يلبّين للرّحمن مؤتجرات
لها أرج بالعنبر الورد فاغم ... تطلّع رياه من الفترات
يخبّئن أطراف البنان من التّقى ... ويمشين شطر الليل معتمرات
وليست كأخرى أوسعت جنب درعها ... وأبدت بنان الكفّ للجّمرات
ومالت تراءى من بعيدٍ فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات
تقسّمن لبّي يوم نعمان إنّني ... بليت بطرفٍ فاتك اللّحظات
يظاهرن أستاراً ودوراً كثيرةً ... ويقطعن دور اللهو بالحجرات
ولمّا رأت ركب النّميري أعرضت ... وكنّ من أن تلقينه حذرات
دعت نسوةً شمّ العرانين كالدّما ... أوانس ملء العين كالظّبيات
فأبدين لمّا قمن يحجبن زينبا ... بطوناً لطاف الطّيّ مضطمرات
قلت: يعافير الظّباء تناولت ... يناع غصون الورد مهتصرات
فلم ترعيني مثل ركبٍ رأيته ... خرجن من التّعمير معتمرات
وكدت اشتياقاً نحوها وصبابةً ... تقطّع نفسي إثرها حسرات
وغادرت من وجدي بزينب غمرةً ... من الحبّ إنّ الحبّ ذو غمرات
وظل صحابي يظهرون ملامتي ... على لوعة الأشواق والزّفرات
فراجعت نفسي والحفيظة إنّما ... بللت رداء العصب بالعبرات
وقد كان في عصياني النّفس زاجرٌ ... لذي عبرةٍ لو كنّ معتبرات
زينب سبب نفي النّميري وعذابه
قال مسلم بن جندب الهلالي كنت مع عبد الله بن الزّبير بنعمان وغلام ينشدخلفه، وهو يشتمه أقبح الشّتم. فقلت له: ما هذا؟ فقال: دعه فإني تشبّبت بأختهذا الحجّاج بن يوسف. فلمّا قتل الحجّاج عبد الله بن الزّبير دعا النّاس إلىالبيعة، فتأخر محمّد حتّى قام في آخر النّاس ولم يجد من الحضور بدّاً. فلمّا دنامنه قال: أمحمّدٌ؟ قال نعم: قال: أنشدني ما قلت. فأنشدته قصيدتي هذه فقال:لولا أن يقول قائلٌ لضربت عنقك، أنج لا نجوت ولا تعد فقال: لا تعرضت لاسمزينب ما بقيت.
قال: ولما خاف النّميري من الحجّاج عاذ بأبيه يوسف بن الحكم. فلمّا أرسل عبدالملك الحجّاج لقتال ابن الزّبير، قام إليه يوسف بن الحكم وقال له: يا أميرالمؤمنين إنّ فتىً منّا ذكر زينب بما يذكر به العربيّ ابنة عمّه، وقد علمت أنّ هذا لميزل يتقلّب عليه. قال عبد الملك: أليس النّميري؟ قال: بلى، قد سمعت شعره فماسمعت مكروهاً ثمّ أقبل على الحجّاج وقال: لا تعرض له.
ويقال إنّ عبد الملك لمّا بلغه شعر النّميري كتب إلى الحجّاج: قد بلغني ما كان منقول النّميري، فلا تدنه فتقطعه، ولا تقصه فتغره. ولكن أهمله واله عنه. فلم يهجهالحجّاج ومن قوله فيها:
تشتو بمكّة نعمة ... ومصيفها بالطّائف
أكرم بتلك مواقفا ... وبزينب من واقف
ومن شعره فيها أيضاً:
مرسلة بواسطة مسعد المطيري في 3:49 م ليست هناك تعليقات:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق