متى ينقرضُ هؤلاء؟!
قال رجلٌ ليحيى بن خالد البرمكيّ:
واللهِ لأنتَ أحلمُ من الأحنف
وأحكمُ من معاوية
وأحزمُ من عبد الملك
وأعدلُ من عمر بن عبد العزيز!
فقال له يحيى:
لعُمير غُلام الأحنف أحلمُ منّي
ولسرحون كاتب معاوية أفقه منّي
ولأبو الزّعيزعة صاحب شرطة عبد الملك أحزمُ منّي
ولمزاحمُ قهرمان عمر بن عبد العزيز أعدل منّي
وما تقرّب إليّ من أعطاني فوق حقّي!
.
.
الدّرس الأوّل:
يقول داروين في كتابه "أصل الأنواع":
البقاء ليس للأقوى، وإنّما للأقدر على التّكيّف!
بغضّ النّظر عن خراريف داروين الكثيرة، إلا أنّ هذا كلام صحيح،
وإلا لما انقرضت الدّيناصورات وبقيت الفئران !
لهذا لن ينقرض هؤلاء لأنّ لهم قدرة عجببة على التّكيّف..
يخلعون مبادئهم كما تخلعُ الحيّة جلدها
ويُغيّرون وجوههم كما يُغيّر أحدنا ملابسه !
.
.
الدّرس الثّاني:
المتسوّلون ليسوا أولئك الذين يلبسون ثياباً رثّة ويمدّون أيديهم في الطّرقات
هناك متسوّلون مرموقون!
منهم شعراء كابن هانىء الأندلسيّ الذي قال للخليفة:
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ... فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّارُ
وهناك مفتون الدّين في أيديهم كالقماش يُفصّلونه على مقاس من يدفع أكثر
وهناك متسوّلون عندهم قنوات تلفزة
وهناك موظّفون يتسوّلون عند رئيس مجلس الإدارة
وهناك مدرّسون يتسوّلون عند مدير المدرسة
هؤلاء لا يمدّون أيديهم كالمتسوّلين الذين ترونهم في الشّوارع،
هؤلاء يمدّون ماء وجوهم!
.
.
الدّرس الثّالث:
من لم يحفظ مكانة غيرك عندك
سيأتي يوم ولن يحفظ مكانتك عند غيرك !
ومن اتخذ الآخرين سُلّماً ليصعد إليك من لالهم
سيأتي يوم ويتّخذكَ سُلّماً ليصعد إلى غيرك!
هؤلاء كالنّاموس والبقّ طعامهم الألذّ ما كان من دماء الآخرين!
.
.
الدّرس الرّابع:
النّبلاء ليسوا بحاجة لأن يكون الآخرون أقلّ قيمة ليرتفعوا
فكن نبيلاً ولا ترضَ أن يُهان شريف في حضرتك
ولو كان بينك وبينه خصومة!
النّبلاء يعرفون فضل أعدائهم كما يعرفون فضل أصدقائهم!
.
.
الدّرس الخامس:
ليس عيباً أن تكون علاقتك حسنة بمن هم أعلى مرتبةً منك
بدءاً برئيس الدّولة، مروراً بالوزير، وصاحب الشركة، ومدير المدرسة، ومالك المصنع
ولكن العيب أن تبني علاقتك معهم عن طريق هدم الآخرين!
العيبُ أن تتسلّقَ أكتافهم لتصلَ!
العيبُ أن تُشعلهم لتوقد سيجارتك!
.
.
الدّرس السّادس:
حيثما وُجدت السّلطة بأي أشكالها وُجد المُتزلّفون!
هؤلاء إن وجدوا مكاناً في القُرب فليس لهم مكان في القلب!
وهم في الغالب لا يتقاضون مرتّباتهم وإنّما يتقاضون أثمانهم!
إنّهم أشبه بكلاب الصّيد الذين يحسبون أنفسهم أصدقاء الصّيادين
مع فارقٍ ضئيل أن كلاب الصّيد تقوم بعملها الذي خُلقت له، معتمدة على جهدها لا على تحطيم الآخرين!
أدهم شرقاوي/ كتاب "حديث المساء"