الجمعة، 20 نوفمبر 2020

ابو الطيب المتنبي ما كنت أحسب قبل دفنك

 

إِنّي لَأَعلَمُ وَاللَبيبُ خَبيرُ

أَنَّ الحَياةَ وَإِن حَرَصتَ غُرورُ

وَرَأَيتُ كُلّاً ما يُعَلِّلُ نَفسَهُ

بِتَعِلَّةٍ وَإِلى الفَناءِ يَصيرُ

أَمُجاوِرَ الديماسِ رَهنَ قَرارَةٍ

فيها الضِياءُ بِوَجهِهِ وَالنورُ

ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى

أَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ

ما كُنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أَن أَرى

رَضوى عَلى أَيدي الرِجالِ تَسيرُ

خَرَجوا بِهِ وَلِكُلِّ باكٍ خَلفَهُ

صَعَقاتُ موسى يَومَ دُكَّ الطورُ

وَالشَمسُ في كَبِدِ السَماءِ مَريضَةٌ

وَالأَرضُ واجِفَةٌ تَكادُ تَمورُ

وَحَفيفُ أَجنِحَةِ المَلائِكِ حَولُهُ

وَعُيونُ أَهلِ اللاذِقِيَّةِ صورُ

حَتّى أَتَوا جَدَثاً كَأَنَّ ضَريحَهُ

في قَلبِ كُلِّ مُوَحِّدٍ مَحفورُ

بِمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلى مِن مُلكِهِ

مُغفٍ وَإِثمِدُ عَينِهِ الكافورُ

فيهِ الفَصاحَةُ وَالسَماحَةُ وَالتُقى

وَالبَأسُ أَجمَعُ وَالحِجى وَالخَيرُ

كَفَلَ الثَناءُ لَهُ بِرَدِّ حَياتِهِ

لَمّا اِنطَوى فَكَأَنَّهُ مَنشورُ

وَكَأَنَّما عيسى اِبنُ مَريَمَ ذِكرُهُ

وَكَأَنَّ عازَرَ شَخصُهُ المَقبورُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معلقة الأعشى وقصته

  وَدِّع   هُرَيرَةَ   إِنَّ   الرَكبَ   مُرتَحِلُ   وَهَل   تُطيقُ   وَداعاً   أَيُّها   الرَجُلُ غَرّاءُ   فَرعاءُ   مَصقولٌ   عَوارِضُها ...