ألِمَّا على مَعْنٍ وَقُولاَ لِقَبْرِهِ |
سَقتْكَ الغَوادي مَرْبَعاً ثُمَّ مَرْبَعا |
فيا قَبْرَ مَعَنٍ كنتَ أَوَّلَ حُفْرَةٍ |
من الأرضِ خُطّتْ لِلسَّماحَةِ مَضْجَعا |
ويا قَبْرَ مَعَنٍ كيفَ وَارَيْتَ جُودَهُ |
وقد كان منه البَرُّ والبَحْرُ مُتْرَعا |
بَلَى قَدْ وَسِعْتَ الجودَ والجُودُ مَيِّتٌ |
ولو كان حَيَّا ضِقْتَ حَتَّى تَصَدَّعا |
ولما مضَى مَعْنٌ مضى الجودُ وانْقَضَى |
وأصبحَ عِرْنِينُ المَكارِمِ أَجْدَعَا |
وما كان إلاَّ الجُودُ صُورَةَ خَلْقِهِ |
فَعاشَ زَماناً ثُمَّ وَلَّى فَوَدَّعَا |
وكنتَ لِدَارِ الجُودِ يا مَعْنُ عامِراً |
فقد أصبحتْ قَفْراً مِنَ الجُودِ بَلْقَعا |
فَتىً عِيشَ في مَعْرُوفِهِ بَعْدِ مَوْتِهِ |
كما كانَ بَعْدَ السَّيْلِ مَجْراهُ مَرْتَعا |
تَمَنَّى أُناسٌ شَأوَهُ من ضَلالِهِمْ |
فأضْحَوْا على الأذْقَانِ صَرْعَى وظُلَّعا |
تَعَزَّ أبا العباسِ عَنْهُ ولا يَكُنْ |
جَزَاؤُكَ مِنْ مَعْنٍ بأَنْ تَتَضَعْضَعا |
أَبَى ذِكْرُ مَعْنٍ أَنْ تَمُوتَ فِعَالُهُ |
وإنْ كَان قَدْ لاقَى حِماماً ومَصْرَعَا |
فما ماتَ مَنْ كُنْتَ ابنَهُ لا ولا الذي |
له مثْلُ ما أَسْدَى أبوكَ ومَا سَعى |
لِنَدْبِكَ أحْزَانٌ وسابقُ عَبْرَةِ |
أَثَرْنَ دَماً مِنْ دَاخِلِ الجَوْفِ مُنْقَعا |
تَجَرَّعْتُها مِنْ بَعْدِ مَعْنٍ بموته |
لأَعْظَم منها ما احْتَسَى وتَجَرَّعَا |
ومِنْ عَجَبٍ أَنْ بِتَّ بالرُّزْءِ ثَاوياً |
وبِتُّ بما خَوَّلْتَني مُتَمَتِّعا |
ولو أنَّني أَنْصَفْتُكَ الوُدَّ لم أَبِتْ |
خِلاَفَكَ حَتَّى نَنْطَوِي في الرَّدَى معا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق