خذوا بدمي ذات الوشاح
يزيد بن معاوية
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني
رأيتُ بعيني في أناملها دمي
أغار عليها من أبيها وأمها
ومن خطوة المسواك إن دار في الفمِ
أغار على أعطافها من ثيابها
إذا ألبستها فوق جسم مُنعّمِ
وأحسد أقداحا تُقبّلُ ثغرها
إذا أوضعتها موضع المزجِ في الفمِ
خذوا بدمي منها فإني قتيلها
فلا مقصدي ألا تقوتوا تنعمي
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها
ولكن سلوها كيف حلّ لها دمي
وقولوا لها يا مُنية النفس إنني
قتيل الهوى والعشق لو كنتِ تعلمي
ولا تحسبوا أني قتلت بصارم
ولكن رمتني من رباها بأسهمِ
لها حكم لقمـان وصـورة يوسـف
ونغـمـة داود وعـفّـه مـريـمِ
ولي حزن يعقوب ووحشـة يونـس
وآلام أيـــوب وحـســرة آدمِ
ولو قبـل مبكاهـا بكيـت صبابـة
لكنت شفيت النفـس قبـل التنـدمِ
ولكن بكت قبلي فهيج لـي البكـاء
بكاهـا فكـان الفضـل للمتـقـدمِ
بكيت على من زين الحسن وجههـا
وليس لها مثـل بعـرب وأعجمـي
مدنيـة الألحـاظ مكيّـة الحشـا
هلاليّـة العينيـن طائيّـة الـفـمِ
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرهـا
بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـمِ
أشارت بطرف العين خيفـة أهلهـا
إشـارة محـزونٍ ولــم تتكـلـمِ
فأيقنت أن الطرف قد قـال مرحبـا
وأهـلا وسهـلاً بالحبيـب المُتيّـمِ
فوالله لـولا الله والخـوف والرجـا
لعانقتهـا بيـن الحطيـمِ وزمـزمِ
وقبلتهـا تسعـاً وتسعيـن قبـلـةً
براقـةً بالكـفِّ والـخـدِ والـفـمِ
ووسدتهـا زنـدي وقبّلـت ثغرهـا
وكانت حلالاً لي ولو كنـت محـرمِ
ولمـا تلاقينـا وجــدت بنانـهـا
مُخضّبـة تحكـي عصـارة عنـدمِ
فقلت خضّبت الكف بعـدي هكـذا
يكـون جـزاء المستهـامِ المُتيّمِ
فقالت وأبدت في الحشا حر الجوى
مقالة من فـي القـول لـم يتبـرّمِ
وعيشـك ما هـذا خضـاباً عرفتـهُ
فلا تكُ بالبهتانِ والـزور ظالمي
ولكننـي لمـا رأيـتـك نائياً
وقد كنت كفي في الحياة ومعصمـي
بكيت دماً يـوم النـوى فمسحتـهُ
بكفي فاحمرّت بناني من دمي.