قال أبو الاسود الدؤلي لابنه: يا بني إن كنت في قوم فلا تتكلم بكلام من هوفوقك فيمقتوك، ولا بكلام من هو دونك فيزدروك. حكي أن الحجاج قاللأعرابي: أخطيب أنا؟ قال: نعم لولا أنك تكثر الرد، وتشير باليد، وتقول أما بعد. حكي عن الاصمعي أن الرشيد سأله يوما عن أنساب بعض العرب فقال: علىالخبير سقطت يا أمير المؤمنين.
مدونه منوعه تعنا بشؤون الحياة الاقتصاديه والثقافيه والسياسيه
الأربعاء، 19 فبراير 2025
الأحد، 16 فبراير 2025
قصيدة قس بن ساعدة الإيادي
في الذاهِبينَ الأَوَّلي
نَ مِنَ القُرونِ لَنا بَصائِر
لَمّا رَأَيتُ مَوارِداً
لِلمَوتِ لَيسَ لَها مَصادِر
وَرَأَيتُ قَومي نَحوَها
تَمضي الأَصاغِرُ وَالأَكابِر
لا يَرجِعُ الماضي وَلا
يَبقى مِنَ الباقينَ غابِر
أَيقَنتُ أَنّي لا مَحا
لَةَ حَيثُ صارَ القَومُ صائِر
قصة و ضاح اليمن
وضاح اليمن، هو عبدالرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال، لقب بالوضّاح لوسامته، من شعراء الغزل في العصر الأموي. قيل إنه مات مقتولاً بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك لتشبيبه بزوجته.
ينتسب وضاح اليمن إلى خولان منازل شعوب حوالي صنعاء ، لقب وضاح لأنه كان على جانب كبير من الوضاءة والصباحة واستواء التكوين.
أحاط الغموض بحياته وكذلك ظروف مماته ولاتكاد تجد وضوحا لحياته في سير الأدب كالبقية من زملائه الشعراء، فقد عاش وضاح في عصر الدولة الأموية وهو عصر ازدهر فيه الأدب ازدهارا تعددت فيه مواضيعه واختلفت فيه اتجاهاته ومدارسه وكان فيه شعراء السياسة والهجاء مثل جرير والفرزدق والأخطل وعدي بن الرقاع وغيرهم كما ظهر فيه الشعراء الغزليون والعذريون أمثال عمر بن أبي ربيعة وابن قيس الرقيات والعرجي وجميل بثينة وكثير عزة وغيرهم كثير.
كان وضاح من شعراء الغزل المشهورين، وفي حياة وضاح نساء عاش معهن حياة عاطفية ، أولهن امرأة يمنية هي روضة بنت عمرو من كندة وقد نظم فيها شعرا كثيرا ولم يتزوجها ولكن اشتهرت تلك العلاقة التي كانت بينه مع أم البنين بنت عبد العزيز زوجة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والتي قتل بسببها.
وضاح وأم البنين
أم البنين هي بنت عبد العزيز بن مروان وزوجة الوليد بن عبد الملك وكانت جميلة واستأذنت زوجها ذات يوم للحج فأذن لها ولما بلغت مكة – وكان الوليد قد توعد من تغزل بزوجته أو جواريها، اما وضاح فتغزل بأم البنين فأحبت وضاح وأحبها وطلبت منه أن يتبعها إلى الشام.
ويذكر الدكتور طه حسين أن الوليد أهدى جواهر اعجتبه وارسلها مع أحد الخدم ودخل الخادم فرأى عندها وضاح فأسرعت ووضعت وضاحا في الصندوق والخادم يرى ثم أخذت الجواهر من الخادم فطمع الخادم وطلب إحدى هذه الجواهر فأبت عليه وسبته فانصرف غاضبا وأخبر الخليفة بما رأى فأظهر الخليفة تكذيبه وأمر بقتله ثم نهض من فوره ودخل على الملكة فإذا بها تتمشط فجلس على الصندوق الذي وصفه له الخادم وطلب منها أن تعطيه إياه فلم تستطع الرفض فأخذه إلى مجلسه وأمر بحفر بئر في هذا المجلس وألقى الصندوق في لبئر ثم دفنها بالتراب وسوى بها الأرض ورد البساط فوقها كما كان واختفى وضاح.
وفاته
تذكر كتب التاريخ أن وضاح اليمن توفي عام 90 هـ / 708 م، وهو اليوم الذي اختفى فيه داخل الصندوق.
المصدر: موسوعة المحيط
#شخصيات_يمنية
#دليل_اليمن
السبت، 15 فبراير 2025
قصيدة مختاره( ودع لميس وداع الصارم اللاحي ) اوس بن حجر
قصيدة مختاره( ودع لميس وداع الصارم اللاحي ) اوس بن حجر
ودّعْ لميسَ وداعَ الصّارمِ اللاحِي
إذْ فنّكتْ في فسادٍ بعدَ إصْلاحِ
إذْ تستبيكَ بمصقولٍ عوارضُهُ
حمشِ اللّثاتِ عذابٍ غيرِ مملاحِ
وقدْ لهوتُ بمثلِ الرّثمِ آنسة ٍ
تُصْبي الحليمَ عَرُوبٍ غير مِكْلاحِ
كأنّ رِيقَتَها بعد الكَرَى اغْتَبَقَتْ
من ماءِ أصْهَبَ في الحانوتِ نَضّاحِ
أوْ منْ معتّقة ٍ ورهاءَ نشوتُها
أوْ منْ أنابيبِ رمّانٍ وتفّاحِ
هبّتْ تلومُ وليستْ ساعة َ اللاحي
هلاّ انتظرتِ بهذا اللّومِ إصباحي
إنْ أشْرَبِ الخَمْرَ أوْ أُرْزَأ لها ثمَناً
فلا محالَة َ يوماً أنّني صاحي
ولا محالَة َ منْ قبرٍ بمحنية ٍ
وكفنٍ كسرَاة ِ الثورِ وضّاحِ
دَعِ العَجوزَيْنِ لا تسمعْ لِقِيلهما
وَاعْمَدْ إلى سيّدٍ في الحيّ جَحْجاحِ
كانَ الشّبابُ يلهِّينا ويعجبُنَا
فَمَا وَهَبْنا ولا بِعْنا بِأرْبَاحِ
إنّي أرقتُ ولمْ تأرقْ معِي صاحي
لمستكفٍّ بعيدَ النّومِ لوّاحِ
قد نمتَ عنّي وباتَ البرقَ يُسهرني
كما استْتَضاءَ يَهوديٌّ بِمِصْباحِ
يا منْ لبرقٍ أبيتُ اللّيلَ أرقبُهُ
في عارِضٍ كمضيءِ الصُّبحِ لمّاحِ
دانٍ مُسِفٍّ فوَيقَ الأرْضِ هَيْدبُهُ
يَكادُ يَدفَعُهُ مَن قامَ بِالرّاحِ
كَأنّ رَيِّقَهُ لمّا عَلا شَطِباً
أقْرَابُ أبْلَقَ يَنْفي الخَيْلَ رَمّاحِ
هبّتْ جنوبٌ بأعلاهُ ومالَ بهِ
أعجازُ مُزنٍ يسُحّ الماءَ دلاّحِ
فالْتَجَّ أعْلاهُ ثُمّ ارْتَجّ أسْفَلُهُ
وَضَاقَ ذَرْعاً بحمْلِ الماءِ مُنْصَاحِ
كأنّما بينَ أعلاهُ وأسفلِهِ
ريطٌ منشّرة ٌ أو ضوءُ مصباحِ
يمزعُ جلدَ الحصى أجشّ مبتركٌ
كأنّهُ فاحصٌ أوْ لاعبٌ داحي
فمَنْ بنجوتِهِ كمَنْ بمحفلِهِ
والمُستكنُّ كمَنْ يمشي بقرواحِ
كأنَّ فيهِ عشاراً جلّة ً شُرُفاً
شُعْثاً لَهَامِيمَ قد همّتْ بِإرْشاحِ
هُدْلاً مَشافِرُهَا بُحّاً حَنَاجِرهَا
تُزْجي مَرَابيعَها في صَحصَحٍ ضاحي
فأصْبَحَ الرّوْضُ والقِيعانُ مُمْرِعة ً
منْ بين مرتفقٍ منها ومُنطاحِ
وقَدْ أرَاني أمامَ الحيِّ تَحْملُني
جلذيّة ٌ وصلتْ دأياً بألواحِ
عَيْرانَة ٌ كَأتانِ الضّحْلِ صَلّبَهَا
جرمُ السّواديِّ رضّوهُ بمرضاحِ
سقَى ديارَ بني عوفٍ وساكنَهَا
وَدَارَ عَلْقَمَة ِ الخَيْرِ بنِ صَبّاحِ
—————–
يقول الحكماء أن هذه القصيدة من أشهر ما قيل في وصف السحاب والمطر والبرق على الاطلاق
ولمحبي مفردات اللغة العربية عليهم التمعن في معاني المفردات فأنها قمة في المعاني
الجمعة، 14 فبراير 2025
قصيدة ابن الونان. الشمقمقية
أمّا عن مناسبة قصيدة “مهلاً على رسلك حادي الأيـنـق” فيروى بأنّ محمد بن الونان، كان نديمًا للملوك العلويين، فقد جالس ثلاثة منهم، وهم السلطان إسماعيل بن علي الشريف، وابنه، وحفيده، وحينما توفي محمد بن الونان، أراد ابنه أن يتصل بالسلطان، ولكن حجاب القصر منعوه من ذلك، فجلس على مكان مرتفع ينتظر موكب السلطان أن يمر من أمامه.
نص القصيدة الشمقمقية:
مَهْلاً على رِسْلِكَ حَادِي الأَيْنُقِ = وَلا تُكَلِّفْهَا بِمَا لمْ تُطِقِ
فطَالَمَا كَلَّفْتَهَا وسُقْتَهَا = سَوْقَ فَتًى مِنْ حَالِهَا لمْ يُشْفِقِ
وَلَمْ تَزَلْ تَرْمِي بِهَا أيْدِي النَّوَى = بِكُلِّ فَجٍّ وَفَلاةٍ سَمْلَقِ
وَمَا ائْتَلَتْ تَذْرَعُ كُلَّ فدْفَدٍ = أذْرُعُهَا وَكُلَّ قَاعٍ فَرَقِ
وَكَلَّ أَبْطَحٍ وأجْرَعٍ وَجِزْ = عٍ وَصَرِيمَةٍ وكُلَّ أبرَقِ
مَجَاهِلٌ تَحَارُ فِيهِنَّ القَطَا = لا دِمْنَةً لا رَسْمَ دَارٍ قَدْ بَقِي
لَيْسَ بها غَيْرُ السَّوَافِي والحَوَا = صِبِ الحَرَاجِيجِ وكُلُّ زِحْلِقِ
وَالْمَرْخِ وَالعَفَارِ والعِضَاهِ والْـ = ـبِشامِ والأَثْلِ ونَبْتِ الخَرْبَقِ
والرِّمْثِ والخُلَّةِ والسَّعْدَانِ والـثْـ = ثَغْرِ وشَرْيٍ وَسَناً وَسَمْسَقِ
وَعُشَرٍ ونَشَمٍ وإِسْحِلٍ = مَعَ ثُمَامٍ وبَهَارٍ مُونِقِ
والسِّمْعِ واليَعْقُوبِ والقِشَّةِ والـسْـ = سَيِّدِ وَالسَّبَنْتَى والقَطَا وجَورَقِ
واللَّيْلِ والنَّهَارِ والرِّئْالِ والْـ = ـهَيْثَمِ مَعْ عِكْرِمَةٍ وخِرْنِقِ
وَلَمْ تَزَلْ تَقْطَعُ جِلْبَابَ الدُّجَا = بِجَلَمِ الأَيْدِي وسَيْفِ العُنُقِ
فما اسْتَرَاحَتْ منْ عُبُورِ جَعْفَرٍ = ومِنْ صُعُودٍ بصَعِيدٍ زَلَقِ
إلاَّ وفي خَضْخَاضِ دَمْعِ عَيْنِهَا = خَاضَتْ وَغَابَتْ بسَرَابٍ مُطْبِقِ
كأنَّما رَقْرَاقُهُ بَحْرٌ طَمَا = والنُّوقُ أمْوَاجٌ عَلَيْهِ تَرْتَقي
وكلُّ هَوْدَجٍ على أَقْتَابِهَا = مِثْلُ سَفِينٍ مَاخِرٍ أوْ زَوْرَقِ
مَرَّتْ بها هُوجُ الرِّيَاحِ فَهْيَ في = تَفَرُّقٍ حِيناً وَحِيناً تَلْتَقِي
وكَمْ بِسَوْطِ البَغْيِ سُقْتَ سُوقَهَا = سَوْقَ المُعَنِّفِ الَّذِي لمْ يَتَّقِ
حتَّى غَدَتْ خُوصاً عِجَافاً ضُمَّراً = أعْنَاقُها تَشْكُو طَوِيلَ العَنَقِ
مَرْثُومَةَ الأَيْدِي شَكَتْ فَرْطَ الوَجَا = لكنَّهَا تَشْكُو لِغَيْرِ مُشْفِقِ
قدْ ذَهَبَتْ منها المَحَاسِنُ بِإِدْ = مَانِ السُّرَى وقِلَّةِ التَّرَفُّقِ
كأنَّها لمْ تَكُ قبلُ انْتُخِبَتْ = منْ كُلِّ قَرْوَاءَ رَقُوبٍ فُنُقِ
دَوْسَرَةٍ هَوْجَاءَ وَجْنَا ما بِهَا = مِنْ نَقَبٍ ومنْ وَجًى وسَلَقِ
منْ بَعْدِ مَا كَانَتْ هُنَيْدَةً غَدَتْ = أكْثَرَ منْ ذَوْدٍ ودُونَ شَنَقِ
فإنْ تَمَادَيْتَ على إِتْعَابِهَا = ولمْ تَكُنْ مُنْتَهِياً عنْ رَهَقِ
فَسَوْفَ تَعْرُوكَ على إِتْلافِهَا = نَدَامَةُ الكُسْعِيِّ والفَرَزْدَقِ
وكُنْتَ قدْ عُوِّضْتَ عنْ أخْفَافِهَا = خُفَّيْ حُنَيْنٍ ظَافراً بالأَنَقِ
لأنْتَ أظْلَمُ من ابنِ ظَالِمٍ = إنْ كُنْتَ مِنْ بَعْدُ بِهَا لمْ تَرْفُقِ
رِفْقاً بها قدْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَا = واتَّسَعَ الخَرْقُ على المُرَتِّقِ
وَهَبْ لأَيْدِيهِنَّ أيْداً وَلَهَا = مَتْناً مَتِيناً ما خَلا عنْ مَصْدَقِ
فَمَا لِظَعْنٍ حَمَلَتْ منْ مَرَّةٍ = بِظَعَنٍ أَوْدَى بها في الغَسَقِ
أَسَأْتَ لِلْغِيْدِ ولِلنَّوْقِ وَلِي = إِسَاءَةً بتَوْبَةٍ لمْ تُمْحَقِ
لوْ لمْ يَكُنْ بِحُبِّ حِلْمِ أحْنَفٍ = وَالمُنْقَرِيِّ قَلْبِي ذا تَعَلُّقِ
حَمَلْتُ رَأْسَكَ على شَبَا القَنَا = مُرَوِّعاً بِهِ حُدَاةَ الأَيْنُقِ
فَسُقْ فلا نَعِمَ عَوْفُكَ ولا = أَمِنَ خَوْفُكَ ولا تَدْرَنْفِقِ
ودَعْ يَسُوقُ بعْضُها بَعْضاً فقدْ = دَنَا وُلُوجُوهَا بِوَعرٍ ضَيِّقِ
ولتَتَّخِذْنِي رَائِداً فَإِنَّنِي = ذُو خِبْرَةٍ بمُبْهَمَاتِ الطُرُقِ
إنْ غَرِثَتْ عَلَّفْتُهَا وَلَوْ بِمَا = جَمَعْتُهُ منْ ذَهَبٍ ووَرِقِ
أوْ صَدِيَتْ أوْرَدْتُها منْ أَدْمُعِي = نَهْرَ الأُبُلَّةِ ونَهْرَ جِلَّقِ
رِفْقاً بها شَفِيعُها هَوَادِجٌ = غَدَتْ سَمَاءَ كُلِّ بَدْرٍ مُشْرِقِ
منْ كُلِّ غَيْدَاءَ عَرُوبٍ بَضَّةٍ = رُعْبُوبَةٍ عَيْطَاءَ ذَاتِ رَوْنَقِ
خَرِيدَةٍ مَسُوَدَةٍ رَقْرَاقَةٍ = وَهْنَانَةٍ بَهْنَانَةِ المُعْتَنَقِ
تَسْبِي بثَغْرٍ أَشْنَبٍ وَمَرْشَفٍ = قد ارْتَوَى منْ قَرْقَفٍ مُعَتَّقِ
ونَاعِمٍ مُهَيْكَلٍ وفَاحِمٍ = مُرَجَّلٍ وحَاجِبٍ مُرَقَّقِ
وَعَقِبٍ مُحَجَّلٍ وَمِعْصَمٍ = مُسَوَّرٍ وعُنُقٍ مُطَوَّقِ
ومُقْلَةٍ تَرْمِي بقَوْسِ حَاجِبٍ = لاحِظَهَا بسَهْمِهَا المُفَوَّقِ
تمْنَعُ مَسَّ ثَوْبِهَا لجِسْمِهَا = ثلاثةٌ مِثْلُ الأثَافِي في الرُّقِي
حُقَّانِ منْ عَاجٍ وقَعْبُ فِضَّةٍ = منْ ظاهرٍ وباطنٍ كالشَّفَقِ
وزادَ مِسْكُ الخَالِ وَرْدَ خَدِّهَا = حُسْناً وقدْ عَمَّ بطِيبٍ عَبِقِ
وَقَبَّلَتْ أقْدَامَهَا ذَوَائِبٌ = سُودٌ كَقَلْبِ العاشقِ المُحْتَرِقِ
وقُلْ لِرَبَّاتِ الهَوَادِجِ انْجَلِي = نَ آمِنَاتٍ منْ فَزَعٍ وفَرَقِ
فإنَّنِي أَشْجَعُ مِنْ رَبيعَةٍ = حَامِي الظَّعِينَةِ لدَى وقتِ اللُّقِي
ورُبَّما يَبْدُو إذا بَرَزْنَ لِي = رِئْمٌ إليها طارَ في تَشَوُّقِ
لُبْنَى وما أَدْرَاكَ ما لُبْنَى بها = عُرِفْتُ صَبًّا مُغْرَماً ذا قَلَقِ
ولا يَزَالُ في رِيَاضِ حُسْنِهَا = يَسْرَحُ فِكْرُهُ ويجولُ رَمَقِي
ولا تَسَلْ عَمَّا أَبُثُّ منْ جَوًى = وما تُرِيقُ منْ دُموعٍ حَدَقِي
يومَ اشْتَكَى كلٌّ بِمَا في قَلْبِهِ = لِحِبِّهِ بطَرْفِهِ بما لَقِي
ما عُذْرُ مَنْ يشْكُو الجَوَى لمَنْ جَفَا = وَهْوَ لِدَمْعِ جَفْنِهِ لمْ يُرِقِ
آهٍ على ذِكْرِ لَيَالٍ سَلَفَتْ = لي مَعَهَا كَالْبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
كمْ أوْدَعَتْ في مُقْلَتِي منْ سَهَرٍ = وأضْرَمَتْ في مُهْجَتِي منْ حَرَقِ
في مَعْهَدٍ كُنَّا بهِ كَنَخْلَتَيْ = حُلْوَانَ في وَصْلٍ بلا تَفَرُّقِ
نِلْنَا بهِ ما نَشْتَهِي منْ لَذَّةٍ = وَدَعَةٍ في ظِلِّ عيشٍ دَغْفَقِ
أَزْمَانَ كانَ السَّعْدُ لي مُسَاعِداً = ومُقْلَةُ الرَّقِيبِ ذاتُ بَخَقِ
واليومَ قدْ صارَ سَلامُ عَزَّةٍ = يَقْنَعُ مِنْ لُبْنَى إذا مَا نَلْتَقِ
واللَّهِ لوْ حَلَّتْ دِيَارَ قَوْمِهَا = واحْتَجَبَتْ عنِّي بَبَابٍ مُغْلَقِ
لَزُرْتُهَا واللَّيْلُ جَوْنٌ حالِكٌ = وجَفْنُهَا لمْ يَكْتَحِلْ بِأَرَقِ
مَعِي ثلاثةٌ تَقِي صَاحِبَها = ما لمْ تَكُنْ نُونُ الوقايَةِ تَقِي
سيفٌ كَصَمْصَامَةِ عَمْرٍو بَاتِرٌ = لا يُتَّقَى بِيَلَبٍ وَدَرَقِ
وبينَ جَنْبَيَّ فُؤَادُ ابنِ أَبِي = صُفْرَةَ قاطعُ قَرَا ابنِ الأَزْرَقِ
وفَرَسٌ كَلاحِقٍ أوْ دَاحِسٍ = يومَ الرِّهَانِ شَأْوُهُ لمْ يُلْحَقِ
تَقْدَحُ نيرانَ الحُبَاحِبِ حَوَا = فِرُهُ عندَ خَبَبٍ وَطَلَقِ
كالرِّيحِ في هُبُوبِهِ والسِّمْعِ في = وُثُوبِهِ وكالمَهَى في فَشَقِ
بهِ أَجُوسُ في خِلالِ دُورِهَا = وأَنْثَنِي كَالْبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
فإنْ تَكُ الزَّبَّاءُ خَلَّتْ قَصْرَهَا = وكَقَصِيرٍ سُقْتُهَا لِلنَّفَقِ
ومَنْ حَمَاهَا كَكُلَيْبٍ فَلَهُ = جَسَّاسُ رُمْحٍ رَاصِدٍ بالطُّرُقِ
لا بُدَّ لي منها وإنْ تَحَصَّنَتْ = بالأَبْلَقِ الفَرْدِ وبالخَوَرْنَقِ
لا بُدَّ لي منها وإنْ عَثَرْتُ في = ذَيْلِ الحُسَامِ والسِّنَانِ الأزْرَقِ
فإنْ ظَفَرْتُ بالمُنَى منْ قُرْبِهَا = بَالَغْتُ في صِيَانَةِ العِرْضِ النَّقِي
وإنْ بَقِيتُ مثلَ ما كُنْتُ فَلا = زِلْتُ بغيضَ مَضْجَعِي ونُمْرُقِي
أَشُنُّ كلَّ غَارةٍ شَعْوَا على = مَنْ يَحْمِهَا في مِقْنَبٍ وفَيْلَقِ
وفي خَمِيسٍ منْ خِيَارِ يَعْرُبٍ = ذَوِي رِمَاحٍ وخُيُولٍ سُبُقِ
منْ أُسْرَتِي بني مُلُوكٍ فَهُمْ = أَطْوَعُ لي منْ سَاعِدِي ومِرْفَقِي
سَلِ ابنَ خَلْدُونَ عَلَيْنَا فَلَنَا = بِيَمَنٍ مَآثِرٌ لمْ تُمْحَقِ
وَسَلْ سُلَيْمَانَ الكُلاعِيَّ كَمْ لنا = منْ خَبَرٍ بخَيْبَرٍ والخندَقِ
ويومَ بَدْرٍ وحُنَيْنٍ وتَبُو = كَ والسَّوِيقِ وبَنِي المُصْطَلِقِ
بهمْ فَخَرْتُ ثمَّ زِدْتُ مفْخَراً = بأَدَبِي الغَضِّ وحُسْنِ مَنْطِقِي
وزانَ عِلْمِي أَدَبِي فلنْ تَرَى = مَنْ شِعْرُهُ كشِعْرِيَ المُنَمَّقِ
فإنْ مَدَحْتُ فمَدِيحِي يُشْتَفَى = بهِ كَمِثْلِ العَسَلِ المُرَوَّقِ
وإنْ هَجَوْتُ فهُجَايَ كالشَّجَا = يَقِفُ فِي الحَلْقِ كمِثْلِ الشَّرَقِ
فإنْ يَكُ الشِّعْرُ عَصَا غَيْرِي فقدْ = أَطَاعَنِي في عَيْهَقٍ وحَنَقِ
وإنْ يكُنْ سيفاً مُحَلًّى فَلَقَدْ = أبْلَى نِجَادَهُ عِنَاقُ عُنُقِ
وإنْ يكُنْ بُرْداً فقدْ صِرْتُ بهِ = مُعْتَجِرًا دُونَ جميعِ السُّوَقِ
وإنْ يكُنْ حَدِيقَةً فطَالَمَا = نَزَّهْتُ فيها خَاطِرِي وحَدَقِ
وإنْ يكُنْ بَحْراً فقدْ غُصْتُ على = جَوْهَرِهِ وكُنْتُ نِعْمَ المُنْتَقِي
وإنْ يكُنْ تَاجاً فقدْ زادَ سَناً = جَوْهَرُهُ مُذْ حَلَّ فوقَ مَفْرِقِي
وهلْ أنا إلاَّ ابنُ وَنَّانَ الذي = قَرَّبَهُ كَمْ منْ أميرٍ مُرْتَق
أَحَقُّ مَنْ حُلِّيَ بِالأُسْتَاذِ وَالشْ = شَيْخِ الفقيهِ العالمِ المُحَقِّقِ
وبالمُحَدِّثِ الشَّهِيرِ والأَدِيـ = ـبِ والمُجِيدِ والبليغِ المُفْلِقِ
وأَعْلَمُ النَّاسِ بدُونِ مَرِيَّةٍ = سِيَّانِ مَنْ في مَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
بالشِّعْرِ والتاريخِ والأمثالِ والْـ = ـأَنْسَابِ والآثارِ سَلْ تُصَدِّقِ
فبَشِّرَنْ ذاكَ الحَسُودَ أنَّهُ = يَظْفَرُ في بَحْرِ الهِجَا بالغَرَقِ
وقُلْ لهُ إذا اشْتَكَى منْ دَنَسٍ = أنتَ الذي سَلَكْتَ نَهْجَ الزَّلَقِ
وَفُقْتَ في الجُرْأَةِ خَاصِي أَسَدٍ = فَمُتْ بِغَيْظِكَ وبالرِّيقِ اشْرَقِ
وما الذي دَعَاكَ يَا خَبَّ إلى = ذي الأُفْعُوَانِ ذي اللِّسَانِ الفَرَقِ
نَطَقْتَ بالزُّورِ أمَا كُنْتَ تَعِي = أَنَّ الْبَلا مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ
ولمْ تَخَفْ منْ شاعرٍ مهْمَا انْتَضَى = سيفَ الهِجَا فَرَى حبَالَ العُنُقِ
يا صَاحِ سَلِّمْ للوَرَى تَسْلَمْ ولا = تَسُمْ فصيحَ النُّطْقِ بالتَّمَشْدُقِ
فذاكَ خيرٌ لكَ واسْتَمِعْ إلى = نُصْحِ الحَكِيمِ المَاهِرِ المُحَقِّقِ
وكُنْ مُهَذَّبَ الطِّبَاعِ حَافِظاً = لحِكَمٍ وَأَدَبٍ مُفْتَرِقِ
وعَاشِرِ الناسَ بحُسْنِ خُلُقٍ = تُحْمَدْ عليهِ زمنَ التَّفَرُّقِ
ولا تُصَاحِبْ مَنْ يَرَى لنَفْسِهِ = فَضْلاً بلا فَضْلٍ وغيرَ المُتَّقِي
وكلُّ مَنْ ليسَ لهُ عليكَ مِنْ = فضلٍ فلا تُطْمِعْهُ بالتَّمَلُّقِ
وفَوِّقَنْ سَهْمَ النُّمَيْرِيِّ لِمَنْ = لِطُرُقِ العَلْيَاءِ لمْ يُوَفَّقِ
وافْعَلْ بمَنْ تَرْتَابُ منهُ مثلَ فِعْـ = ـلِ المُتَلَمِّسِ اللَّبِيبِ الحَذِقِ
أَلْقَى الصَّحِيفَةَ بنَهْرِ حِيرَةٍ = وقالَ يا ابنَ هِنْدٍ ارْعُدْ وَابْرُقِ
ولا تَعِدْ بوَعْدِ عُرْقُوبٍ أخاً = وَفِهْ وَفَا سَمَوْءَلٍ بالأبْلَقِ
شَحَّ بأدْرُعِ امْرِئِ القَيْسِ وقدْ = تَرَكَ نَجْلَهُ غَسِيلَ العَلَقِ
ومثلَ جَارٍ لأبي دُؤَادٍ لا = تَطْمَعْ بهِ إنْ لمْ تَكُنْ بالأحمَقِ
واحْمَدْ جليساً لا تخافُ شَرَّهُ = وكابنِ شَوْرٍ لَنْ تَرَى منْ مُطْرِقِ
ونمْ كَنَوْمِ الفهدِ أوْ عَبُّودَ عنْ = عيبِ الورى والظَنِّ لا تُحَقِّقِ
وَلْتَكُ أبصرَ من الهُدْهُدِ والزَّرْ = قا بعيبِ نَفْسِكَ المُحَقِّقِ
وكُنْ كمثلِ وَاسِطِيٍّ غَفْلَةً = عنْ شَتْمِ ضَارِعٍ وعَتْبِ سُقُقِ
وكُنْ نَدِيمَ الفَرْقَدَيْنِ تَنْجُ منْ = مُنَقِّصٍ ومنْ طُرُوِّ الرَّنَقِ
واعْدُ على رِجْلَيْ سُلَيْكٍ هارباً = منْ قُرْبِ كلِّ خُنْبُقٍ وسَهْوَقِ
وكُنْ كعقربٍ وضَبٍّ معَ مَنْ = عليكَ قَلْبُهُ امْتَلا بالحَنَقِ
ثُمَّتَ لا تَعْجَلْ وكُنْ أبْطَأَ منْ = غُرَابِ نُوحٍ أوْ كَفِنْدِ المُوسِقِي
مَضَى لنارٍ طالباً وبعْدَ عَا = مٍ جَابَهَا يَسُبُّ فَرْطَ القلَقِ
وخُذْ بِثَارِكَ وكُنْ كَمَنْ أَتَى = بالجيشِ خَلْفَ شَجَرٍ ذي وَرَقِ
وانْتَهِزِ الفُرْصَةَ مثلَ بَيْهَسٍ = وبالمُدَى لحمَ العُدَاةِ شَرِّقِ
وَكَابْنِ قَيْسٍ بِهِمْ كُنْ مُولِماً = وَلِيمَةً شهيرةً كالفَلَقِ
يومَ مِلاكِهِ بأُمِّ فَرْوَةٍ = عَرْقَبَ كُلَّ ذَاتِ أَرْبَعٍ لَقِي
ولا تَدَعْ وإنْ قَدَرْتَ حيلَةً = فَهْيَ أَجَلُّ عَسْكَرٍ مُدَهْرِقِ
إنْ كانَ في سَفْكِ دمِ العِدَا الشِّفَا = سَفْكُ دمِ البَرِيءِ غَيْرُ أَلْيَقِ
ولا تُؤَيِّسْ طَامِعاً في رُتْبَةٍ = لنَيْلِهَا نَظِيرُهُ لمْ يَرْتَقِ
ولا تُحَارِبْ ساقطَ القَدْرِ فكمْ = مِنْ شِهَةٍ قدْ غُلِبَتْ بِبَيْذَقِ
وكمْ حُبَارَى أَمَّهَا صقْرٌ فلمْ = يَظْفَرْ بغَيْرِ حَتْفِهِ بالزَّرَقِ
وكمْ عُيونٌ لأُسُودٍ دَمِيَتْ = بالعَضِّ منْ بَعُوضِهَا المُلْتَصِقِ
فالزَّرْدُ يومَ الغَارِ لمْ يَثْبُتْ لَهُ = فَضْلٌ وكانَ الفَضْلُ لِلْخَدَرْنَقِ
وقَوْسُ حَاجِبٍ بِرَهْنِهَا لدى = كِسْرَى اطْمَأَنَّ قلْبُهُ مِمَّا لَقِي
والخُلْدُ قدْ مَزَّقَ أقْوَامَ سَبَا = وَهَدَّ سَدًّا مُحْكَمَ التَّأَنُّقِ
ولا تُنَقِّصْ أحَداً فكُلُّنَا = منْ رَجُلٍ وأَصْلُنَا منْ عَلَقِ
لا تُلْزِمِ المرءَ عُيُوبَ أصْلِهِ = فالمِسْكُ أصْلُهُ دَمٌ في العُنُقِ
والخمرُ مَهْمَا طَهُرَتْ فبَيْنَهَا = وبينَ أصْلِهَا بحُكْمٍ فَرِّقِ
ولا تَبِعْ عِرْضَكَ بَيْعَةَ أَبِي = غَبْشَانَ بَيْعَ الغَبْنِ والتَّبَلْصُقِ
باعَ السِّدَانَةَ قُصِيّاً آخِذاً = عِوَضَهَا نِحْياً مِنِ اُمِّ زِنْبَقِ
ولا تَكُنْ كأَشْعَبَ فرُبَّمَا = تَلْحَقُ يَوْماً وَافِدَ المُحَرِّقِ
ولا تَكُنْ كوَاوِ عمْرٍو زَائِداً = في القومِ أوْ كمِثْلِ نُونٍ مُلْحَقِ
لا تَغْشَ دَارَ الظُّلْمِ واعْلَمْ انَّها = أَخْرَبُ منْ جَوْفِ حِمَارٍ خَلَقِ
لا تَرْجُوَنْ صَفْواً بغيرِ كَدَرٍ = فذا لعَمْرِ اللَّهِ لمْ يَتَّفِقِ
لا تَكْتُمِ الحقَّ وقُلْهُ مُعْلِناً = فَهْوَ جَمَالُ صَوْتِكَ الصَّهْصَلِقِ
وَصِحْ بهِ شِبْهَ شَبِيبٍ وأبي = عُرْوَةَ والعَبَّاسِ عندَ الزَّعَقِ
لا تَأْمَنِ الدهرَ الخَئُونَ إنَّهُ = أَرْشَقُ نَبْلاً منْ رُمَاةِ الحَدَقِ
لا تَنْسَ منْ دُنْيَاكَ حَظًّا وَإلَى = كالطَّالَقَانِي والخَصِيبِ انْطَلِقِ
لا تَهْجُ مَنْ لمْ يُعْطِ واهْجُ مَنْ أتَى = إلى السَّرَابِ بالدِّلاءِ يَسْتَقِي
وعُدْ لِمَا عُوِّدَتْ منْ بَذْلِ اللُّهَى = فالعَوْدُ أَحْمَدُ لكُلِّ مُمْلَقِ
ولا تَعُدْ لِحَرْبِ مَنْ مَنَّ ولوْ = مَنَّ فَمَا غَلَّ يَداً كمُطْلِقِ
والعَوْدُ يَخْتَارُ على مَنْ كانَ كالـ = ـمُخْتَارِ ومَنْ كانَ ذا تَزَنْدُقِ
والصَّمْتُ حِصْنٌ للفَتَى منَ الرَّدَى = وقَلَّ مَنْ شَرَّ لِسَانِهِ وُقِي
وإنْ وَجَدْتَ للكلامِ مَوْضِعاً = فكُنْ عَِرَاراً فيهِ أوْ كَالأشْدَقِ
لا تَنْسَ ما أَوْصَى بهِ البَكْرِيُّ أَخاً = فَهْوَ سَدَادٌ فيهِ السُّوءَ اتُّقِي
لا تَبْخَلَنَّ بِرَدِّ ما اسْتَعَرْتَهُ = كَضَابِئٍ فالبُخْلُ شرٌّ مُوبِقِ
شَحَّ بِرَدِّ كَلْبِ صَيْدٍ وهَجَا = أرْبَابَهُ ظُلماً فلمْ يُصَدَّقِ
وماتَ في سِجْنِ ابنِ عفَّانَ كمَا = قضى الإلَهُ مِيتَةَ المُحَزْرَقِ
ونَجْلُهُ منْ أجْلِهِ أَجَلُهُ = منْ سَطْوَةِ الحجَّاجِ لمْ يكُنْ وُقِي
واسْتُرْ عن الحُسَّادِ كُلَّ نِعْمَةٍ = كمْ فاضلٍ بِبَأْسِ مَكْرِهِمْ سُقِي
فَصَاعِدٌ على مَدِيحِ وَرْدَةٍ = أَصْبَحَ مُنْحَطًّا بقولِ سَهْوَقِ
وإنْ حَمَلْتَ رايَةَ الأَمْرِ فَكُنْ = كَجَعْفَرٍ أوْ دَعْ ولا تَسْتَبِقِ
قدْ قُطِعَتْ يدَاهُ يَوْمَ مُؤْتَةٍ = وَلَمْ يَدَعْهَا لِكَمِيٍّ سَوْحَقِ
لكِنَّهُ احْتَضَنَهَا حُبًّا لهَا = فيَا لَهُ منْ سَيِّدٍ مُوَفَّقِ
وكُنْ إذا اسْتَنْجَدْتَ مثلَ مَنْ غَزَا = أرضَ العِدَا بكُلِّ طِرْفٍ أبْلَقِ
واتَّخِذِ الصَّبْرَ دِلاصاً سَابِغاً = وبِمِجَنِّ عُمَرٍ لا تَتَّقِي
وسُمْ عَدُوَّ الدِّينِ بالخَسْفِ وكُنْ = مثلَ أبي يُوسُفَ ذي التَّخَبُّقِ
رُدَّ كتابَ مَنْ دَعَاهُ للوَغَى = مُمَزَّقاً منهم لفَرْطِ الحَنَقِ
وقالَ إنِّي لا أُجِيبُ بِسِوَى =جَيْشٍ عَرَمْرَمِ وخَيْلٍ دُلُقِ
وضَرَبَ الفُسْطَاطَ في الحِينِ وقدْ = أحاطَ جيْشُهُ بِهِمْ كالشَّوْذَقِ
وكانَ ما قدْ أبْصَرُوا منْ بأْسِهِ = أَبْلَغَ مِنْ جَوَابِهِ المُشَبْرَقِ
يا صَاحِ واشْغَلْ فُسْحَةَ العُمْرِ بِمَا = يَعْنِي وَزُرْ غِبًّا رُسُومَ العَيْهَقِ
وَابْكِ على ذَنْبٍ وقَلْبٍ قدْ قَسَا = كالصَّخْرِ منْ هَوَاهُ لمْ يَسْتَفِقِ
بمُقْلَةٍ كمُقْلَةِ الخَنْسَاءِ إذْ = بَكَتْ على صَخْرٍ بلا تَرَفُّقِ
أوْ كَبُكَا فَارِعَةٍ على الوَلِيـ = ـدِ وبُكَاءِ خِنْدِفٍ وخِرْنِقِ
وكُنْ خَمِصَ البَطْنِ منْ زَادِ الرِّبَا = وخَمْرَةَ التَّقْوَى اصْطَبِحْ واغْتَبِقِ
وافْخَرْ كَفَخْرِ خالدٍ بالعِيرِ والنَّفِـ = ـيرِ لا بِحُلَّةٍ مِنْ سَرَقِ
وكُنْ مُتَمِّماً بُكَا مُتَمِّمٍ = على الذُّنُوبِ وارْجُو عفوَ مُعْتِقِ
واعْضُلْ كهَمَّامٍ بَنَاتِ فِكْرَةٍ = ضَنًّا بها عنْ غيرِ مَجْلٍ مُعْرِقِ
كيْ لا تَقُولَ بلِسَانِ حَالِهَا = مقالَ هِنْدٍ أَلْقِ منْ لمْ يَلقِ
وسَلْ مُهُورَ كِنْدَةٍ إنْ تُهْدِهَا = لذِي نَدًى كالبَحْرِ في تَدَفُّقِ
وحَصِّلِ العلمَ وزِنْهُ بالتُّقَى = وسائرِ الأوْقَاتِ فيهِ اسْتَغْرِقِ
وَلْيَكُ قَلْبُكَ لهُ أَفْرَغَ منْ = حَجَّامِ سَاباَطَ ومَنْ لمْ يَعْشَقِ
ولا تَكُنْ منْ قومِ مُوسَى واصْطَبِرْ = لِكَدِّهِ وللمَلالِ طَلِّقِ
وخُصَّ علمَ الفِقْهِ بالدَّرْسِ وكُنْ = كاللَّيْثِ أوْ كأَشْهَبٍ والعُتَقِي
وفي الحديثِ النَّبَوِي إنْ لمْ تَكُنْ = مثلَ البُخَارِيِّ فكُنْ كالبَيْهَقِي
فالعِلْمُ في الدُّنيا وفي الأُخْرَى لهُ = فضلٌ فبَشِّرْ حِزْبَهُ شَرًّا وُقِي
وَاعْنَ بقولِ الشعرِ فالشِّعْرُ كمَا = لٌ للفَتَى إنْ بهِ لمْ يرْتَزِقِ
فَهِمْ بهِ فإنَّهُ لا شَكَّ عُنْوَا = نُ الحِجَا والفَضْلِ والتَّحَذْلُقِ
فقُلْهُ غيرَ مُكْثِرٍ منهُ ولا = تَعْبَأْ بقولِ جاهلٍ أوْ أحْمَقِ
وإنْ تكُنْ منهُ عقيمَ فِكْرَةٍ = فَاعْنَ بجَمْعِ شَمْلِهِ المُفْتَرِقِ
والشعرُ للمَجْدِ نِجَادُ سَيْفِهِ = وللعُلَى كالعِقْدِ فَوْقَ العُنُقِ
ما عَابَهُ إلاَّ عَيِيٌّ مُفْحَمٌ = لِعَرْفِهِ الذَّكِيِّ لمْ يَسْتَنْشِقِ
كمْ حَاجَةٍ يَسَّرَهَا وكمْ قَضَى = بفَكِّ عَانٍ وأَسِيرٍ مُوثَقِ
وكمْ أَدِيبٍ عادَ كالنَّطْفِ غِنًى = وَكَانَ أفْقَرَ منَ المُذَلَّقِ
وكمْ حديثٍ جَاءَنَا بفَضْلِهِ = عنْ سَيِّدٍ عنِ الهَوَى لمْ يَنْطِقِ
وقدْ تَمَثَّلَ بهِ وكانَ مِنْ = أصْحَابِهِ يَسْمَعُهُ في الحِلَقِ
وقدْ بَنَى المِنْبَرَ لابنِ ثَابِتٍ = فكانَ للإِنْشَادِ فيهِ يَرْتَقِي
وقالَ لابنِ أَهْتَمٍ في مَدْحِهِ = وذَمِّهِ لِلزِّبَرْقَانِ الأسْمَقِ
مَقَالَةً خَتَمَهَا بقَوْلِهِ = إنَّ منَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً تَقِي
وعندَما سَمِعَ منْ قُتَيْلَةٍ = رِثَا قَتِيلِهَا الذي لمْ يُعْتَقِ
رَدَّ لَهَا سَلَبَهُ وقدْ بَكَى = شَفَقَةً بدَمْعِهِ الْمُنْطَلِقِ
وقدْ حَبَا كَعْباً غَدَاةَ مَدْحِهِ = ببُرْدَةٍ ومِائَةٍ منْ أَيْنُقِ
وبَشَّرَ الْجَعْدِيَّ وابنَ ثَابِتٍ = بِجَنَّةٍ جَزَاءَ شِعْرٍ عُسْنُقِ
كمْ خَامِلٍ سَمَا بهِ إلى العُلا = بَيْتُ مَدِيحٍ منْ بَلِيغٍ ذَلِقِ
مِثْلُ بَنِي الأَنْفِ ومثلُ هَرِمٍ = وكالَّذِي يُعْرَفُ بالمُحَلَّقِ
وَكَمْ وَكَمْ حَطَّ الهِجَا منْ مَاجِدٍ = ذي رُتبةٍ قَعْسَا وقَدْرٍ سَمِقِ
مثلُ الرَّبِيعِ وبني العَجْلانِ مَعْ = بني نُمَيْرٍ جَمَرَاتِ الحَدَقِ
لوْ لمْ يكُنْ للشِّعْرِ عندَ مَنْ مَضَى = فضلٌ على الكَعْبَةِ لمْ يُعَلَّقِ
لوْ لمْ يكُنْ فيهِ بيانُ آيَةٍ = ما فُسِّرَتْ مَسَائِلُ ابنِ الأزْرَقِ
مَا هوَ إِلاَّ كالكِتَابةِ ومَا = فضْلُهُما إلا كَشَمْسِ الأُفُقِ
وإنَّما نُزِّهَ عنْهُما النَّبِي = ليُدْرِكَ الإعْجَازَ بالتَّحَقُّقِ
وَهْوَ إِكْسِيرٌ وتدبيرٌ لِمَنْ = رَامَ اصْطِيَادَ وَرِقٍ بِوَرَقِ
منْ غيرِ تَقْطِيرٍ وتَصْعِيدٍ وتَكْـ = لِيسٍ وتَرْطِيبٍ وقَتْلِ زِئْبَقِ
وكُنْ لهُ رَاويَةً كالأَصْمَعِي = والجهلُ أوْلَى بالذي لمْ يَصْدُقِ
هذا هوَ المجدُ الأصيلُ فاتَّبِعْ = سبيلَهُ على الجميعِ تَرْتَقِ
ولكَ فِيمَنْ كانَ مثلَ الأُمَوِ = يِّ أُسْوَةٌ بها اقْتَدَى كُلُّ تَقِي
وإنْ أَرَدْتَ أنْ تَكُونَ شاعراً = فَحْلاً فكُنْ مثلَ أبي الشَّمَقْمَقِ
ما خِلْتُ في العَصْرِ لهُ مِنْ مَثَلٍ = سوى أَبِي في مَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
لِذَاكَ كَنَّاهُ بهِ سَيِّدُنا السْ = سُلْـطَانُ عِزُّ الدِّينِ تاجُ الْمَفْرِقِ
مُحَمَّدٌ سِبْطُ الرَّسُولِ خيرُ مَنْ = سادَ بحُسْنِ خَلْقِهِ والخُلُقِ
أَعْنِي أميرَ المؤمنينَ ابنَ أمِيـ = رِ الْمُؤْمِنِينَ ابنِ الأميرِ المُتَّقِي
خيرُ مُلوكِ الغَرْبِ منْ أُسْرَتِهِ = وغيْرِهم على العُمُومِ المُطْلَقِ
ودَوْحَةُ المجدِ الَّتِي أغْصَانُها = بها الأرَامِلُ ذَوُو تَعَلُّقِ
لهُ مُحَيًّا ضَاءَ في أَوْجِ الدُّجَا = سَنَاهُ مثلُ القَمَرِ المُتَّسِقِ
ورَاحَةٌ تَغَارُ منْ سُيُولِهَا = سُيولُ وَدْقٍ ورُكَامٍ مُطْبِقِ
فاقَ الرَّشِيدَ وابْنَهُ بِحِلْمِهِ = وعِلْمِهِ ورَأْيِهِ المُوَفَّقِ
وسادَ كَعْباً وابنَ سُعْدَى وابنَ جُدْ = عَانَ وحَاتِماً ببَذْلِ الوَرِقِ
ولمْ يَدَعْ معنًى لِمَعْنٍ في النَّدَى = ولمْ يكُنْ كَمِثْلِهِ في الخُلُقِ
مُذْ كانَ طِفْلاً والسَّمَاحُ دَأْبُهُ = وغيرَ مَأْخَذِ الثَّنَا لمْ يَعْشَقِ
نَشَأَ في حِجْرِ الخلافةِ وقَدْ = شَبَّ فَتًى بغَيْرِها لمْ يَعْلَقِ
فبَايَعَتْهُ الناسُ طُرًّا دَفْعَةً = لمْ يَكُ فيها أحدٌ بالأسْبَقِ
وأُعْطِيَتْ قَوْسُ العُلا مَنْ قدْ بَرَى = أعْوَادَهَا رِعَايَةً للألْيَقِ
فصارَ فَيْءُ العَدْلِ في زَمَانِهِ = مُنْتَشِراً مِثْلَ انْتِشَارِ الشَّرَقِ
وشادَ رُكْنَ الدِّينِ بالسَّيْفِ وقدْ = حازَ بتَقْوَاهُ رِضَى المُوفَّقِ
وقدْ رَقَى في مُلْكِهِ مَعَارِجاً = لمْ يَكُ غيْرُهُ إلَيْها يَرْتَقِي
وَرَدَّ أرواحَ المكارمِ إلى = أجْسَادِها بعدَ ذَهابِ الرَّمَقِ
والسَّعْدُ قدْ ألْقَى عَصَا تَسْيَارِهِ = لِقْصَرِهِ وخَصَّهُ بِمَعْشَقِ
يا مَلِكاً أَلْوِيَةُ النَّصْرِ على = نَظِيرِهِ في غَرْبِنَا لمْ تَخْفَقِ
طابَ المديحُ فيكُمُ وَازْدَانَ لي = وجاشَ صَدْرِي بالفَرِيدِ الْمُونِقِ
لَوْلاكَ كُنْتُ للقريضِ تَارِكاً = لعدَمِ البَاعثِ والمُشَوِّقِ
تَرْكَ الغَزَالِ ظِلَّهُ ووَاصِلٍ = للرَّاءِ وابنِ تَوْلَبٍ لِلْمَلَقِ
وكُنْتُ في تَرْكٍ لهُ كَابْنِ أبي = رَبِيعَةَ النَّاذِرِ عِتْقَ الهُنْبُقِ
ومُذْ بكَ الرَّحْمَنُ مَنْ لَمْ يَزَلْ = فِكْرِي في بَحْرِ الثَّنَا ذا غَرَقِ
لا زِلْتَ بَدْراً في بُرُوجِ الشِّعْرِ تَنْـ = ـسَخُ بنُورِكَ ظلامَ الغَسَقِ
ولا بَرِحْتَ بالأمَانِي ظَافِراً = ومُدْرِكاً لِمَا تَشَا منْ أَنَقِ
بِجَاهِ جَدِّكَ الرسولِ المُصْطَفَى = خيرِ الأَنَامِ الصادقِ المُصَدَّقِ
وسُورةِ الفتحِ وطه والضُّحَى = وآيَةِ الكُرْسِيِّ وآيِ الفَلَقِ
إِلَيْكَهَا أُرْجُوزَةً حَسَّانَةً = لِمِثْلِهَا ذُو أَدَبٍ لمْ يَسْبِقِ
كأنَّها أَسْلاكُ دُرٍّ وَيَوَا = قيتُ تُضِي كالبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
أعزُّ مِنْ بِيضِ الأُنُوقِ ومنَ الْـ = ـعَنْقَا ومنْ فَحْلٍ عَقُوقٍ أبْلَقِ
ما رَوْضَةٌ فَيْنَانَةٌ غَنَّاءُ قدْ = جَادَتْ لها السُّحْبُ بِمَاءٍ غَدَقِ
فابْتَسَمَتْ أغْصَانُها عنْ أَبْيَضٍ = وأَحْمَرٍ وأَصْفَرٍ وأَزْرَقِ
يَوْماً بأَبْهَى للعُيُونِ مَنْظراً = منها ولا كَلَفْظِهَا المُرَوْنَقِ
ما لِجَرِيرٍ وجَمِيلٍ مِثْلُها = في غَزَلٍ وفي نَسِيبٍ مُونِقِ
فلوْ رَآهَا الأصمعيُّ خَطَّهَا = كيْ يستفيدَ بِسَوَادِ الحَدَقِ
أوْ فَتَحَ الفَتْحُ عليها طَرْفَهُ = سَامَ قَلاَئِدَهُ بالتَّمَزُّقِ
أوْ وَصَلَتْ للمُوصِلِي فيما مَضَى = عندَ الغِنَا بغَيْرِها لمْ يَنْطِقِ
أوِ ابنُ بَسَّامٍ رَآها لتَدَا = رَكَ الذَّخِيرَةَ بها عنْ مَلَقِ
ولا أَدِيبٌ مِنْ قُرَى أنْدَلُسٍ = جَرَتْ بها أقلامُهُ في مُهْرَقِ
مَنْ كانَ يَرْجُو مِنْ سِوَايَ مثْلَهَا = رَجَا من القِرْبَةِ رَشْحَ العَرَقِ
حصَّنْتُهَا بسُورةِ النَّجْمِ إذا = هَوَى من المُنْتَحِلِ المُسْتَرِقِ
فالحمدُ لِلَّهِ الَّذِي صيَّرَها = أَثْمِدَ عَيْنٍ مُنْصِفٍ مُوَفَّقِ
والحمدُ للَّهِ الذي جَعَلَهَا = قَذًى بعينِ الحاسدِ الحَفَلَّقِ
ثمَّ الصلاةُ والسلامُ مَا تَغَـنـْ = نَتْ أُمُّ مَهْدِيٍّ برَوْضٍ مُورِقِ
على النَّبِي وآلِهِ وصَحْبِهِ = وتَابِعِيهِمْ مَنْ مَضَى ومَنْ بَقِي
انتهى.
شُرّاحها:
لما طبقت شهرتها الآفاق عارضها عدد من شعراء القرن الثالث عشر، وعكف على شرحها وبيانها جماعة أخرى منهم الناصري السلاوي صاحب الاستقصا، في مجلدين حافلين مطبوعين حيث قال رحمه الله مادحا الشمقمقية وصاحبها: "إن أجل ما ألف في هذا الفن الكثير الأفنان، الذي لا يختلف في فضله وشرفه اثنان، أرجوزة الأديب الماهر، العلامة الباهر، أبي الحسن أحمد بن محمد الونان، فهي لعمري المنظومة التي أفرغ ناظمها كنانة الأدب فيها ونثَلْ، وسار ذكرها بين طلاب العلم ورواة الشعر سير المثل، حتى لقد أخمل ذكر ما تقدمها من المطولات والمقاصير، وغصت بمكانها من الأدب الدريدية والحازمية وغيرهما من المقاصير، فلله در ناظما الذي جمع فأوعى، وحاول النظم فأجاد وضعا وأحسن صنعا" إلى أن قال رحمه الله: "... وكنت أيام شبيبتي قد أولعت بهذه المنظومة العديمة المثال العزيزة المنال الغريبة المنوال، إلا أني كنت إذا عزفت على ضبطها وتحصيلها وتخليص إجمالها من تفصيلها، أعوزني وجود نسخة صحيحة أهتدي بمعالمها، أو راوية واعية ينُص لي أبياتها ويسندها إلى ناظمها، واختلفت علي النسخ حتى كاد يتعذر اتفاقها، وكثر فيها النقص والتحريف حتى اختل مساقها واتساقها، فظهر لي أن سبب هذا الإختلال والموجب لهذا الانحلال؛ هو أن بعض الحسدة فعل بها ذلك قصدا، ورام تقويض منارها وإطفاء نارها عمدا، وذلك أنه يوجد فيها من الحذف والتغيير والتقديم والتأخير مالا يرتكب مثله من له أدنى إلمام بالأدب، فضلا عن الناظم الذي نسَلت إليه علومه من كل حدب، وهذا الذي قلناه من أمر هذا الحسود الظالم قد دل عليه غير ما موضع من كلام الناظم مثل قوله: "فبشرن ذاك الحسود" ـ البيت ـ وقوله " حصنتها بسورة النجم " ـ البيت ـ إلى غير ذلك من كيت وكيت.
ثم أني تطلبت الوقوف على بعض ما بقي من شرح أبي عبد الله الجريري عند بعض حفدته، فلم أظفر منه إلا بنحو العشر ورقات، فرأيته رحمه الله قد شرح على نسخة بتراء تنقص عن النسخة التي شرحنا عليها نحو الثلث، مع ما انضم إلى ذلك من تقديم أبيات وتأخير أخرى، وتحريف كلمات غيرها بالمقام أحرى، فعلمت أن سهمه رحمه الله قد وقع من الهدف خارجه، وأنه أراد عمرا وأراد الله خارجة، وهو لعمري معذور في عدم إصابة عمرو، إذ تلك النسخة التي سقطت إلى سلا في أول الأمر، فحينئذ شمرت عن ساعد الجد في تنقيحها، وبذلت غاية الجهد في تصحيحها، بعد أن إجتمع إليّ منها نحو سبع نسخ من جهات مختلفة، فجردت من مجموعها نسخة صحيحة مؤتلفة، يغلب على الظن أنها الأصل الذي أنشأه الناظم أولا، والمنوال الذي لا يبغي الأديب به بدلا ولا عنه متحولا، وقلت إن فاتتنا في هذه المنظومة الرواية، لم تفتنا فيها والحمد لله الدراية، ولا بدع في هذا المذهب الذي اقتفيناه، والمقصد الذي انتحيناه، فهذا معرب كليلة ودمنة قد اجترأ من أصلها بشبه الطلل والدمنة، وهذا شارح الحازمية يقول أنه لم يكتبها من أصل صحيح ولا رواها عن رواية عقول، ثم لم يصده ذلك عن تناولها بالشرح والكتابة وإبراز ما تضمنته من المعاني المستطابة، بعد أن عمل في تصحيحها فكره، وأتى بما أمكنته فيه يد القدرة، وإذا فات الحازم من مُناه إحراز الجميع، فعلام يترك البعض منها يضيع، وقديما قيل:
إذا لم تستطع شيئا فدعه == وجاوزه إلى ما تستطيع
فلذا عولنا نحن على ما صححناه من هذه المنظومة، وسلكنا في ذلك والحمد لله طريقة لمن قبلنا معلومة، ففضضت ختامها، وسهلت مرامها، وشرحت معانيها، وشيدت مبانيها، فعادت والحمد لله الأرجووفاتهزة الونانية إلى شبابها، وظهرت محاسنها لطلابها بما أوريته من شهابها، وسهُل عليهم الولوج في غابها بما ذللته من صعابها، وخف مهرها على خطابها بما حططته من نقابها وكشفته من جلبابها، فجاء هذا الشرح والحمد لله شرحا حفيلا، جامعا لفنونها وبأغراضها كفيلا، وسميته بزهر الأفنان من حديقة ابن الونان . . ."[3]
كما قام بشرحها الشيخ المحدث الحافظ محمد المكي البطاوري رحمه الله الذي سمى شرحه (اقتطاف زهرات الأفنان من دوحة قافية ابن الونان).
وشرحها شيخُ الجماعة بسلا الفقيه الأديب أبو عبد الله محمد بن أحمد الجريري السلاوي رحمه الله.
كما قام بشرحها شرحا مختصرا ماتعا العلامة عبد الله كنون رحمه الله[4].
الثلاثاء، 11 فبراير 2025
قصيدة الغريب علي بن الحسين
قصيدة سفري بعيد مكتوبة
ليس الغريب غريب الشام واليمـن *** إن الغريب غريب اللحـد والكفـنِ
إن الغريـب لـه حـق لغربـتـه *** على المقيمين في الا وطان والسكنِ
لاتنهـرنّ غريبـاً حـال غربـتـه *** الدهـر ينهـره بالـذل والمـحـنِ
سفري بعيـد وزادي لـن يبلغنّـي *** وقوتي ضعفـت والمـوت يطلبنـي
ولي بقايا ذنـوب لسـت اعرفه *** االله يعلمهـا فـي السـر والعلـنِ
ما احلم الله عنـي حيـث امهلنـي *** وقد تماديت فـي ذنبـي ويسترنـي
تمـر ساعـات أيامـي بـلا نـدمٍ *** ولابكـاء ولاخــوف ولاحــزن
أنا الذي يغلـق الابـواب مجتهـداً *** على المعاصي وعين الله تنظرنـي
يا زلة كتبـت فـي غفلـة ذهبـت *** يا حسرة بقيت في القلب تحرقنـي
دعني أنوح على نفسـي وأندبه *** اوأقطع الدهـر بالتفكيـر والحـزن
كأنني بيـن تلـك الأهـل منطـرح *** علـى الفـراش وايديهـم تقلبنـي
كأنني وحولي مـن ينـوح ومـن *** يبكـي علـيّ وينعانـي ويندبنـي
وقد أتوا بالطبيـب كـي يعالجنـي *** ولـم ارِ الطبيـب اليـوم ينفعنـي
وأستخرج الروح مني في تغرغره *** اوصار ريقي مريراً حين غرغرنـي
واشتد نزعي وصار الموت يجذبهـا *** من كل عرقٍ بلا رفـق ولا هـونِ
وسل روحي وظل الجسم منطرحـاً *** بيـن الأهالـي وايديهـم تقلبنـي
وغمضّوني وشدوا الحلق وانصرفوا *** بعد الآياس وجدّوا في شرى الكفـنِ
وسار من كان أحب الناس في عجلٍ *** نحـو المغسّـل ياتينـي ليغسلنـي
واضجعوني على الالواح منطرحـاً *** وقام في الحال منهم من يغسّلنـي
واسكب الماء من فوقي وغسّلنـي *** غسلاً ثلاثاً ونادى القـوم بالكفـنِ
والبسونـي ثيابـاً لاكمـام لـهـا *** وصار زادي حنوطاً حيـن حنطنـي
وأخرجوني من الدنيـا فـو اسفـاً *** علـى رحيـلٍ بـلا زادٍ يبلّغـنـي
وحملوني علـى الاكتـاف أربعـة *** من الرجال وخلفي مـن يشيعنـي
وقدمّموني إلى المحراب وانصرفـوا *** خلف الإمام وصلـى ثـم ودّعنـي
صلوا عليّ صـلاةً لاركـوع لهـا *** ولا سجـوداً لعـل الله يرحمـنـي
وأنزلوني إلى قبـري علـى مهـلٍ *** وقدّمـوا واحـداً منهـم يلحدنـي
وكشّف الثوب عن وجهي لينظرنـي *** وأسبل الدمع مـن عينـيّ قبلنـي
وقال هلوّا عليه التراب واغتنمـوا *** فضل الثواب وكل النـاس مرتهـن
وهالني اذ رأت عينـاي اذ نظـرت *** من هول مطلّـع إذ كـان أغفلنـي
من منكرٍ ونكبرٍ مـا أقـول لهـم *** قد هالني أمرهـم جـداً وافزعنـي
وأقعدونـي وجـدوا فـي سؤالهـم *** مالي سواك الهي مـن يخلصنـي
فأمنن عليّ بعفوٍ منـك يـا أملـي *** امنن على تـارك الاولاد والوطـنِ
تقاسم أهلي الميـراث وانصرفـوا *** وصار وزري على ظهرني يثقّلنـي
واستبدلت زوجتي بعلاً لهـا بدلـي *** وحكّمتـه علـى الاولاد والسكـنِ
وصيّـرت إبنـي عبـداً ليخـدمـه *** وصار مالي لهم حِـلاً بـلا ثمـنِ
فـلا تغرنّـك الدنيـا وزخرفـهـا *** انظر لافعالهـا بالاهـل والوطـنِ
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها *** هل راح منها بغير الحنط والكفـنِ؟
يا نفس كفي عن العصيان واكتسبي *** فظـلاً جميـلاً لعـل الله يرحمنـي
يا نفس ويحك توبي واعملي حسناً *** عسى تجازين بعد الموت بالحسـنِ
ثم الصلاة علـى المختـار سيّدنـا *** ما ظأظأ البرق في شامٍ وفي يمـنِ
والحمـد لله ممسينـا ومصبحـنـا *** بالخير والعفو والاحسـان والمنـنِ
قصة مثل المستجير بعمرو
المُستجيرُ بعمروٍ عِندَ كَربَتِهِ
كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ
ينسب الي— التكلام الضبعي
وعمرو: هو ابن الحارث، ولهذا البيت قصة، وهي أنَّ البَسوس بنت يعد خالة جسَّاس بن مرَّة كان لها جار من جَرْم، يقال له: سعد بن شمس، وكانت له ناقة يقال لها سَرَاب، وكان كليب بن وائل قد حمى أَرضاً من أرض العالية في مستقبل الربيع، فلم يكن يرعاها أَحد إلاَّ جسَّاس لمصاهرة بينهما، لأنَّ جليلة بنت مرَّة أُخت جسَّاس كانت تحت كليب، فخرجت ناقة الجرمي ترعى في حمى كليب مع إبل جسَّاس، فأَبصرها كليب، فأنكرها، فرماها بسهم فأصاب ضَرْعها، فولَّت حتَّى بركت بفناء صاحبها وضرعها يشخب لبناً ودماً، فلمَّا نظر إليها صاح: واذُلاّه وذلّ جاراه، فخرجت جارته البَسوس، فلمَّا رأت الناقة ضربت يدها على رأسها وصاحت: واذُلاّه،
فسمعها جسَّاس فقال: اسكتي أيَّتها المرأة فليقتلنّ جمل عظيم هو أعظم من ناقة جارك، ولم يزل جسَّاس يتوقع غِرَّةَ كليب حتَّى خرج كليب لا يخاف شيئاً فتباعد عن الحي، وتبعه جسَّاس ومعه عمرو بن الحارث، فأدرك جسَّاس كليباً فطعنه بالرمح فدق صلبه فأنفذه، ثمَّ أدركه عمرو بن الحارث، فقال: يا عمرو أغثني بشربة ماء، فقال: تجاوزتَ شُبَيْباً والأحصَّ، يعني موضع الماء، وأجهز عليه، ونشبت الحرب بن بكر وتغلب أربعين سنة
فهذا مثله كمثلِ الذي، كان واقفاً في الرمضاءِ وهي شدةُ الحرِّ فأرادَ أن يَحميَ نَفسَهُ مِنها فاستجارَ (طلب الحِمايةَ) بالنارِ.
قصة ساجر الرفدي العنزي و جاره خليف
وهالقصة بعد وهي من طرائف القصص اللي صارت للشيخ ساجر الرفدي .. من القصص والعلوم اللي صارت لساجر الرفدي م...
-
هيئة القرن والكون الذي حصل على بني عبد الله يقوده ابن ثعلي حول سنة 1344 هجري قصيدة الشنيني السلمي , وهي أطول من ذلك : هيض عليه طرقةً ...
-
يالله ياجـال الامـور المهـمـه تجلا وهج قلب برا حـال راعيـه البر دجته والبحـر رحـت يمـه يقطعك ياحظ علـى الله مساعيـه يوم ان ولد ا...
-
قصيده سمعنا بها من قديم لكن من المؤكد انه من تهامه وهي تقول حسب الروايه اللتي عندي : ان هناك اخوه جار عليهم الز...