ديوان أسامة بن منقذ
أسامة بن منقذ أسامة الشيزري488 - 584 هـ / 1095 - 1188 م أسامة بنمرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكتاني الكلبي الشيزري أبو المظفرمؤيد الدولة.
أمير، من الجابر بني منقذ، أصحاب قلعة شيزر (بقرب حماة) ومن العلماءالشجعان، ولد في شيزر، وسكن دمشق، وانتقل إلى مصر سنة (540 هـ)، وقادعدة حملات على الصليبيين في فلسطين، وعاد إلى دمشق.
بَاحَتْ بسرِّكَ أدمعٌ تَكِفُ
فإِلاَمَ تُنكر وهْي تَعتَرفُ
هل يُغِنَينْ عنكَ الجحُودُ إذَا
شَهِدَ النحولُ عليكَ والكَلَفُ
أُخفي غَرامي وَهوَ مُشتَهِرٌ
بادٍ وأسترُهُ وينكشِفُ
أسفي لِعُمْرٍ ضاعَ مُذهَبُهُ
في حبّكُم لو رَدّهُ الأسَفُ
وهَوىً عُنِيتُ بِرعْيِ ذمَّتِهِ
فأضَاعَهُ المتلَوِّنُ الطَّرِفُ
أنفقتُ في كَسبي مودَّتِهِم
شرخَ الشبابِ فأعوزَ الخلَفُ
وصدفتُ عن قولِ الوُشاةِ وما
قالُوهُ فيَّ بِسَمعِهِم شَنَفُ
وتنكَّرُوا حتَّى كأَنّهُمُ
ما أنكرُوا وُدّي ولا عَرَفُوا
ولُهم لَديَّ علَى ملالِهِمُ
وُدٌّ بِخِلبِ القلبِ مُلْتَحِفُ
بَيني وبينهُم وإن قَرُبُوا
من هَجرِهمْ أبداً نَوىً قُذُفُ
يا جَائرِينَ وهُم أَعزُّ على
قَلبي من الطَّرفِ الذي طَرَفُوا
أَغْرَاكُم بالهجر عِلمُكُمُ
أنَّي بكمُ مُستَهتَرٌ كَلِفُ
موقع دواوين العرب
https://diwandb.com/poem/html
باحت-بسرك-أدمع-تكف
حمائِمَ الأيكِ هيّجتُنَّ أشجانا
فليبكِ أصدقُنا بثّاً وأَشجانا
كم ذا الحنينُ على مرّ السّنينَ أَما
أفادكُنّ قديمُ العهدِ نِسيانا
هل ذا العويلُ على غيرِ الهَديلِ وهل
فقيدكُنَّ أعزُّ الخلقِ فِقدانا
ما وجدُ صادحَةٍ في كلّ شارقَةٍ
تُرجِّعُ النَّوحَ في الأفنان أَلحانا
كما وجدتُ على قَومي تخوُّنَهم
ريبُ المَنونِ ودهرٌ طالَ ما خَانا
إذا نَهى الصّبرُ دَمعي عند ذِكرِهِمُ
قال الأَسى فِضْ وجُدْ سَحّاً وتَهتانا
قالوا تَأسَّ وما قالوا بِمَنْ وإِذا
أُفرِدتُ بالرُّزءِ ما أنفكَّ أَسوانا
ما حدَّثتنيَ بالسُّلوانِ بعدَهُمُ
نَفسي ولا حانَ سُلواني ولا آنا
ما استدرَجَ الموتُ قومي في هلاكِهِمُ
ولا تخرَّمَهمْ مَثْنى ووُحدانا
فكنتُ أصبرُ عنهم صبرَ مُحتَسبٍ
وأحملُ الخطبَ فيهم عَزَّ أو هانا
وأقتَدي بالوَرى قبلي فكم فَقدوا
أخاً وكم فارقوا أهلاً وجيرانا
لكنَّ سقبَ المنايا وسطَ جمعِهِمُ
رَغا فخَرُّوا على الأذْقان إِذْعانا
وفاجأتْهُمْ مِن الأَيّامِ قارِعةٌ
سقتهُمُ بكؤوسِ الموتِ ذَيْفانا
ماتوا جميعاً كَرجعِ الطَّرْفِ وانقرضوا
هل ما تَرى تارِكٌ للعينِ إنْسانا
أعزِزْ علَيَّ بِهم من مَعشرٍ صُبُرٍ
عند الحفيظةِ إِنْ ذو لُوثةٍ لانا
لم يتركِ الدهرُ لي من بعدِ فقدِهِمُ
قلباً أُجشِّمُه صبراً وسُلوانا
فلو رأَوْني لقالوا مات أسعدُنا
وعاشَ للهَمِّ والأحزانِ أشقانا
لم يترك الموتُ منهم من يُخبِّرُني
عنهم فيُوضِحُ ما لاقَوْهُ تِبيانا
بادوا جميعاً وما شادوا فوا عَجَباً
للخطبِ أهلَكَ عُمّاراً وعُمرانا
هذي قصورُهُمُ أمست قبورَهُمُ
كذاكَ كانوا بها من قبلُ سكّانا
ويحَ الزّلازِلِ أفنَت مَعشَري فإذا
ذكَرتُهُم خِلتُني في القوم سَكرانا
بَنِي أبي إن تَبيدوا أن عَدا زَمنٌ
عليكُمُ دون هَذا الخلقِ عُدوانا
فلن يَبيدَ جَوى قَلبي ولا كَمَدي
عليكُمُ أو يُبيدَ الدَّهرُ ثَهلانا
أفسدتُمُ عمْرِيَ الباقي عليَّ فما
أَنْفَكُّ فيه كئيبَ القَلبِ ولهانا
أُفردتُ منكُم وما يَصفو لمنفرِدٍ
عيشٌ ولو نال من رِضوانَ رِضوانا
فليتني معَهم أوليتَ أنّهُمُ
بَقَوا وما بَينَنا باقٍ كَما كانا
لقِيتُ منهم تَباريحَ العُقوقِ كَما
لقيتُ من بَعدُهم همّاً وأَحزانا
لولا شَماتُ الأعادي عند ذكرِهِمُ
لغادَرَتْ أدمُعي في الأرض غُدرانا
أرُدُّ فَيضَ دُموعي في مَسالِكِها
فتستحيلُ مياهُ الدَّمعِ نِيرانا
لا ألتقي الدَّهرَ من بعد الزَّلازِل ما
بقيتُ إلاّ كسيرَ القَلب حَيْرانا
أخْنَتْ على مَعشري الأدنَيْنَ فاصطَلَمَتْ
منهم كُهولاً وشُبّاناً ووِلدانا
كم رامَ ما أدرَكَتْه منهمُ مَلِكٌ
فعادَ باليأسِ ممّا رامَ لَهفانا
لم يَحمِهم حِصنُهم منها ولا رَهِبَتْ
بأساً تَناذَرَه الأقرانُ أزمانا
أتاهُمُ قَدرٌ لم يُنْجِهم حَذَرٌ
منه وهل حَذرٌ مُنجٍ لمن حانا
إن أقْفرت شيزَرٌ منهمْ فهم جَعَلوا
منيعَ أسوارِها بيضاً وخُرصانا
هُمُ حَمَوهَا فلو شاهدتَها وهُمُ
بها لشاهدتَ آساداً وخَفّانا
كانوا لمن خافَ ظُلماً أو سُطا مَلِكٍ
كَهفاً وللجاني المطلوبِ جيرانا
عَلَوْا بمجدِهِمُ سيفَ بنَ ذي يَزنٍ
كما علت شيزرٌ في العزِّ غُمْدانا
كانوا مَلاذاً لأيتامٍ وأرمَلَةٍ
وبائِسٍ فاقدٍ أهلاً وأوطانا
إذا أتيتَهُمُ ألفيتَ شطرَهمُ
مُسترفِدين وزُوَّاراً وضيفانا
تراهُمُ في الوَغى أُسداً ويومَ نَدىً
غيثاً هَتُوناً وفي الظَّلْماءِ رُهبانا
حاولتُ كتمانَ بثِّي بعدَ فقدِهِمُ
فلم يُطِقْ قلبيَ المحزونُ كِتمانا
لعلَّ مَن يعرفُ الأمرَ الذي بَعُدتَ
بَعدَ التّصاقُبِ من جَرَّاهُ دارانا
يقولُ بالظَّنِّ إذْ لم يَدرِ ما خُلُقي
ولا مُحافَظتي مَن حانَ أو بانا
أسامةٌ لم يَسُؤْهُ فقدُ معشرِهِ
كم أوغروا صَدرَه غيظاً وأضغانا
وما دَرَى أنَّ في قلبي لفقدِهِمُ
ناراً تلظّى وفي الأجفانِ طُوفانا
بنو أبي وبنو عمّي دَمِي دمُهُمْ
وإن أرَوْني مُناواةً وشَنَآنا
كانوا جَناحي فحَصَّتْهُ الخطوبُ وإِخْ
واني فلم تُبقِ لي الأيّامُ إخوانا
كانوا سُيوفي إذا نازلتُ حادِثةً
وجُنَّتي حين ألقَى الخطبَ عُريانا
بهِمْ أصولُ على الأمرِ المَهولِ إذا
عَرا وألقى عَبوسَ الدَّهرِ جذْلانا
فكيف بالصبرِ لي عنهم وقد نَظَموا
دَمعي على فَقدِهم دُرّاً ومَرجانا
يُطَيِّبُ النَّفسَ عنهم أنَّهم رَحَلوا
وخلَّفوني على الآثارِ عَجلانا
سَقى ثَرىً أُودِعُوهُ رحمةً مَلأَتْ
مَثوى قُبورِهِمُ رَوْحاً ورَيْحانا
وألبسَ اللهُ هاتيكَ العظامَ وإن
بَلِينَ تحتَ الثّرى عفواً وغُفرانا