قـد هيئوك لأمـرٍ لو فـطنت لـه
فـأربـأ بـنـفـسـك أن تَـرعـى مـع الهَمَلِِِِِ
قال الشاعر :
حب السلامة يـــثني عزم صاحبــه
عن المعالي, ويغري المرء بالكســل
فــإن جــنــحـــت إلــيه فاتــخذ نفقاً
في الأرض أو سلّماً في الجو فاعتزل
ودع غــمار العــلى للمـقدمين على
ركـــوبها, واقــتـنـع مــنهـن بالــبلـل
رضى الذليل بخفض العيش مسكنةٌ
والـــعزُّ عــند رســيــم الأيـنـق الذُّلُلِ
فــأدرأ بــها في نـحور الـبيد حافـلةٌ
معــارضــاتٍ مـثـانـي اللـجـمِ بالجدل
أن في شرف المأوى بلوغ منى
لــم تـبـرح الشمس يوماً دارة الحَمَـلِ
أهــبتُ بالخــطِّ لـو نـاديت مُــستمعاً
والــخــطُّ عنـي بالـجهّـال فـي شــغُـلِ
لـعــلّه إن بدا فـــضلـي ونــقــصهُـمُ
لـعيـنـه , نـام عــنــهم أو تـنـبّه لـــي
أعــلـل النـفـس بالآمـال أرقـــبـهـــا
مـا أضـيق الــعيـش لولا فسحة الأملِ
لـم أرتــضي العــيش والأيــام مقبلةٌ
فكيــف أرضـى وقـد ولـّت على عجَلِ
غــالى بــنفسـي عــرفاني بــقيمتـها
فـصـنـتـها عن رخيص القدر مبـتـذلِ
تــقــدمتـنـي أنــاسٌ كــان شــوطـهم
وراء خطــوي, لو أمـشي على مهلِ
هـــذا جــزاء أمــرئٍ أقـرانه درجوا
مـــن قــبــلــه فـتـمـنّـى فـسحة الأجلِ
وإن عـلاني من دوني فــلا عـــجبٌ
لي أسوةٌ بإنحطاط الشمس عن زحلِ
فأصبر لها, غـير مختالٍ ولا ضـجرٍ
في حادث الدهر ما يغني عن الحيـــل
أعدى عدوك أدنـــى من وثقـــــت به
فحاذر الناس واصحبهم على دخلِ
وإنـمــا رجــل الــدنيـــا وواحــــدهــا
مــن لايـعول فـي الدنيا على رجـلِ
وحــســن ظـنـك بـالأيـام مــعـجــــزةٌ
فظن شــرّاً وكـن منهـا على وجَــلِ
غاضَ الوفاء وفاض الغدر وانفجرت
مسافة الخلف بين القول والفــعـلِ
وشــأن صــدقك عــند الــناس كذبهمُ
وهـــل يــطــابــق مــعــوجٌ بمعتدلِ
إن كــان ينـجع شــيء فــي ثـبـاتـهمُ
على العهود, فسبق السيف للــعذلِ
يا وارداً سـور عـيـش كـلـه كــدرٌ
أنــفـــــقـت صـفـوك فـي أيـامــك الأولِ
فـيـم إقـتـحـامك لج البحر تركبـه
وأنــت يـكـفـيـك مـنـه مـصّـة الـوشـلِ ؟
مـلك الـقـناعة لايـخـشى عليه ولا
يحـتـاج فـيـه إلـى الأنـصــار والـخــولِ
تـرجو الـبقـاء بـدارٍلاثـبات لــهـا
فــهـل سـمـعـت بـظـلٍ غـيـر مـنـتـقلِ ؟!
ويا خـبـيـراً عـلى الأسـرارِ مُطّلـعاً
أصمت !, ففي الصمت منجاةٌ من الزللِ
قـد هيئوك لأمـرٍ لو فـطنت لـه
فـأربـأ بـنـفـسـك أن تَـرعـى مـع الهَمَلِِ !