الأربعاء، 29 يناير 2025

قصيدة رميزان بن غشام التميمي

 خيـر الليالـي لـذةٍ فـي سعودهـا

وصف المعالـي كـل شـي يكودهـا
خير الملا مـن فيـه عـز ورفعـة
يجود إلى قـل اليـدا مـن جودهـا
ولا شن سوى التقوى إلى صار تقية
دون العدم لا قـل منهـا وفودهـا
ولا شن سوى التقوى إلى صار نعمة
الأجواد تستر عرضها مـن جودهـا
قلته ولي عيـنٍ عـن النـوم ربمـا
يحصل لها عن نومهـا مـا يذودهـا
يا جبـر يـا راعـي أمـورٍ جليلـة
بها تتقـي شجعانهـا فـي حيودهـا
العام توعدني على الراس يـا فتـى
راحـت قلـوبٍ راجفـات الهودهـا
لفاني ضحى يا ابـن سيـار رسلـك
من الشعر مدحـاتٍ تفجّـع نشودهـا
بعض المعاني يابـن سيـار تركهـا
أخير لي من شقـوةٍ فـي حدودهـا
يا جبر تشكي الملح وأشكـي رفاقـة
ظني عدمها خيرٍ لي مـن وجودهـا
بذرت الحساني بالحصانـي وغرنـي
مصافى الحصاني عن مصافى أسودها
كم بذرت كفّـي بهـم مـن صنيعـة
وكم بـذرت جداننـا فـي جدودهـا
وكم اشتكـى منـا المعـادي بفعلنـا
عليهم تعلوينا وهـم مـن شهودهـا
وكم درعوا بأس الفتى فيـه واتقـوا
نواهل بها عقـب تعهـد صدودهـا
وكم دبّروا عنها وهي قـد تلاحمـت
يبور حاكـي خزنهـا عـن نفودهـا
وكـم زلـةٍ يرفونهـا عنـد غيرنـا
إلى حدثوهم صوب مـن لا يرودهـا
نشب نـارٍ عـن ذراهـا و مثلهـا
الأجواد ما تجعـل ذراهـا وقودهـا
وكـم مجـرمٍ فينـا تركنـا لزلـتـه
نحمله وكم يـومٍ غممنـا حسودهـا
يفرح بنـا الأقصيـن منـا ويبقـى
للبـذل جزليـن العطايـا وسودهـا
لي ديرةٍ يـا جبـر مابيّـة الحمـى
عن الضد بأطراف العوالـي نذودهـا
في القيظ مجلاسي على برد منشـع
وإن جا الشتاء نارٍ تلظّـى وقودهـا
ولك عندنا مقام ولـك عندنـا بهـا
معايض الأشياء من خوالي قيودهـا
لـي ديـرةٍ بنخيلـهـا مستظـلّـة
يشـوق تقديـم النضـا كـادودهـا
حكرنا لهـا وادي سديـر غصيبـة
بسيوفنـا اللـي مرهفـات حدودهـا
لا صدَّر اللامـي والأجنـاب قلطـوا
على عيلمٍ بالقيـظ يكثـر ورودهـا
جرى لنا في مفـرق السيـل وقعـة
اللـي حضرهـا مالـك الله يعودهـا
برجالٍ أمضى من ليـوث الشرايـع
سعيديـة تشبـه ضراغـم أسودهـا
لا كن عوّيل العّجز بأسفـل شعيبنـا
تقانـب أسبـاعٍ مكمـلات عدودهـا
الأنجاس شبوهـا والأنـذال قبسهـم
والأجـواد والمـال المنمّـا وقودهـا
لي ديرةٍ يـا جبـر خضـراً مضلـه
يشـوق منهـا غرسهـا واكدودهـا
يا طول مـا قابلتهـا فـوق منشـع
محالهـا بالليـل يسهـر رقـودهـا
لا جا الشتاء تشرب صوافي سيولها
وبالقيظ من جـم البطاحـي برودهـا
حمّلتهـم حـمـلٍ ثقـيـلٍ نقلـتـه
بالضيف مع جيرانها عـن نقودهـا
كله لعين اللي مـن النـاس عنسـا
حمر الشفايـف ناقضـات جعودهـا
جداك فيها يـا ابـن سيـار ديـرةٍ
هي شيخةٍ لو تتقى عـن حسودهـا
أقول لك فـي وادي حنيفـة مقّـرد
قـومٍ لهـا بيـن البرايـا ودودهـا
كما أنك في طرق المراجـل مجـرّب
وحسن الثنا بالحال مـن لا يكودهـا
والـى ولـي يذعـن ذايـه الحمـى
لو ينقلـب وادي الحنيفـي فهودهـا
يا حيسفـا شـم العرانيـن خلفـوا
أراذل عميـانٍ تبـي مـن يقودهـا
موت الفتى موتين موت مـن الفنـا
وموتٍ من اخلاف الذراري جدودهـا
ليت الذي حدر الثرى فـوق الثـرى
وليت الذي فوق الثرى في لحودهـا
من مات ما أرَّث في ذراريـه مثلـه
فهو مثل نـار جـرّ عنهـا وقودهـا
فان عشت في الدنيا عني فأنـا لهـا
دما الضـد بأيـامٍ تلافـا قصودهـا

الأحد، 26 يناير 2025

أمثال عربية عن البيان

 

منصور عبدالرحمن


المقاديـرتُصِّيرالعيي خطيباً

وما يوم حليمة بســـــــر

إذا ما اشتدت وطأة الحياة وتأزمت الكلمة وعجز العقل عن التمييز بين الواقع والخيال، أو بين الشيء ونقيضه، عندئذ نلجأ للحكمة التي هي خلاصة تجارب الناس لمئات السنين.

والحكمة لا تأتي إلا من تجربة، والتجربة لا تأتي إلا بالعمل، وقيل قديما: اسأل مجرب ولا تسأل طبيب.

فما أحوجنا اليوم لمثل تلك التجارب. نتزود بها حكمة وعبرة، بما يعزز لغتنا وقيمنا، ويتصدى لما يعتورهما من تشويه أو تقصير. وفي هذه الصفحة سأتناول مختلف المواضيع وأبحث عن التجارب وأقف معكم على صفات وأخلاقيات البشر وحالاتهم.. بين الترح والفرح، كل ذلك في وجبات يومية استخلصتها من التراث العربي الأصيل لأقدمها في هذه المساحة زاداً رمضانياً ننهل منه جميعنا.

 

من عين التراث اخترت اليوم مجموعة متنوعة من الأمثال والأقوال والاشعار، يستشهد بها ويستدل لجملة من الأغراض والأحوال.

ما له سبد ولا لبد

 

يقال: فلان ما له سبد أي (الشَعر) ولا لبد أي (الصوف) ويُضرب هذا المثل في الرجل الفقير.

ويقال: ما له ثاغية ولا راغية، فالثاغية: النعجة، والثغاء صوتها، والراغية: الناقة، والرغاء صوتها.

قال الشاعر: نشبي وما جمَّعت من صفدِ/ وحويت من سبدٍ ولبدِ/ من لم يكن لله متهماً/ لم يُمسِ محتاجا إلى أحدِ.

وقيل: أما الفقير الذي كانت حلوبته/ وفق العِيالِ فلم يُترك له سبَدُ.

كل آفة عليها آفة

 

والمعنى انه لكل شيء من وما يتسلط عليه. قال الشاعر: ولكل شيء آفة من جنسه/ حتى الحديد سطا عليه المبرد.

وقال آخر: لكل ساقطة في الحي لاقطة/ وكل كاسدة يوماً لها سوق

وقيل: كل امرئ فيه ما يُرمى به.

ما يوم حليمة بسر

 

يضرب مثلاً لكل أمر مشهور وهي حليمة بنت الحارث جبلة، وكان أبوها وجَّه جيشا لمحاربة المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيباً وبخوراً فطيبتهم، وقال المبرد: هو أشهر أيام العرب، وارتفع في هذا اليوم دخان البخور مما غطى عين الشمس.

قال النابغة يصف السيوف: تخيرن من أزمان عهد حليمةِ/ إلى اليوم قد جُربن كل التجاربِ/ تقدُّ السلوقي المضاعف نسجهُ/ ويوقدن بالصفاح نار الحباحب.

(السلوقية: اسم مكان، الصفاح: حجارة عراض، والمضاعف: نسج حلقتين، والحباحب: اسم دويبة فضربها مثلا لما يتقدم من الحجارة إذا قرعتها السيوف).

خرجت حليمة لتعطير الجنود وهي أجمل ما يكون من النساء حتى مر عليها فتى منهم، فلما دنت منه قبّلها فلطمته وبكت وأخبرت أباها، فقال لها: ويلك اسكتي فهو أرجاهم عندي ذكاءَ فؤاد. حمل الجيش على المنذر وقتلوه فذهبت مثلا: ليس يوم حليمة بسر.

قال بشار بن برد: أنا المرعث لا أخفى على أحدٍ/ ذرَّت بي الشمس للقاصي وللداني.

وقال الأحوص الأنصاري: إني إذا خفيَّ الرجالُ وجدتني/ كالشمس لا تخفى بكل مكانِ.

وقال آخر: أغر شهير في البلاد كأنه/ به البلد يعلو أو سنا الصبح يسطعُ.

وقال أبي الهلال العسكري: فأصبح مشهور المكان كأنما/ سرىَ في جبيني إذ سرىَ الليلُ كوكبُ.

أجوع من كلبة حومل

 

يقال إن حومل امرأة من العرب واشتهرت بالبخل وكانت تجيِّع كلبة لها وهي تحرسها، ومن الجوع أكلت ذنبها.

قال الشاعر: كما رضيت جوعاً وسوء رعاية/ لكلبتها في سالف الدهر حوملُ/ نباحاً إذا ما أظلم الليل دونها/ وغنْماً وتجويعاً ضلالٌ مضللُ.

وقال شاعر آخر: تبيتون في المشتى ملاء بطونكم/ وجاراتكم جوعى يبتن خمائصا. (المشتى: مكة، خمائص: البطون اللاحقة من الجوع).

ما وراءك يا عصام

 

قال المفضل كما ورد في كتاب مجمع الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد الميداني: أول من قال ذلك الحارث بن عمرو ملك كندة، وذلك أنه لما بلغه جمال ابنة عوف بن محلم الشيباني وكمالها وقوة عقلها، دعا امرأة من كندة يقال اسمها عصام ذات عقل ولسان وأدب وبيان وقال لها: اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف، فمضت حتى انتهت إلى أمها وهي امامة ابنة الحارث فأعلمتها ما قدمت له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها وقالت: أي ابنية هذه خالتكِ أتتك لتنظر إليكِ فلا تستري عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجهٍ أو خلق وناطقيها إن استنطقتكِ، فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم ترَ قط مثله، فخرجت من عندها وهي تقول: (ترك الخداع من كشف القناع) فأرسلتها مثلا. ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قال لها: ما وراءك يا عصام؟ قالت: صرَّح المخضُ عن الزبد. رأيت وجهاً كالمرآة المصقولة يزينها شعر حالك كأذناب الخيل.

ويضرب هذا المثل في استعلام الخبر، وقال بعضهم إنه للنابغة الذبياني الذي قال في الملك النعمان عندما كان مريضاً: ألم أقسم عليك لتخبرني/ أمحمول على النعشِ الهمامُ/ فإني لا ألومك في دخولٍ/ ولكن ما وراءك يا عصامُ/ فإن يهلك أبو قابوس يهلك/ ربيعُ الناس والشهر الحرامُ/ ونمسك بعده بذناب عِيشٍ/ أجبِّ الظهرِ ليس له سنامُ.

من يشتري سيفي وهذا أثره

 

ويضرب هذا المثل في المحاذرة من شيء قد ابتلى بمثله مرة.

قال المفضل: أول من قال ذلك هو الحارث بن ظالم المري: أنا أبو ليلى وسيفي المعلوبْ/ من يشتري سيفي وهذا أثره.

وقال الأغلب العجلي: قالت له بعض ما تسطرُهْ/ من يشتري سيفي وهذا أثرُهْ

نفس عصام سوَّدت عصاما

 

يضرب في نباهة الرجل ويقال: كن عصاميا ولا تكن عظاميا.

عصاميا بمعنى الاتكال على النفس والعظامي أن تتكل على عائلتك، والعرب تسمي العصامي (الخارجي) يعني انه خرج بنفسه من غير عون من أهله.

قال الشاعر: أبا مروان لست بخارجي/ وليس قديم مجدك بأنتحالِ

وقيل: نفس عصام سوَّدت عصاما/ وعلمته الكر والإقداما/ وصيرته ملكاً هماما

المقادير تصّير العي خطيبا

 

يروى عن الحجاج بن يوسف أنه وُصف عنده رجل بالجهل فقال في نفسه.. لأختبرنه، ثم قال له حين دخل عليه: اعصامياً أنت أم عظامياً؟ يريد.. أشرفت أنت بنفسك أم تفخر بآبائك الذين صاروا عظاما؟ فقال الرجل: عصامي وعظامي. فقال الحجاج: هذا أفضل الناس، وقضى حاجته ثم ناقشه فوجده أجهل الناس، فقال له: تصدقني وإلا قتلتك، قال له: قل ما بدا لك وأصدقك، قال: كيف أجبتني بما أجبت لما سألتك عما سألتك؟ قال له: والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر. وكان الحجاج ظن أنه أراد أن يفتخر بنفسه وبشرف آبائه. فقال الحجاج عند ذلك: (المقادير تصِّير العي خطيباً) فسارت مثلاً.

البيت لا يبتنى إلا له عمد

 

إذا كان الأساس قويا فلا خوف على البيت أن ينهار، فكل شيء يجب أن تكون له بداية قوية وأساس قوي، وهذا الأمر ينطبق حتى على بناء الأمم والشعوب. قال الشاعر: له بالخيف قد علمت معدٌّ/ وإن البيت يرفعُ بالعمادِ.

وقال آخر: والبيت لا يبنىَ إلا له عمدٌ/ ولا عماد إذا لم ترسَ أوتادُ/ فإن تجمَّعَ أوتادٌ وأعمدةٌ/ وساكنٌ بلغوا الأمر الذي كادوا.

بلغ السيل الزُبى

 

ويقال أيضا: بلغ الحزامُ الطبيينِ، و.. بلغ منه المخنَّقَ، ويضرب هذا المثل للأمر الذي يبلغ غايته في الشدة والصعوبة.

الزيبة: حفيرة تحفر في الأرض وتغطى ويجعل عليها طعم، فيراه السبع من بعيد فيأتيه، فإذا استوى عليها انقض غطاؤها فهوى فيها. وأصلها أيضاً الرابية التي لا يعلوها الماء، فإذا بلغها السيل كان جارفاً.

(المخنق: الحَلْق، الفم، وأصله في الماء يبلغ حلق الغريق).

نام عصام ساعة الرحيل

 

ويضرب هذا المثل لمن طلب الأمر بعد فوات الأوان.

ومثله: سَمّوك مسَحِّر خلص رمضان، و.. بعد العرس ما رقص، و.. كل أرض شربت ماءها، و.. الذي فات مات، و.. بعد فوات الأوان.

قال خفاف بن ندبة السلمي: فأصبحتَ تبكي على زلةٍ/ وماذا يرد عليك البكا

وقيل: فدع ذكر شيء قد مضى ليس راجعاً/ فذلك دهرٌ قد تولىَ وذا دهر.

من استرعى الذئب ظلم

 

ويضرب هذا المثل لمن يولي غير الأمين، ويجور أن يراد به ظلم الذئب حيث كلفه ما ليس في طبعه. ولكن كما جاء في مجمع الأمثال للميداني قال: قالوا: إن أول من قال ذلك هو أكثم بن صيفي، وذلك أن عامر بن عبيد بن وهيب تزوج صعبة بنت صيفي أخت أكثم فولدت له ثلاثة أولاد: ذئبا، وكلبا، وسبعا. فتزوج كلب امرأة من بني أسد ثم من بني حبيب وأغار على الأقياس وهم قيس بن نوفل وقيس بن وهبان وقيس بن جابر فأخذ أموالهم وأغار بنو أسد على بني كلب، وهم بنو أختهم، فوفد كلب بن عامر على خاله أكثر فقال: ادفع إلى الأقياس أموالهم حتى أفتدي بها بنيَّ من بني أسد، فأراد أكثر أن يفعل ذلك، فقال أبوه صيفي: يا بني لا تفعل فإن الكلب إنسان زهيد إن دفعت إليه أموالهم أمسكها وإن دفعت إليه الأقياس أخذ منهم الفداء.

ولكن تجعل الأموال على يد الذئب فإنه أمثل اخوته وأنبلهم وتدفع الأقياس إلى الكلب، فإذا أطلقهم فأمر الذئب أن يدفع إليهم أموالهم، فجعل أكثم الأموال على يد الذئب والأقياس على يد الكلب، فخدع الكلب أخاه الذئب وأخذ منه أموالهم وقال لهم: إن شئتم جززت نواصيكم وخليت سبيلكم وذهبت بأموالكم، وخليتم سبيل أولادي، وبلغ ذلك أكثم فقال: من استرعى الذئب ظلم. وأطمع الكلب في الفداء فطوَّل على الأقياس فأتاه أكثم فقال: إنك لفي أموال بني أسد وأهلك في الهوان، ثم قال: نعيم كلبٍ في هوان أهله أو يقال أيضا: نعم كلب من بؤس أهله.

كالثور يُضرب لما عافت البقر

 

كانت العرب إذا أرادوا البقر فلم تشرب لكدر الماء أو لأنه لا عطش بها ضربوا الثور ليقتحم البقر الماء. ويضرب هذا المثل في عقوبة الإنسان المأخوذ بذنب غيره.

قال الشاعر نهشل بن حري: أتترك دارمٌ وبنو عدي/ وتغرَمُ عامرٌ وهم براءُ/ كذاك الثور يُضرب بالهراوي/ إذا ما عافت البقر الظماءُ.

وقال أنس بن مدرك: إني وقتلي سُليكاً ثم أعقله/ كالثور يُضرب لما عافتِ البقرُ

نام نومة عبُّود

 

يقال إن أصل ذلك أن عبودا كان تماوَت على أهله وقال: اندبوني لأعلم كيف تندبوني ميتا فندبوه، ومات على تلك الحال. وفي رواية أخرى أن عبوداً كان حطاباً وبقي في محتطبه أسبوعاً لم ينم، ثم انصرف وبقي أسبوعاً نائماً.

ويضرب المثل لكل من نام نوماً طويلاً، حتى يقال: أنوم من عبود، ويقال أيضا: انعس من كلب، و.. أنوم من فهد، وإذا قيل فهدَ الرجل أي أكثر من النوم.

أنا غنية وأحب الهدية

 

قال الشاعر: هدايا الناس بعضهم لبعض/ تُولِّدُ في قلوبهم الوصالا/ وتزرع في القلوب هوىً ووداً/ وتكسوك المهابة والجلالا.

ويقال: محبةٌ بلا حبة ما تساوي حبة.

وأما الشاعر فقال: إن الهدية حلوة/ كالسحر تجتلب القلوبا/ تُدني البغيض من الهوى/ حتى تصيرهُ قريبا.

وقال آخر: جاءت سليمان يوم العرض هدهدةٌ/ أهدت له من جراد كان في فيها/ وانشدت بلسان الحال قائلةٌ/ إن الهدايا على مقدار مهديها/ لو كان يُهدىَ إلى الإنسان قيمته/ لكان يهدى لك الدنيا وما فيها.

قالوا في الغراب

 

الأعراب تسمي الغراب بالأعور تطيراً منه، ولكن ضرب المثل به فقيل: أصح من غراب، و.. أصبر من غراب، و.. أصفى عيناً من غراب.

قال ابن ميادة: ألا طرَقتنا أم أوسٍ ودونها/ حِراجٌ من الظلماء يعشَ غرابُها

فبتنا كأنا بيننا لطيمةٌ/ من المسك أو داريةٌ وعِابها.

(لطيمة: وعاء العطر، دارية: العطور المنسوبة إلى الهند ويقال إنها بلد في الهند).

أعطِ القوس باريها

 

أي استعن على عملك بمن يحسنه. قال الشاعر: يا باري القوس برياً لستَ تُحكمه/ لا تظلم القوس أعطِ القوسَ باريها.

ويقال: الآن حين تَعاطىَ القوسَ باريها.

قال أبي بن حمام المري: فخلّ مكانا لم تكن لتسدهُ/ عزيزاً على عبس وذيبانَ ذائدُهْ

وقيل: استعينوا على كل صناعة بأهلها.

الجمعة، 24 يناير 2025

قصة الملك و فيروز

 قصة الملك وفيروز


حكي أن بعض الملوك طلع يوما إلى أعلى قصره يتفرج فلاحت منه التفاتةفرأى امرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير الراؤون أحسن منها فالتفتإلى بعض جواريه فقال لهم : لمن هذه ؟ فقالت إحداهن : يا مولاي هذه زوجةغلامك فيروز .. قال : فنزل الملك وقد خامره حبها وشغف بها فاستدعى بفيروز.


وقال له : يا فيروز .


قال : لبيك يامولاي .


قال : خذ هذا الكتاب وامض به إلى البلد الفلانية وائتني بالجواب .

فأخذ فيروز الكتاب وتوجه إلى منزله فوضع الكتاب تحت رأسه وجهز أمرهوبات ليلته فلما أصبح ودع أهله وسار طالبا لحاجة الملك ولم يعلم بما قددبره الملك .


وأما الملك فإنه لما توجه فيروز قام مسرعا وتوجه متخفيا إلى دار فيروز فقرعالباب قرعا خفيفا .


فقالت امرأة فيروز : من بالباب ؟

قال : أناالملك سيد زوجك .


ففتحت له فدخل وجلس .

فقالت له : أرى مولانا اليوم عندنا


فقال : زائر .


فقالت : أعوذ بالله من هذه الزيارة وما أظن فيها خيرا .

فقال لها : ويحك إنني الملك سيد زوجك وما أظنك عرفتني .


فقالت : بل عرفتك يا مولاي ولقد علمت أنك الملك ولكن سبقتك الأوائلفيقولهم :


سأترك ماءكم من غير ورد * وذاك لكثرة الوراد فيه

إذا سقط الذباب على طعام * رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماء * إذا كان الكلاب ولغن فيه

ويرتجع الكريم خميص بطن * ولا يرضى مساهمة السفيه


وما أحسن يا مولاي قول الشاعر :


قل للذي شفه الغرام بنا * وصاحب الغدر غير مصحوب

والله لا قال قائل أبدا * قد أكل الليث فضلة الذيب


ثم قالت : أيها الملك تاتي الي موضع شرب كلبك تشرب منه.


قال : فاستحى الملك من كلامها وخرج وتركها فنسي نعله في الدار .


هذا ما كان من الملك وأما ما كان من فيروز فانه لما خرج وسار تفقد 

الكتاب فلم يجده معه في رأسه فتذكر أنه نسيه تحت فراشه فرجع إلى دارهفوافق وصوله عقب خروج الملك من داره فوجد نعل الملك في الدار 


فطاش عقله وعلم أن الملك لم يرسله في هذه السفرة إلا لأمر يفعله فسكتولم يبد كلاما وأخذ الكتاب وسار إلى حاجة الملك فقضاها ثم عاد إليه فأنعمعليه بمائة دينار فمضى فيروز إلى السوق واشترى ما يليق بالنساء وهيأ هديةحسنة وأتى إلى زوجته فسلم عليها


وقال لها : قومي إلى زيارة بيت أبيك .


قالت : وما ذاك ؟

قال : إن الملك أنعم علينا وأريد أن تظهري لأهلك ذلك .

قالت : حبا وكرامة .


ثم قامت من ساعتها وتوجهت إلى بيت أبيها ففرحوا بها وبما جاءت به معهافأقامت عند أهلها شهر فلم يذكرها زوجها ولا ألم بها فأتى إليه أخوها


وقال له : يا فيروز إما أن تخبرنا بسبب غضبك وإما أن تحاكمنا إلى الملك .

فقال: إن شئتم الحكم فافعلوا فما تركت لها علي حقا .


فطلبوه إلى الحكم فأتى معهم وكان القاضي إذ ذاك عندالملك جالسا إلىجانبه.


فقال أخو الزوجه: أيد الله مولانا قاضي القضاة أني أجرت فيروزبستانا سالمالحيطان ببئر ماء معين عامرة وأشجار مثمرة فأكل ثمره وهدم حيطانهوأخرببئره .


فالتفت القاضي إلى فيروز

وقال له: ما تقول يا غلام ؟


فقال فيروز: أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن ماكان .

فقال القاضي: هل سلم إليك البستان كما كان.


قال: نعم ولكن أريد منه السبب لرده.


قال القاضي: ما قولك ؟


قال: والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه وإنما جئت يوما من الأيامفوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراما للأسد .


قال: وكان الملك متكئا فاستوى جالسا


وقال: يا فيروز ارجع إلى بستانك آمنا مطمئنا فوالله ان الأسد دخل البستان ولميؤثر فيه أثرا ولا التمس منه ورقا ولا ثمرا ولا شيئا ولم يلبث فيه غيرلحظةيسيرة وخرج من غير بأس ووالله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد احترازا منحيطانه على شجره .


قال: فرجع فيروز إلى داره ورد زوجته ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيء من ذلكوالله أعلم .

قصة ساجر الرفدي العنزي و جاره خليف

  وهالقصة   بعد   وهي   من   طرائف   القصص   اللي   صارت   للشيخ   ساجر   الرفدي  .. من   القصص   والعلوم   اللي   صارت   لساجر   الرفدي   م...