لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد
وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد
وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً
إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها
وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد
أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني
عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد
فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها
حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد
حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها
وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد
غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها
حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما
حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد
طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا
مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد
سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى
تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد
وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها
وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد
قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن
شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد
نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً
ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد
قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا
فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند
إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوى
صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد
إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا
إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد
حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت
عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا
ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد
تمنى عمر في هذه القصيدة لو انجزت هند ما وعدته اياه وهو اللقاء الذي طال، كي تشفي الم الحرمان، وهذا الامر يدل على انها شخصية مستبدة ولا تفي بالوعود، لكن حتى المستبد كما يصف الشاعر يستبد مرة واحدة او مرتين ثم يتوقف، لكن هند لا تتوقف عن ذلك، والاستبداد التي اتصفت به هند كان من شدة جمالها، واعتدادها بنفسها، فكانت تجلس بين اقربائها تستحم متباهية بجمالها، وتتساءل هل ما يقوله عمر عن وصف جمالها صحيح، لكن يأتيها الرد بطريقة خبيثة من نسوة لا يقللن شيء عن حنكتها بأن الجمال شيء نسبي والجميل يكون جميلًا بعين المحب، لكن ردهم هذا كان بداعي الحسد.
ثم يصف الشاعر جمال هند، وهي امرأة جميلة، لينة الملمس، لذيذة المذاق، بيضاء الاسنان، اما عينيها ففي طرفيهما شدة بياض وسواد، والعنق ناعم، وفي الصيف تنبعث برودة من جسمها، وفي الشتاء تكون دافئة لمحبوبها، كي لا يشعر بالبرد