جاء في الأثر، إن أحد خلفاء مصر استدعى الشعراء? فصادفهم إعرابي شاعرفقير بيده جرة فارغة ذاهباً إلى البحر ليملأها ماء، فتبعهم إلى أن وصلوا إلىدارالخليفة، فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم? ولما رأى الرجل والجرةعلى كتفه ونظر إلى ثيابه الرثة قال: من أنت؟ وما حاجتك؟ فأنشد الرجل:
ولما رأيت القوم شدوا رحالهم
إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي
فقال الخليفة: املأوا له الجرة ذهبا وفضة... فحسده بعض الحاضرين، وقال:هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال? وربما أتلفه وضيعه، فقال الخليفة: هوماله يفعل به ما يشاء وخرج إلى الباب ففرق المال على جميع الفقراء وبلغالخليفة ذلك فاستدعاه وسأله عن ذلك فقال:
يجود علينا الخيرون بمالهم
ونحن بمال الخيرين نجود
وانتهت الرواية بقصيدة للشاعر الإعرابي الفقير جاء فيها بيتان من ذهب:
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تُقضى على يده للناس حاجات
فمات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فكم من شاب طموح يحمل فكرا نيرا قد يعود بفوائد عظيمة على الناس شدرحاله عبر مبادرات يرفعها لأصحاب القرار ولكن «البريستيج» و«مزمار الحيلا يطرب» قد حجبت الخير عن السواد الأعظم.
هل هناك فروق واضحة بمعنى هل هناك تمييز بين دعاة الإصلاح؟ وهل كل منيدعي الإصلاح محق مخلص في عرضه؟
الشاهد إننا نحسد المواطن البسيط على بساطته بالضبط كما حصل مع ذلكالإعرابي، ألا أن حنكة أصحاب القرار في السابق من العصور مختلفة وقد يعودالسبب لنوع البطانة وطبيعة العصر.
الزبدة:
إننا نحتاج إلى قضاء حاجات الناس... نسعى وغيرنا لدراسة الأوضاع عبرأسس علمية، ولا ينقص أحبتنا أصحاب الفكر والرؤى النيرة سوى «ضوءأخضر» من أصحاب القرار لدخولهم وعرض فكرهم الذي يحتاجه الصغيروالكبير? الغني والفقير وجميع مؤسسات الدولة العام منها والخاص.
يا قوم... إليس منكم رجل رشيد؟
وهل من بين أصحاب القرار أو من «يمون عليهم»، من يستطيع فهم المعادلة؟
المعادلة بسيطة جداً... عندما يغيب الإخلاص لا ينفع التعب وتذهب الأموالالطائلة أدراج الرياح، ولا يصلح الأحوال أشخاص مؤهلاتهم لا ترقى إلىمستوى البسطاء ممن اكتظت عقولهم بمزيج من الخبرة والمعرفة والنزاهةوالإخلاص في العمل، ألا أنهم لا يملكون أداة «الواسطة» التي تفتح الأفق أمامفكرهم الإبداعي.
وعليه? نتمنى أن يجود علينا أصحاب القرار بعطائهم «ليس مالا من فضةوذهب»، بل فرصة لو اتخذناها لأصبحنا في مصاف الدول المتطورة ووجدناالكويت في مقدمة المؤشرات الدولية وحسن النظم المتبعة في اختيار القياداتوالإجراءات التي تحيطها حوكمة تضمن حقوق العباد في الحصول على جودةالتعليم بشقيه العام والخاص? الخدمات الصحية وكل خدمة يحتاجها المواطنوالمقيم وفق منظومة إلكترونية تتيح لك إجراء معاملتك عن بُعد وغيره الكثير... الله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi
https://www.alraimedia.com/article/808494/مقالات/ولما-رأيت-القوم-شدوا-رحالهم