الخميس، 31 أغسطس 2023

قصة النعمان بن المنذر وحنظلة الطائي

 ذكر الميداني في كتابه «مجمع الأمثال» قصة جرت للنعمان بن المنذر، اذ خرجيوما يتصيّد على فرسه اليحموم، فطارد حماراً وحشياً، وشذ عن رفاقه، وأمطرتعليه السماء، فطلب ملجأ، فجاء الى بيت وجد فيه رجلا من طيئ يقال له حنظلةومعه امرأة له، فذبح الطائي له شاة وأعد له خبزاً فأطعم ضيفه ولم يكن يعرفه،فلما اصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال: يا أخا طيء: أطلب حاجتك،فأنا النعمان، قال الطائي: أفعل ان شاء الله، ثم مضى النعمان ولحق بصحبهبالخيل الى الحيرة.. ومكث الطائي بعد ذلك زمنا حتى اصابته معسرة، وساءتحاله، فقالت له امرأته لو اتيت الملك لاحسن اليك.

فذهب الطائي الى الحيرة، فوافق مجيئه يوم بؤس النعمان، فلما رآه النعمانعرفه، فقال له: أفلا جئت غير هذا اليوم، قال الطائي:

أبيت اللعن يا مولاي وما كان علمي بهذا اليوم؟

قال النعمان والله لو سنح لي في هذا اليوم قابوس ابني لم اجد بُداً من قتله،فاطلب حاجتك من الدنيا، وسَلْ ما بدا لك؛ فانك مقتول، قال أبيت اللعن يا مولايما أصنع بالدنيا بعد نفسي.

قال النعمان ان لا سبيل اليها، فقال الطائي: ان كان لابد فأجلني أُلمَّ بأهليفأُوصي إليهم وأُهيئ حالهم، ثم أعود اليك.

قال النعمان اقم لي كفيلا على ذلك، فالتفت الطائي الى رجل اسمه شريك بنعمرو بن قيس، وكان يُكنى ابا الحوفزان، وهو واقف على رأس النعمان، فقال لهالطائي:

يا شُريكا يا ابن عمرو

هل مِن الموتِ مَحَالة 

يا أخا كل مُضَافٍ 

يا أخا مَنْ لا أخا له 

يا أخا النعمان فُكَّ

اليوم ضَيْفاً قد أتى له 

فأبى شريك ان يتكفل به، فوثب اليه رجل من كلب يقال له قراد بن أجدع، فقالللنعمان: أبيت اللعن، هو علي، فضمَّنه اياه، ثم امر النعمان للطائي بخمسمئةناقة، فمضى بها الطائي الى اهله، وكان الاجل حولا، من يومه ذلك الى مثل ذلكاليوم من قابل، فلما حال على الطائي الحول وبقي من الاجل يوم قال النعمانلقراد: ما اراك إلا هالكا غدا، فقال قراد:

فإن يكُ صدر هذا اليوم ولّى

فان غداً لناظره قريب


ويقول فيها:

عســــى الكـــرب الذي أمســيت فيه

يـــكـــــون وراءه فـــــرج قريـــــب

فإن يك صدر هذا اليوم ولّى

فان غدا لناظره قريب

على ان المنية قد توافي

لوقت والنوائب قد تنوب


وفي العقد الفريد قول هُدْبة:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

فيأمن خائف ويفك عان

ويأتي أهله النائي الغريب


وكان النعمان يشتهي ان يقتل قراد ليفلت الطائي، وبينما كان قراد يعد للقتل اذظهر لهم شخص من بعيد، وكان ذلك الشخص هو الطائي، فقال له النعمان: ماالذي حملك على الرجوع بعد افلاتك من القتل؟… قال الطائي: الوفاء، ثم عفا عنهالنعمان، وقال الطائي يمدح قراد بن أجدع:

ألا إنما يسمو الى المجد والعلا

مخاريق امثال القراد بن أجدعا

مخاريق امثال القراد واهله

فانهم الاخيار من اهل تُبَّعا


٭٭٭

أما شريك الذي اختاره الطائي ليكون له ضامنا فامتنع فقد عابه جلساء الملك،كيف يرفض ان يكفل ضيف النعمان بعد ان وثق به، وكبر قراد عند قومه وجلساءالنعمان.

ومن مكارم العرب ان يثق المرء فيمن يختاره بين نخبة من الرجال.

وهذه من قصص الوفاء عند العرب والا كيف يعود الى نيل حتفه بعد ان انطلقنحو الحرية، وبعد عن الموت المحتوم ولديه مال قد منحه اياه النعمان بن المنذر.


قصص من الخيال الغول و العنقاء

  الغول والعنقاء والخل الوفي 3 دقائق للقراءة قالت العرب قديماً إن المستحيلات ثلاث هي: الغول والعنقاء والخل الوفي.. نظرة متشائمة في حضارة احت...