رجل يفحم الحجاج
أدخَلوا على الحجاج بن يوسف الثقفي رجلا مُقَيّدا، فقال له الحجاج : ما شأنُكَ يا هذا ؟�فقال الرجل : أصلح الله الأمير، أرعني سمعك، واغضض عني بصرك، واكفف عني سيفك، فإن سمعت خطأ أو زللاً دونك والعقوبة.�قال : قل .�فقال : عصى عاصٍ مِن عُرض العشيرة ؛ فحُلِّقَ على اسمي (أي جُعلت حلقةٌ على اسمه في الدولة، كما نقول الآن وُضع في القائمة السوداء أو وُضعت عليه نقطة)، وهُدِّمَ منزلي، وحُرِمتُ عطائي (عطائي من بيت المال). (مجمل كلامه أنّه أُخذ بذنب غيره)�قال الحجاج : هيهات هيهات، أو ما سمعت قول الشاعر :�جانيك من يجني عليك وقد --
تعدي الصحاحَ مباركُ الجُربِ
ولَربَ مأخوذ بذنب عَشيرة --
ونَجا المقارفُ صاحب الذنبِ ... ؟��قال الرجل : أصلح الله الامير، ولكني سمعت الله عز وجل يقول غير هذا!�قال : وما ذاك ؟�قال : قال عز وجل "
ياأيها العزيزُ إن له أباً شيخاً كبيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مكانهُ إنًا نَراك مِن المُحسنين، قال معاذ اللهِ أنْ نأخُذَ إلا مَن وَجدنا مَتاعَنا عِندهُ إنًا إذاً لظالمون".�فقال الحجاج : عَليَّ بيزيد بن أبي مسلم، فمثل بين يديه.�فقال له : افكُك لهذا عن اسمه، واصكك له بعطاء، وابن له منزله، ومُر منادياً ينادي : صدق الله وكذب الشاعر .